أكد وزير المالية، عبد الرحمان راوية، أمس، أن نسبة التضخم ستعرف منحنى تنازلي إلى غاية 2020، مشيرا إلى الحكومة التي تتابع باهتمام هذه الظاهرة تسعى إلى التحكم في كل العوامل المتسببة فيها. ودافع راوية أمام نواب المجلس الشعبي الوطني بشدة على خيار الحكومة اللجوء إلى التمويل غير التقليدي للخروج من الأزمة المالية، حيث أكد أن تعديل المادة 45 مكرر ستمكن الجزائر من سد العجز وإعادة التوازن لميزانية الدولة، معتبرا "طبع النقود ليس جريمة وإنما خيارا حتميا لتجنب الاستدانة الخارجية. وزير المالية الذي قدم في عرضه أول لنص مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر 03/11 المتعلق بالقرض والنقد معطيات دقيقة حول الوضعية المالية للبلاد والأهداف المتوخاة من خلال إدراج التعديل على هذا القانون، أشار في رده على انشغالات النواب أمس الجمعة إلى أن توقعات دائرته الوزارية ترتقب نسبة تضخم ب5,5 بالمائة في 2018، أي بنفس النسبة المنتظرة في نهاية 2017، ثم 4 بالمائة في 2019 و3,5 بالمائة في 2020، مبرزا في سياق دفاعه عن آلية التمويل غير التقليدي أن تأثير هذه الأخيرة على التضخم، يشكل اهتماما دائما للدولة التي تسعى إلى اجتناب كل العوامل المولدة لهذه الظاهرة. في سياق متصل، أكد ممثل الحكومة أن التمويل غير التقليدي سيوظف لدعم المشاريع التنموية، خصوصا في قطاعي الصحة والتربية مع إعادة شراء ديون مؤسستي "سونلغاز" و«سوناطراك". وبدد السيد راوية مخاوف العديد من الأطراف التي بخصوص التمويل غير التقليدي، من خلال التأكيد إلى أن اللجوء الى هذه الآلية تم اختيارها كحل حتمي بعد استنفاذ كل المساعي التقليدية في تغطية العجز المالي، مشيرا في هذا السياق إلى أن تسبيقات سيمنحها بنك الجزائر للخزينة العمومية، وهي مسقفة في حدود 10 بالمائة من الإيرادات العادية القدرة ب276 مليار دينار في 2016 و280 مليار دينار في 2017 وكذا فوائد بنك الجزائر التي دفعت للخزينة العمومية، بمبلغ 610 مليار دينار في 2016 و919 مليار دينار في 2017. وفيما أكد أن معظم الدول التي تواجه صعوبات مالية، تلجأ إلى الاستدانة الخارجية، أبرز وزير المالية التجارب التي مرت بها الجزائر في هذا المجال، والتي دفعتها إلى تبني خيار الاستدانة الداخلية، مذكرا بأن لجوء الجزائر إلى الاستدانة الخارجية في الماضي، أدى بها إلى تحمل أعباء مديونية ثقيلة وتسجيل اختلال في ميزان المدفوعات، مع ما نتج عنه من تداعيات على قطاعات الشغل والاستهلاك والاستثمار في سياق برنامج إعادة الهيكلة الذي أملته لهيئات المالية الدولية على الجزائر. كما ذكر راوية أن اللجوء إلى القروض المباشرة من البنك المركزي والمرخص لها لمدة خمس سنوات، ستصاحبه إصلاحات هيكلية هامة تمس الإطار التشريعي والجبائي ومجال ترشيد النفقات، مشددا في سياق متصل على أنه يتعين مستقبلا على كبريات المؤسسات ان تخطط استثماراتها وفق حاجاتها الحقيقية مع ضرورة احترام طريقة تسيير النفقات الميزانياتية المحددة على المدى المتوسط. الآلية الجديدة للتمويل ستكون، وفقا لنفس المسؤول مرفقة بتشكيل لجنة على مستوى وزارة المالية توكل لها مهام مراقبة ومتابعة تطبيق هذا الإجراء في الميدان، حيث سيتم في نفس الإطار، استصدار مرسوم رئاسي بخص هيكلة وتسيير هذه اللجنة التي ستكلف برصد أثار تطبيق الآلية على خزينة الدولة، مع ضمان مراقبة دائمة من قبل بنك الجزائر لأداء وآثار هذه الآلية على الكتلة النقدية وعلى مستوى التضخم وسيولة البنوك وكذا على سعر الصرف، من أجل استعمال أحسن وإعادة توجيه هذا التمويل الاستثنائي في حال تم تسجيل انحراف عن الهدف المنشود. مشروع قانون المالية 2018 يكرس اللامركزية في الاستثمار وزير المالية أكد خلال عرضه لنص مشروع تعديل قانون القرض والنقد، أن مشروع قانون المالية ل2018 يكرس لامركزية أكبر في مجال الاستثمار مع الحفاظ على استمرار المجهودات المبذولة في مجال تهيئة الإقليم والرفع من حجم الوعاء العقاري الموجه للاستثمار. كما يشجع هذا المشروع حسب الوزير، العمل على ترقية نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويضع إجراءات تهدف إلى تعزيز انتاج القطاع الفلاحي بشكل كبير، وأشار في سياق متصل إلى أن متوسط سعر برميل النفط الذي يسمح بتحقيق توازن في الميزانية العمومية خلال السنة الجارية، هو 70 دولار في حين أن سعر الحقيقي للبرميل حاليا لا يتجاوز 60 دولار. وتضمن عرض الوزير العديد من الأرقام والمؤشرات المالية التي سلطت الضوء على هشاشة الوضعية المالية للبلاد، بسبب تراجع أسعار النفط ونفاد صندوق ضبط الإيرادات، حيث تمت الإشارة إلى أن قيمة الصادرات الجزائرية من المحروقات تراجعت من 60,3 مليار دولار في 2014 الى 18,7 مليار دولار خلال السبعة أشهر الأولى من 2017 على أن تصل قيمة صادرات المحروقات مع نهاية 2017 الى 31 مليار دولار. وبخصوص الجباية البترولية المحصلة من جانفي إلى جوان 2017 ،فقد بلغت ما مقداره 1100 مليار دينار، ما يمثل 60 بالمائة فقط من الحجم المحصل خلال نفس الفترة من 2014، أما عن احتياطات الصرف التي قدرها الوزير الأول ب103 مليار دولار نهاية أوت الفارط، فهي معرضة للتراجع إلى 97 مليار دولار مع نهاية 2017، حسب السيد راوية الذي لفت في سياق متصل إلى أن تقلص الموارد المالية للدولة، ساهم في تسجيل تراجع كبير في نفقات التجهيز بين 2015 و2016 لكن في نفس الوقت تم تسجيل ارتفاع في نفقات التسيير المشكلة بنسبة 80 بالمائة من كتلة الأجور والتحويلات الاجتماعية، موضحا بأن برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانياتية الذي سيرافق التمويل غير التقليدي، سيسمح بتحقيق توازنات في ميزانية الدولة وميزان المدفوعات مع انقضاء الأجل المحدد في مشروع القانون .