أجمع وزراء ومسؤولو هيئات إفريقية وخبراء على أن تكون الجزائر منطلق الحرب ضد البطالة في إفريقيا التي تتطلع إلى التنمية وفق نماذج ناجحة. وليس من الصدفة أن يتم اختيار الجزائر حسب مفوضين عن الاتحاد الإفريقي لاحتضان الدورة الثانية للجنة الوزارية للاتحاد الإفريقي المختصة في التنمية الاجتماعية والعمل والتشغيل وهي التي لطالما بسطت الأمن بدول القارة بفضل صانع السلام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أشرف على الافتتاح الرسمي للدورة الوزارية، دعا إلى جعل خصائص إفريقيا مصادر قوة وليس عوائق للتنمية، مطالبا أثرياء العالم والدول المتقدمة بإعداد برامج دعم وتمويلات لإفريقيا التي يبقى استقرارها ضروريا للسلام العالمي. ورافع الوزير الأول عبد المالك سلال أمس، أمام وزراء وخبراء وتنظيمات عن 39 دولة إفريقية، من أجل ديناميكية إفريقية لصالح التشغيل وتعميم الضمان الاجتماعي، داعيا إلى إرساء حوار دائم بين الحكومات والشركاء الاجتماعيين وأرباب العمل، يسمح بتقريب وجهات النظر وتحديد الأولويات والعمل الجامعي لتحقيق الأهداف المسطرة. الوزير الأول الذي افتتح رسميا أشغال الدورة الثانية للجنة الاتحاد الإفريقي التقنية المختصة في التنمية الاجتماعية والعمل والتشغيل والتي كانت قد انطلقت يوم 24 من الشهر الجاري في ورشات مغلقة، أشار إلى أن الفوائد المتوقعة من ديناميكية إفريقيا في صالح التشغيل وتعميم الضمان الاجتماعي كثيرة ومتنوعة، مشيرا إلى ضرورة توفير دخل مستقر يسمح بتثبيت السكان ويقلل من الهجرة ومن الأنشطة الإجرامية وغير الشرعية ويخفف من الصراعات كما يزيد في حيوية السوق المحلية والاقتصاد. استقرار إفريقيا هام ودعم الأثرياء لها ضروري قضية التشغيل التي شكلت محور اهتمام الأفارقة المجتمعين، هي مسؤولية كبيرة يقع حلها على الأفارقة حسب الوزير الأول الذي أكد في السياق أن الدول المتقدمة يجب أن تدرك أن استقرار القارة وتقدمها يخدم السلام ويزيد في الثروة العالمية ويحافظ على التوازن البيئي في الكوكب.. وعليه فمن الضروري - يقول - إعداد وتنفيذ برامج مساعدة مستعجلة في مجال التنمية لصالح الدول الإفريقية وفي مستوى تمويل يساوي على الأقل ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية لسنة 2008. إفريقيا، وعلى الرغم من الأزمات والمشاكل التي عرفتها ولا تزال في السنوات الأخيرة، تعرف نتائج حسنة في التنمية البشرية رغم الأزمة الاقتصادية العالمية والاضطرابات الأمنية في بعض مناطق القارة حسب تأكيد السيد سلال، مشيرا إلى أن طموح سكان القارة وقادتها يجب أن يكون أكبر إذا أردنا رفع التحديات التي تفرضها علينا العولمة والحفاظ على المنظومات الوطنية الاجتماعية وترقيتها، داعيا في السياق إلى إرساء حوار دائم بين الحكومات والشركاء الاجتماعيين وأرباب العمل يسمح بتقريب وجهات النظر وتحديد الأولويات والعمل الجماعي لتحقيق الأهداف المسطرة. الاتحاد الإفريقي، تطور في الآليات وقنوات الحوار وفي كلمته التي ألقاها، أكد السيد سلال أن التطور المتواصل في هياكل الاتحاد الإفريقي وآليات عمله جعلت من هذه اللجنة المختصة «فضاء حوار وتعاون فعّال ونشيط» في عديد القضايا التي تشغل شعوب القارة كالبطالة وسوق العمل والحوار الاجتماعي وإدماج المرأة ومحاربة استغلال الأطفال والضمان الاجتماعي وأمراض العمل، موضحا أن الموضوع الذي تم اختياره لهذه الدورة «بالغ الأهمية» على اعتبار أن الاستثمار في التشغيل والضمان الاجتماعي للاستفادة المثلى من العائد الديموغرافي يوافق المسعى العام لحكومات القارة، الرامي إلى جعل خصائص إفريقيا مصادر قوة ليس عوائق للتنمية. فالأمر - يضيف الوزير الأول - يشمل إضافة إلى السكان الأوضاع الجغرافية والجيوسياسية والثقافية، مؤكدا بالقول «علينا أن نثق في أنفسنا ونراهن على قدراتنا الذاتية وعلى رأسها العنصر البشري»، مضيفا أن تعميم التغطية الاجتماعية يزيد من نجاعة المنظومة الطبية ويسمح بمواجهة الأوبئة ويرفع مستوى التغطية الصحية، فالاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والبنية الأساسية كالنقل والاتصال سيكون له أثر طيب على أداء العامل الإفريقي الذي يحتاج كذلك إلى تكوين وتأهيل متواصل يمكنه هو والمؤسسة التي تشغله من التأقلم السريع مع متغيرات الاقتصاد العالمي وإدماج التطور التكنولوجي المستمر يقول سلال. العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي نموذج لاقتصاد ناشئ ومتنوع الجزائر ليست النموذج الناجح في إقرار مبادئ السلم والمصالحة والمساواة بين الجنسين ومسائل أخرى فقط، بل تتعداه إلى الشق الاجتماعي، حيث وجه الوزير الاول أنظار الأفارقة إلى ما تم تحقيقيه ضمن الإطار الثلاثي الذي يجمع دوريا ويضم الحكومة والنقابات وأرباب العمل، وهو الإطار الذي يسمح بصياغة عقد وطني اقتصادي واجتماعي، يهدف إلى الحفاظ على المكاسب الاجتماعية وبناء اقتصاد وطني ناشئ ومتنوع. وعبّر الوزير الأول عن اعتزاز الدولة الجزائرية بهذا بالإطار الثلاثي الذي يجمع أطراف الثلاثية منذ سنة 1991 والذي سمح في 2013 بصياغة عقد وطني اقتصادي واجتماعي من أجل النمو تم إيداعه لدى المكتب الدولي للعمل، مشيرا إلى أن هذا العقد يهدف إلى الحفاظ على المكاسب الاجتماعية وبناء اقتصاد وطني ناشئ ومتنوع خالق للثروة ومناصب العمل المستدامة. للتذكير، تنظم هذه الدورة التي تجري تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من طرف وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي تحت شعار «الاستثمار في التشغيل والضمان الاجتماعي للاستفادة من العائد الديموغرافي». علما أن لجنة الاتحاد الافريقي التقنية المختصة في التنمية الاجتماعية والعمل والتشغيل تعد من بين اللجان التقنية المتخصصة ال14 للاتحاد الافريقي وتجتمع هذه اللجنة مرة كل سنتين.