تمثل الطفلة الفلسطينية عهد التميمي، يوم غد، أمام محكمة عسكرية إسرائيلية للرد على التهم الموجهة لها بلطم جندي إسرائيلي في سابقة لم يعرفها جنود الاحتلال تناقلتها مختلف تلفزيونات العالم. ورغم أن عهد، بوجهها الملائكي وابتسامة البراءة التي كانت لا تفارق محياها تدرك حجم العقوبة التي تنتظرها أمام هيئة «عدالة» الجور الإسرائيلي إلا أنها أبانت عن شجاعة مشهود لها استمدتها من قناعتها بعدالة قضية شعبها حتى وهي داخل زنزانة السجن العسكري الذي نقلت إليه. وأرادت عهد التميمي، من خلال ذلك التأكيد أنها غير آبهة بما ينتظرها ليس فقط قبل اعتقالها والزج بها في غيابات السجن، ولكن حتى قبل أن تقدم على تحدي الجندي الإسرائيلي والوقوف أمامه بنظرة حادة حملت كل عبارات الرفض والتحدي. وهي صورة جعلتها تتحول الى إيقونة النضال السلمي الفلسطيني بعد أن أقدمت على صفع ذلك الجندي أمام الملأ وهي في سن السادسة عشر ضمن مشهد طغى على الحدث الدولي تناقلته تلفزيونات العالم ووسائل التواصل الاجتماعي. وتجرأت عهد، بنظرتها الثاقبة الحدة وشعرها الأشقر وجسمها النحيف في الوقوف في وجه ذلك الجندي الإسرائيلي المدجج بالأسلحة في خضم أحداث انتفاضة الأقصى الشريف التي تسبب فيها قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة أدبية للكيان الإسرائيلي غير مكترثة لما ينتظرها من ممارسات جلادي جيش الاحتلال وجهاز مخابراته. وهو التحدي الذي يجعل كل المتتبعين ينتظرون بشغف صورتها يوم غد أمام هيئة المحكمة العسكرية لمتابعة طريقة الرد على «قضاتها» رغم الإنهاك وظروف اعتقالها المأساوية وتجربة التحقيقات الأمنية التي خضعت لها منذ إلقاء القبض عليها. وحتى وان كانت الصفعة «التاريخية» وقعت على وجه الجندي الإسرائيلي الذي بقي مبهوتا لما حصل له إلا أنها في الحقيقة صفعة على وجه الرئيس الامريكي نفسه، ورسالة قوية من هذه الفتاة لتؤكد له أن مشعل النضال الفلسطيني لن يسقط، وأن أجيال الشعب الفلسطيني ستحمل رايته إبنا عن أب وبنتا عن أم ضمن رسالة تاريخية لرفض منطق الخنوع الذي تريد إسرائيل والولايات المتحدة فرضه عليهم للتخلي عن قدسهم رمز كفاحهم وجوهر نضالهم. والمؤكد ايضا أن عهد التميمي، التي رضعت النضال في مهدها في قرية النبي صالح بالضفة الغربية وعلى بعد كيلومترات فقط من القدس الشريف، ستبقى في ذاكرة الفلسطينيين وكل العرب على أنها وجه من وجوه الكفاح الفلسطيني تماما كما هو الأمر بالنسبة للمناضل السجين مروان البرغوثي، الذي أرعب إسرائيل وهو داخل زنزانته وقبله الشهيد الشيخ ياسين، الذي قهر الاحتلال وهو على كرسي متحرك ومثلهما آلاف الفلسطينيين الذين قضوا في ساحة الكفاح الفلسطيني منذ سبعة عقود دون يتوقف ولا شيء يوحي بأنه سيتوقف يوما ما دام هناك من هو مثل عهد التميمي. م م