لم تتأخر بعض حكومات الدول الغربية عن تقديم تبريكاتها للمسلمين بمناسبة شهر رمضان، معرّجة على القيم والمعاني التي تحملها هذه المناسبة، مما يؤكد قناعتها بالأبعاد الحقيقية السمحة التي يحملها الدين الإسلامي، بعيدا عن التشويهات التي طالته من قبل فئات لا تمتّ بأي صلة به، بسبب الأفعال الإجرامية التي تقع هنا وهنا، لاسيما في أوروبا، التي شهدت اعتداءات إرهابية تبنّتها جماعات وتنظيمات تقدم نفسها وتوجهاتها وانتماءاتها إلى الإسلام. الاعتداءات التي شهدتها بريطانيا مؤخرا من خلال الهجوم الإرهابي الذي وقع أمام مقر البرلمان وسط لندن شهر مارس الماضي بالإضافة إلى العملية التفجيرية التي تمت خلال مداهمة في مانشستر، لم تُثن رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تهنئة مسلمي بريطانيا، مخاطبة إياهم في بيان: «على الرغم من أيام الصيف الطويلة فإن المسلمين في جميع أنحاء بريطانيا لديهم القوة والعزم والتفاني للوفاء بواحدة من الأركان الخمسة». ماي أضافت أن «صيام رمضان يعزز إحساسا قويا بروح المجتمع، وينعكس ذلك في الطريقة التي تفتح بها المساجد أبوابها وترحب بالناس، ويتشارك الجميع في وجبة الإفطار»، مستطردة في هذا الصدد: «وهو ما عشته شخصيا في دائرتي الانتخابية (ميدنهيد)». المسؤولة البريطانية أوضحت أن شهر رمضان فرصة مهمة للناس في جميع مناحي الحياة للاجتماع معا، ومناقشة وتبادل الخبرات مع جيرانهم وزيادة الألفة وتعزيز الصداقات. الوزير الأول الكندي جاستن ترودو بعث، من جهته، برسالة مسجلة، ضمنها مباركته بحلول الشهر الفضيل لجميع مسلمي كندا والعالم. جاء في رسالته التي بدأها بكلمة «السلام عليكم»، أن رمضان المبارك هو شهر مقدس بالنسبة للمجتمع الإسلامي، وهو ذكرى نزول القرآن على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، مضيفا أنه شهر الصيام والصلاة، وشهر يشجع التطور الروحي والتأمل والتعاطف. ترودو خاطب المسلمين الكنديين بالقول إن رمضان هو أيضا نقطة التقاء جميع الجاليات بكندا، ومناسبة يلتئم فيها المسلمون مع عائلاتهم وأصدقائهم للصلاة والمشاركة في وجبة الإفطار، مردفا في هذا السياق: «هذا الشهر يذكّرنا جميعا بأن نكون ممتنين لكثير من النعم التي نتمتع بها وتدفعنا لنعطي بسخاء للآخرين في مجتمعاتنا وحول العالم». الوزير الأول الكندي لم ينس الإشارة إلى أن بلاده التي تحتفل بالذكرى 150 للاتحاد، تغتنم هذه الفرصة للتعرف على ثقافات عديدة وتقاليد ومعتقدات تجعل من كندا مكانا أفضل للعيش، مذكرا بمساهمة مسلمي كندا في جعل كندا بلدا قويا ومتنوعا. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعلى غرار أسلافه من الرؤساء الأمريكيين، لم يفوّت فرصة تهنئة مسلمي الولاياتالمتحدة وفي العالم، غير أنه اغتنم المناسبة لإدانة الهجمات الإرهابية التي شهدتها المملكة المتحدة ومصر مع حلول رمضان، مؤكدا أنها تتعارض مع روح هذا الشهر. ترامب خاطب المسلمين قائلا: «نيابة عن الشعب الأمريكي، أعرب عن تمنياتي لكل المسلمين برمضان سعيد»، مضيفا: «خلال هذا الشهر من الصوم من الفجر حتى الغروب، كثير من المسلمين في أمريكا وحول العالم سوف يجدون المعنى والإلهام في أفعال الخير والتأمل التي تقوي مجتمعاتنا. روح رمضان تقوي الوعي بالتزامنا المشترك تجاه نبذ العنف، والسعي نحو السلام وإعطاء المحتاجين الذين يعانون من الفقر والصراعات». الرئيس الأمريكي تابع يقول: «هذا العام يبدأ رمضان فيما ينعى العالم الضحايا الأبرياء للهجمات الإرهابية البربرية في المملكة المتحدة ومصر. أفعال فاسدة تتعارض بشكل مباشر مع روح رمضان، هذه الأفعال تقوي عزيمتنا لهزيمة الإرهابيين وإيديولوجيتهم المنحرفة». لدى تطرقه لزيارته المملكة العربية السعودية جدد الرئيس الأمريكي وقوف بلاده دائما «مع شركائنا ضد الإرهاب والإيديولوجيا التي تغذيه خلال شهر رمضان هذا. دعونا نكن عازمين على عدم ادخار أي جهد حتى نتمكن من تأمين مستقبل الأجيال القادمة، والتأكد من أنه سيكون خاليا من هذه الكارثة ويكونوا قادرين على العبادة والعيش بسلام». عكس السنوات السابقة، لم تجار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نظراءها في تهنئة المسلمين بعد أن كانت من السباقين في ذلك، في حين لم يظهر أثر لتهنئة الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، الذي يبدو أنه مازال يعيش تحت وقع الانتصار عقب انتخابه على رأس البلاد وبالنسبة للرئيس الروسي بوتين.