وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، دعوة إلى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لزيارة الجزائر، داعيا إياهما إلى «ترقية ديناميكية لإقامة شراكة ذات فائدة متبادلة بين البلدين»، وفق ما جاء في الندوة الصحافية التي عقدها وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، مع نائب المستشارة ووزير خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية غابريال زيغمار المعين حديثا. دعوة رئيس الجمهورية الرئيس الألماني لزيارة بلادنا تعد الأولى من نوعها، كما تأتي بعد الزيارة التي كانت مبرمجة للمستشارة الألمانية شهر فيفري الماضي، قبل أن يتم تأجيلها لوقت لاحق بعد الوعكة الصحية التي ألمت برئيس الجمهورية. تحمل هذه الدعوة ملامح أفق جديدة في علاقات التعاون بين الجزائر وبرلين في ظل تنويع الشراكة الثنائية التي تتمسك بها بلادنا مع مختلف الشركاء في الضفة الأخرى لا سيما ألمانيا. هذه الأخيرة لم تتردد في التأكيد جهارا بأن للجزائر مكانة خاصة لألمانيا خلاف الدول المغاربية الأخرى، مثلما جاء ذلك في تصريح لميركل خلال زيارتها الأولى للجزائر سنة 2008. لعمامرة الذي سلم رسالتين لنظيره الألماني والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عقد جلسة عمل تعد الأولى من نوعها مع نائب المستشار ووزير خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية. وكانت المناسبة للتأكيد على «عدم وجود أي خلاف بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون الثنائي أكثر فأكثر». جلسة العمل تميزت أيضا بتأكيد الجانبين على ضرورة تكثيف الحوار السياسي على كل الأصعدة. وفي هذا الصدد صرح وزير الخارجية الألماني بأن «الجزائر تتوفر على طاقات كبيرة في مجال الاستثمار ليس فقط بالنسبة للمؤسسات الألمانية، بل وأيضا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي من شأنها الإسهام في تنويع الاقتصاد الجزائري وفي تعميق هذه الشراكة النوعية». الطرفان تناولا التطورات الأخيرة الحاصلة في ليبيا وسوريا، مؤكدين في هذا الصدد على «ضرورة إيجاد حل سلمي لأزمتي هذين البلدين». ولدى تطرقه للوضع في مالي، أشاد وزير الخارجية الألماني ب»الدور الفعال الذي تلعبه الجزائر وبالتزامها المتواصل من أجل تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر». الارتقاء بالتعاون الاقتصادي إلى مصاف الحوار السياسي زيارة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي إلى برلين، حملت رسائل قوية من الجزائر للارتقاء بمستويات التعاون الاقتصادي إلى مصاف الحوار السياسي الذي شهد تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، علاوة على الهجرة غير الشرعية التي شهدت مؤخرا مفاوضات بين الجانبين، مع الاتفاق على الصيغ الملائمة لعمليات الترحيل على دفعات. رغم تأجيل زيارة ميركل إلى الجزائر فقد تم عقد الدورة السادسة للجنة الثنائية المشتركة للتعاون الجزائرية - الألمانية وكذا عقد منتدى الأعمال بين مؤسسات البلدين. وأفضت اللجنة إلى تنصيب فوج عمل مختلط لإجراء تقييم سنوي لمدى تطبيق توصياتها. برلين الحليف الصناعي الجديد للجزائر الزيارة المرتقبة للرئيس الألماني إلى الجزائر من شأنها أن تستحدث إطارا نوعيا لطبيعة التعاون الثنائي، أمام الإرادة الفولاذية للألمان لإقامة شراكات إستراتيجية، والتي أضحت تنافس المشاريع الأجنبية الأخرى، في وقت تعتبر الجزائرألمانيا حليفها الصناعي الجديد والشريك التقليدي لها. زيارة الوزير الأول السيد عبد المالك سلال إلى برلين في جانفي 2016 مكنت من تحديد حوالي 30 مشروع شراكة من قبل الطرفين على المدى القريب والمتوسط، في ظل اهتمام المؤسسات الألمانية ببعض الفرص الصناعية التي تدخل في إطار سياسة التنويع الاقتصادي الوطنية كالصناعة الميكانيكية والمناولة في ميدان صناعة السيارات والطاقات المتجددة والكيمياء والصناعة الصيدلانية. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجزائروبرلين تربطهما شراكات في صناعة السيارات من نوع مرسيدس بانز بين المجمع الألماني دايملر (الشركة الأم لمرسيدس بانز) والمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية ووزارة الدفاع الوطني والمجموعة الإماراتية آبار. يتعلق الأمر ب3 مؤسسات جزائرية - ألمانية - إماراتية أنشئت في 2012 لتطوير الصناعة الميكانيكية بالجزائر وهي: المؤسسة الجزائرية لصناعة مركبات الوزن الثقيل مرسيدس بانز والمؤسسة الجزائرية لصناعة السيارات من نوع مرسيدس بانز بتيارت والمؤسسة الجزائرية لصناعة محركات مرسيدس بانز بقسنطينة. الاستثمارات الألمانية نوعية عالية وقيمة تكنولوجية رائدة يأتي ذلك في وقت سيشرع مصنع فولكسفاغن بالشراكة بين الجزائروألمانيا بغليزان بتصنيع قطع غيار السيارات شهر جوان المقبل، وذلك وفق دفتر شروط جديد سيتم الإعلان عنه لاحقا لتنظيم النشاط، وسيتم تركيب أربعة نماذج وهي فولكسفاغن غولف 7 وسيات ايبيزا وسكودا اوكتافيا وفولكسفاغن كادي وذلك بطاقة إنتاج تقدر ب12.000 وحدة سنويا خلال العام الأول، قبل أن ترتفع إلى 100.000 مركبة سنويا بعد خمس سنوات من النشاط، في المقابل ينتظر عودة مشروع مشابه لمشروع «ديزرتيك» لإنتاج الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية قريبا، وفق اتفاقية جديدة شرط التصنيع محليا ونقل التكنولوجيا للجزائر. للإشارة، بلغت قيمة التبادل التجاري بين الجزائروألمانيا 07ر3 مليار دولار سنة 2016، منها أزيد من 3 ملايير دولار كواردات جزائرية من ألمانيا ونحو 64 مليون دولار فقط صادرات الجزائر أي عجز ب94ر2 مليار دولار. خبراء اقتصاديون أجمعوا على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية لا سيما وأن ألمانيا تعد أقوى دولة صناعية في العالم بعد أمريكا والصين، داعين السلطات العمومية إلى تطوير هذه الشراكة في عدة مجالات والاستفادة من الاستثمارات النوعية عالية التأهيل لتميزها بقيمة تكنولوجية عالية مقارنة مع استثمارات الدول الأخرى. التعاون الثنائي يشكل نموذجا رائدا كونه يتقاسم مقاربة البلدين في إرساء التعاون الاستراتيجي الحقيقي وفق مبدأ رابح -رابح، علما أن ما يطبع إستراتيجية التعاون الألماني هو اتخاذه من الجانب التنموي أساس تواجده في الجزائر، إذ يشمل الجانب الصناعي والبيئي والاجتماعي والصحي.