أجمع شركاء القطاع التربوي والرياضي بعنابة، على أن الرياضة المدرسية هي المزود الأساسي لمختلف التخصصات الرياضية على المستوى المحلي، خاصة أنها تهتم أساسا بتلاميذ المدارس الموزعين على مستوى الأطوار الثلاثة التي بإمكانها أن تقدم نخبة مدرسية وطنية تمثل الجزائر في المحافل الدولية، لكن ما تعاني منه الرياضة المدرسية بعنابة ينحصر في نقص المرافق وقاعات التدريب، وحتى المؤطرين الذين لا يخرجون من دائرة مربين شباب أو معلمين. خلال جولتنا ببعض المؤسسات التعليمية الموزعة على مستوى 12 بلدية، لاحظنا غيابا شبه كلي لقاعات الرياضة، فأغلب الابتدائيات والمتوسطات تتوفر على ساحة لعب تتحول بعد الراحة إلى ممارسة بعض الحركات الرياضية مع إطارات قطاع التربية، وهو الأمر الذي لم يستسغه بعض المختصين في هذه الرياضة، منها خاصة الأندية والفرق الرياضية التي لا يتعدى عددها 12. ورغم البرامج التي تسطرها الرابطة الولائية للرياضة المدرسية لإدماج التلاميذ في هذا القطاع، إلا أن ذلك حال دون تسجيل تحسن في مستوى الرياضة المدرسية، التي باتت تعاني في صمت هي الأخرى. حسب مختص في الرياضة المدرسية تابع لقطاع الشبيبة والرياضة بعنابة «س،خ»، فإن نقص المرافق والملاعب الرياضية التي تتوفر عليها بعض الثانويات مرتبط بسوء التسيير، خاصة أن الأغلفة المالية توجه أغلبها إلى بناء الملاعب وتجهيزها للرياضيين، دون اقتطاع جزء منها لبناء قاعات خاصة للرياضة المدرسية. ذكر المتحدث أنه بعد جلسة العمل التي عقدت السنة الماضية بين مديرية الشبيبة والرياضة وممثلي قطاع التربية، تم رسم مخطط إستراتيجي للنهوض بهذا النوع من الرياضة، عن طريق برمجة بعث نشاط 6 قاعات رياضية جديدة ستكون حاضرة بالثانويات، منها البوني وذراع الريش والحجار، فيما تبقى المتوسطات تشكو نقص هذه القاعات والملاعب المجهزة لممارسة الرياضة بمختلف أنواعها. الابتدائيات غير معنية انتقدت جمعية أولياء التلاميذ السياسة المنتهجة من طرف مديرية التربية بعنابة، لأنها تركز اهتمامها على الرياضة المدرسية في الثانويات والمتوسطات، فيما يتم إسقاط عملية ربط الابتدائيات خاصة بالتجمعات المدرسية الريفية، وحتى المتواجدة في بعض البلديات الكبرى بقاعات خاصة للطفل، أو حتى ملعب يتوفر على مختلف الإمكانيات الضرورية التي تساعده على اللياقة البدنية وتعزز معرفته لقواعد اللعب. وحسب نفس الجهة، فإن التلميذ في الطور الابتدائي يحتاج إلى مرافق ومؤطر حقيقي يتابعه ويدربه لتعلم تقنيات الرياضة. نجد عادة المعلم أو بعض المستفيدين من عقود الإدماج المهني يشرفون على تلقين الطفل بعض الحركات الرياضة بالمدرسية، وهو ما تعتبره جمعية أولياء التلاميذ بالخطأ الكبير في حق هؤلاء الأطفال، مؤكدين أن حصة الرياضة مفتوحة على الترفيه دون تقوية بنية الطفل وتنمية عقله لتعلم مهارات جديدة بإمكانها أن تصقل مواهبه في المستقبل، إلى جانب تسجيل مشكل آخر في المدارس، يتمثل في تغليب الجانب البيداغوجي على الجانب الرياضي، حيث يقضي التلميذ 6 ساعات مع البرنامج التعليمي في إنجاز البحوث ومتابعة الدروس، في حين ولا يوجد وقت للمارسة الرياضة، وإن وجد يكون المتمدرس منهكا ومتعبا جدا. الدورات بين المؤسسات التربوية شبه غائبة نجحت مديرية الشبيبة والرياضة بعنابة خلال السنة الماضية، في تنظيم مهرجان الرياضة المدرسية، حيث شارك فيه نحو 3 آلاف تلميذ وتلميذة في العديد من الرياضات، مع مشاركة الرابطة الولائية للرياضة المدرسية، حيث تم انتقاء عدد كبير من المواهب وتوجيهها في صفوف التلاميذ، بالحرص على تكوينهم وتحويلهم للتدريب في الخارج، وفي هذا الشأن اقترح المجلس الشعبي الولائي في دوراته السابقة خلال مناقشة ملف الرياضة المدرسية، فتح الدورات الرياضية وخلق تنافس بين الثانويات، إلا أن ذلك لم يتم تجسيده إلى حد الساعة. وحسب الجهات المحلية بعنابة، فإن تنظيم دورات رياضية بين الثانويات تحضر التلميذ على الانخراط في الفرق الرياضية التي تديرها مديرية الشبيبة والرياضة، خاصة أن عنابة تتوفر على العديد من بيوت الشباب والتي كان لها هي الأخرى الفضل في توفير حافلة لنقل التلاميذ، خاصة طوري المتوسط والثانوي، وتحويلهم على الأندية الرياضية والتعرف على مختلف أنواع التخصصات الرياضية، منها كرة القدم، ألعاب القوى، الشطرنج والسباحة والجمباز، وتعمل في الوقت الراهن الرابطة الولائية للرياضة المدرسية على التنسيق مع الشبيبة والرياضة ومديرية التربية، لتحسين مستوى هذه الرياضة، بوضع خطة عمل جماعية تخص الطفل منذ بلوغه 10 سنوات وإشراكه في مختلف الرياضات، ومن ثمة المشاركة في تنظيم التظاهرات في الدورة الخريفية، حيث أن عنابة ستعرف في نهاية سنة 2018 تنظيم مهرجان الرياضة المدرسية. سميرة عوام أدرار... بين نقص التأطير وقلة الدعم المالي سلطت "المساء" الضوء على واقع نشاط الرياضة المدرسية في ولاية أدرار، حيث التقت المسؤولين والمشرفين على الرياضة داخل الهياكل التربوية، بتعداد إجمالي قدر ب475 مؤسسة، منها 349 في الطور الابتدائي و68 في المتوسط و39 في الثانوي، يؤطرها حوالي 583 أستاذا في الرياضة البدنية، مع وجود أكثر من 100 ألف متمدرس يصعب تنشيطهم رياضيا. لوحظ في الطور الابتدائي أن الرياضة شبه منعدمة لعدة أسباب، منها ما يعود إلى كون المدارس تابعة للبلديات، هذه الأخيرة عاجزة عن توفير الإمكانيات والأجهزة الرياضية، أما على مستوى المتوسط والثانوي فتنشط الرياضة بصفة محتشمة لا ترقى إلى المستوى المطلوب. ويبقي معظم التلاميذ ينشطون خارج الدراسة في فضاءات مع نواد رياضية أخرى ورابطة الأحياء التي تنظم بطولات ومنافسات لأطفال متمدرسين، تتراوح أعمارهم بين 10 و17 سنة. السيد عبد الحق بومعيزة مدير التربية: ضعيفة ولم ترق إلى المستوى في هذا السياق، أكد مدير التربية أن الأنشطة الرياضية عبر جل الهياكل التربوية، ما زالت ضعيفة ولم ترق إلى المستوى المطلوب، رغم الجهد المبذول في هذا المجال، لكن يبقى هذا الأمر مرهونا بنقص وقلة الدعم المالي، حيث يتم تخصيص مبلغ لا يتجاوز 100 مليون سنتيم سنويا، في ظل وجود عدد كبير من المدارس، بالإضافة إلى نقص واضح في التأطير، ونجد في بعض الأحيان أستاذا واحدا يشرف على تنشيط وتأطير مؤسسة بأكملها. أضاف المدير الولائي أن المدارس الابتدائية بتعداد 349 مدرسة تغيب فيها كليا فضاءات رياضية، حيث أصبح التلاميذ يمارسونها في ساحة الاستراحة بحركات رياضية بسيطة، أما في المتوسط فهناك 86 متوسطة تتوفر على ملاعب من نوع "ماتيكو" فقط، منجزة بالإسمنت وأصبحت تؤثر على النشاط الرياضي وصحة التلاميذ. أشار المدير إلى أن أغلبية الثانويات تحوي قاعات رياضة مهيكلة، مما يساعد التلاميذ على ممارسة الرياضة في أجواء مريحة. وتبقي الأنشطة الرياضية قليلة من حيث الحجم الساعي المخصص وقلة التأطير، إذ يسعى القطاع إلى ترقية الرياضة المدرسية، نظرا لأهميته الصحية والذهنية. السيد محمد نغراوي رئيس مصلحة الرياضة ب«دي جي أس": نجتهد لترقيتها من جهته، أكد السيد محمد نغراوي، رئيس مصلحة الرياضة بقطاع الشبيبة والرياضة في ولاية أدرار، على الجهد المبذول في سبيل ترقية الرياضة المدرسية، من خلال تنظيم دورات رياضية لفائدة التلاميذ، خاصة في المناسبات، مع تعيين مربين في الرياضة لتقديم أنشطة داخل المدارس، فضلا عن توفير الهياكل الرياضية للتلاميذ، بالإضافة إلى دعم النوادي المدرسية، بالتنسيق التام مع الرابطة الولائية للرياضة المدرسية، التي تعمل وتستغل خلال العطل الهياكل الرياضية. أشار المتحدث إلى معاينة التلاميذ، بهدف اكتشاف المواهب وتوجيهها إلى الانخراط في نواد مهيكلة، لأنه سبق وأن أنجبت المدرسة الأدرارية للجزائر أبطالا في ألعاب القوى، مثل العداءة حورية موسي التي شاركت في بطولات إفريقية عربية وأولمبية. السيد إلياس طيب رئيس الرابطة الولائية: نقص الدعم يرهن البروز أكد السيد إلياس طيب، رئيس الرابطة، أن النشاط الرياضي المدرسي يبقي ضعيفا لعدة أسباب، في مقدمتها نقص الدعم المالي وغياب مرافق رياضية داخل المدارس، مما أدى بالتلاميذ إلى ممارسة الرياضة لحوالي ساعة في الأسبوع، وأضاف أن الرابطة تقوم بالنشاط خارج أوقات الدراسة لكل الأطوار، حيث يوجد 12659 تلميذا رياضيا منخرطا، منهم 2364 إناثا، ومن بين أنواع الرياضات المستقطبة؛ العدو المدرسي، كرة الطائرة والقدم واليد. قال "نشارك في المهرجانات والبطولات الوطنية، حيث تحصل فريق كرة القدم إناث على المرتبة الأولى في البطولة الوطنية بالنعامة، مع تنظيم مراحل العدو الريفي بغية المشاركة في البطولة الوطنية، هذه الأنشطة تساعدنا على اكتشاف المواهب، مع تنشيط التلاميذ مساء كل يوم ثلاثاء، باستغلال هياكل قطاع الشباب والرياضة، ونسعى دوما إلى مواصلة النشاط لفائدة المتمدرسين، بإشراك كل الجمعيات والأندية والمتطوعين حتى نتمكن من هيكلة التلاميذ المنخرطين في الرابطة، بالتنسيق مع رابطة الأحياء و«الرياضة للجميع". السيد أحمد باقومة مفتش التربية البدنية والرياضية: قلة التأطير يعيق التنشيط أكد مفتش التربية البدنية والرياضية بأدرار، أن عمل الورشات الخاصة بالجيل الثاني، التي تسعى إلى توحيد المفاهيم في كيفية تنشيط التلاميذ رياضيا داخل المدارس، خاصة في جانب الإلمام من حيث القاعدة التربوية، حيث قال بأن جل المدارس الابتدائية ليست لديها ميزانية مخصصة للرياضة، أما في المتوسط والثانوي فتوجد ميزانية إلا أنها قليلة. أما الهياكل فيسجل غيابها كليا في الابتدائي، حيث يقوم التلاميذ بحركات رياضية لا تعكس القيمة العلمية في الممارسة، ناهيك عن غياب الوسائل، وقد تم تسجيل عدة إصابات بين التلاميذ خلال حصص الرياضة، كون أغلبية الساحات منجزة بالاسمنت، ناهيك عن قلة التأطير والدعم المالي، مما أعاق رفع مستوى النشاط الرياضي. ❊بلقاسم بوشريفي