أكدت الجزائر وباماكو على ضرورة تسريع تجسيد اتفاق السلم والمصالحة الوطنية في مالي المتوج عبر مفاوضات احتضنتها بلادنا لعدة أشهر، و اتفقتا على ضرورة التصدي لمختلف المخاطر التي تهدد منطقة الساحل ككل كالإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، في وقت أعرب مالي عن تطلعه للاستفادة من التجربة الجزائرية في مجالي الوئام المدني والمصالحة الوطنية من أجل وضع حد للعنف المتفشي في هذا البلد. في ندوة صحفية مشتركة عقدها الوزير الأول السيد أحمد أويحيى، بمعية نظيره المالي سوميلو بوباي مايغا، بقصر الحكومة جدد السيد أويحيى، تضامن الجزائر المطلق مع مالي في استعادة أمنه و الحفاظ على استقراره ووحدته الترابية مثلما سبق أن فعلت ذلك في أحلك الظروف التاريخية التي مر بها هذا البلد. وفي رده على سؤال حول تقييم مسار اتفاق السلم والمصالحة في مالي أشار أويحيى، إلى أنه يجري بشكل محترم كون الحوار بين الأطراف المالية التي وقعت على الاتفاق مازال قائما، مضيفا أن بلادنا تشجع الفصائل في باماكو لتحقيق المزيد من الخطوات وتجسيد محطات إضافية تجاه تكريس الأمن والسلم والاستقرار في هذا البلد. وإذ جدد رئيس الهيئة التنفيذية دعم الجزائر الدائم تجاه مالي من أجل حل معضلاته الأمنية، فضلا عن تعزيز علاقات التعاون في شتى المجالات ذكر أويحيى، في هذا السياق بالمساعدات التي قدمتها الجزائر لهذا البلد لاسيما في مجال تعزيز إمكانياته العسكرية وتكوين إطاراته في مختلف المجالات، علاوة على استعداد بلادنا لتلبية طلب مالي بخصوص استفادته من تجربتها في مجالي الوئام المدني والمصالحة الوطنية. حول هذه النقطة أكد الوزير الأول المالي الذي يقوم بأول زيارة للخارج منذ توليه المنصب أن بلده يراهن على الاستلهام من تجربة الجزائر في هذا المجال، مضيفا أن التحديات التي تعرفها مالي لا سيما في ظل تنامي ظاهرة العنف "تفرض علينا الاستفادة من نموذج الجزائر التي تحظى بمكانة هامة في المنطقة". وقال بوباي مايغا، إن الجزائر لعبت دورا مهما ومحوريا في السابق من أجل استقلال واستقرار بلده و المنطقة ككل، معربا عن ارتياحه لنتائج زيارته لبلادنا كونها سمحت بتقييم علاقات التعاون والتأكيد على ضرورة الإسراع في تطبيق اتفاق السلم والمصالحة ببلده من أجل دفع الفصائل الأخرى لوضع السلاح، موازاة مع القضاء على الجماعات الإرهابية التي تحاول تعكير أجواء هذا الاتفاق. على مستوى التعاون الثنائي نوه أويحيى، بالوتيرة التي تشهدها علاقات البلدين منذ 3 سنوات تحت إشراف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ونظيره إبراهيم أبو بكر كايتا، مذكرا في هذا الصدد بانعقاد اللجنة المختلطة الكبرى و اللجنة الحدودية وأخيرا لجنة التعاون العسكري. وفي المجال الاقتصادي يراهن الوزير الأول على أن تشهد بدورها نقلة نوعية في المستقبل، مذكرا بتواجد حاليا أكثر من 80 شركة اقتصادية وأكثر من 130 رجل أعمال على هامش المعرض الدولي المالي المقام حاليا بباماكو. وكان الوزير الأول أحمد أويحيى، تحادث أمس، مع نظيره المالي وجرى اللقاء بحضور وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، و وزير الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الإقليم نورالدين بدوي. الجزائر تلعب دورا كبيرا و أساسيا في استقرار مالي وفي تصريح له لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي، أكد الوزير الأول المالي أن "الجزائر تلعب دائما دورا كبيرا وأساسيا في استقرار مالي، حيث تدخلت مرتين على الأقل من أجل مساعدة الماليين على الالتقاء فيما بينهم سنتي 1992 و2015". في هذا الشأن أشار المسؤول المالي إلى أن ما يشكل اليوم "الحجر الأساسي" للسياسة الداخلية و الخارجية لمالي هو اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، مضيفا أن العلاقات بين البلدين "تستمد مصدرها ضمن تاريخ مشترك". كما ذكر في هذا الخصوص بأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أقام خلال سنوات الستينيات بمنطقة غاو (شمال مالي)، حيث كان يقود جبهة الجنوب لحرب التحرير الجزائرية، موضحا أن العلاقات بين البلدين " تبقى معمقة وثابتة". من جهة أخرى أشار الوزير الأول المالي إلى أن زيارته تندرج في هذا الإطار حتى تكون العلاقات بين البلدين في جميع المجالات "في المستوى" الذي بلغته العلاقات المؤسساتية، مضيفا أنه خصص أول زيارة له على الصعيد الدولي إلى الجزائر.