تشهد مؤسسات الصحة الجوارية هذه الأيام، توافد عدد كبير من المواطنين في الساعات الأولى من الصباح، قصد التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، وهو ما وقفت عليه «المساء» لدى زيارتها لعدد من المصالح الاستشفائية الجوارية بالعاصمة، وهو ما يعكس الوعي بأهمية هذا الموعد الصحي، خاصة عند الفئات المعنية به، على غرار المسنين والحوامل والأطفال. البداية كانت من المؤسسة الاستشفائية الجوارية التابعة لبلدية بوزريعة، حيث أكد العاملون بها أن «الإقبال كبير على طلب التلقيح، خاصة في الفترة الصباحية، لأن أغلب المقبلين عليه من فئة المسنين الذين يحبذون دائما قضاء حوائجهم في وقت مبكر، لتفادي الزحام، من أجل هذا يختار الأغلبية التردّد على المصلحة صباحا». ولدى احتكاك «المساء» بعدد من المسنين، أكدوا أن التلقيح بالنسبة لهم تحول إلى سنة حميدة، فما إن يحل شهر أكتوبر حتى يشرعون في السؤال عن موعد انطلاقه، وهو ما أكده «عمي محمد» المصاب بالسكري، حيث أشار في معرض حديثه إلى أنه اهتم بالتلقيح منذ إصابته بداء السكري، بعد أن أوصاه طبيبه بضرورة التلقيح، لتفادي بعض التعقيدات التي قد تصيبه، جراء الإصابة بالانفلونزا الموسمية. وهو ما أكده مسن آخر يعاني من اضطرابات في الجهاز التنفسي، وأوضح أن التلقيح جعل إصابته بالأنفلوزا طفيفة، لذا يحرص دائما على موعد التلقيح، مشيرا إلى أن الحملات التحسيسية على مستوى أجهزة الإعلام ذكرته بالموعد. 1200 جرعة تم حقنها بلغ عدد الجرعات التي تم حقنها منذ انطلاق الحملة في 15 أكتوبر المنصرم، 1200 جرعة، حسب مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببوزريعة، محمد قندوز، الذي أكد في حديثه ل»المساء»، أن المصلحة اقتنت 6900 جرعة تم استعمال 20 بالمائة منها، وهو رقم كبير يكشف عن مدى الوعي لدى مختلف فئات المجتمع المعنيين بالعملية. مشيرا إلى أن المؤسسة الصحية ببوزريعة قامت في إطار تسهيل عملية التلقيح، بتخصيص أقسام خاصة يقصدها المعنيون بالعملية، حيث يخضع المعني للفحص الطبي، للتأكد من عدم إصابته بالأنفلونزا، ومن ثمة يجري تلقيحه، مؤكدا في السياق أن العملية شملت في مجملها الفئات التي كانت متعودة على التلقيح، من المسنين خاصة والحوامل. وردا عن سؤال حول مدى الإقبال على عملية التلقيح هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، أكد محدثنا أنه كبير، وهو ما تعكسه الأرقام المسجلة في بداية عملية التلقيح، ويرجع ذلك إلى نجاح الحملات التحسيسية التي بادرت إليها وزارة الصحة عبر مختلف وسائل الإعلام، موضحا أن العمل التحسيسي جعل عددا كبيرا من المعنيين بالتلقيح يلتحقون بالمؤسسات الجوارية، قبل انطلاق الموعد للسؤال عنها. مشيرا إلى أن التلقيح يخص أيضا الأشخاص البالغين من الشباب، غير أن الأولوية عموما للمسنين والحوامل والأطفال لتجنب حالات الوفاة. التلقيح في الصيدليات لتجنب الطوابير في سياق متصل، لا يتوقف الإقبال على التلقيح على المصالح الاستشفائية فقط، بل تشهد الصيدليات بدورها إقبالا كبيرا طلبا للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، وهو ما وقفت عليه «المساء» لدى زيارتها لعدد من صيدليات العاصمة، حيث أكد العاملون فيها أنه ومنذ انطلاق الحملة يجري تلقيح من 5 إلى 10 أشخاص في اليوم، وعادة ينحصر طلب التلقيح على كبار السن من الذين يفضلون التلقيح بالصيدليات، تجنبا للوقوف في طوابير وانتظار دورهم. وحسب صيدلية بالعاصمة، فإن عملية التلقيح يجري فيها التمييز بين حالتين، في الأولى إذا كان المعني متعودا على التلقيح يجري مباشرة تلقيحه، شرط أن لا يكون مصابا بالأنفلونزا. أما في الحالة الثانية فيطلب منه إن كان غير متعود على ذلك، الخضوع لفحص طبي أولا، مشيرة إلى أن سعر الحقنة الواحدة يكلف 680 دج. في المقابل، أكدت صيدلانية أخرى أن الوعي بأهمية التلقيح دفع ببعض الشباب والأصحاء إلى طلب التلقيح من منطلق الخوف من العدوى، للحد من آثارها. مشيرة إلى أن المجتمع لا يزال بحاجة إلى مزيد من التوعية، لأن الأغلبية لا زالت تسأل عن مدى فعالية أهمية هذه التلقيحات، خاصة أن البعض يدعي بأنها من دون جدوى، وأن الملقحين يصابون أيضا بالأنفلونزا، موضحة أن التلقيح لا يعني عدم الإصابة بالأنفلوزا، غير أن الأعراض تكون بدرجة أقل. 80 بالمائة مسنون وحوامل من جهته، أكد فيصل أوحدة، رئيس جمعية مرضى السكري، أن الجمعية بادرت قبل انطلاق الحملة بالقيام بعمليات تحسيس واسعة لتوعية عامة الناس، والمرضى خصوصا، بأهمية هذا الموعد السنوي. وأردف أن عمل الجمعية لا يتوقّف عند انطلاق الحملة، بحكم أن عددا كبيرا من المواطنين يملكون معلومات مغلوطة عن التلقيح، بينما البعض الآخر يجهلون مواعيد انطلاقها أو يهملونها، من أجل هذا يقول «بادرنا حتى بعد انطلاق الحملة إلى القيام بعدد من الحملات التحسيسية في عدد من البلديات، يشرف عليها أطباء مختصون يقومون من جهة بالتشخيص للبحث عن حالات جديدة مصابة بالسكري، كما يجري التذكير بأهمية التلقيح، خاصة بالنسبة للفئة المسنة أو المصابة بالأمراض المزمنة، وفي النتيجة بلغ الإقبال على التلقيح نسبة 80 بالمائة، خاصة عند الحوامل والمسنين». وحول أهمية التلقيح بالنسبة لمريض السكري، جاء على لسان محدثنا أن الجمعية تسعى من خلال المختصين من الأطباء إلى دعوة كل المرضى للتلقيح، الذي يعتبر إجباريا بالنسبة لهم، لأن عدم التلقيح يعني الإصابة بالأنفلونزا التي يكون أحد أهم نتائجها؛ الإصابة باختلال في السكري، يؤدي إلى ارتفاع مستواه في الدم، بالتالي كل المرضى مطالبون بالتلقيح، خاصة أنه يتم بالمجان، ومتوفر في كل المصالح الاستشفائية. من جهة أخرى، وجه أوحدة نداء إلى وزارة الصحة لفتح الباب على مصرعيه للحركات الجمعوية، من أجل العمل بالتنسيق مع وزارة الصحة، فيما يخص التوعية والتحسيس، لاسيما أن بعض الأفراد لا يزالون يجتنبون التلقيح بالنظر إلى انتشار بعض المفاهيم غير الصحيحة، التي تشير إلى عدم فعالية التلقيح أو أنه يشكل خطورة على الملقح.