أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس، أن الأمن في الجزائر أضحى معززا ومنتشرا اليوم في جميع ربوع الوطن بفضل الوئام والمصالحة الوطنية وتضحيات الجيش الوطني الشعبي، على الرغم من المحيط المتأزم والخطير جراء الأزمات والنزاعات القائمة بدول الجوار، داعيا بالمناسبة الشعب الجزائري للمضي قدما في تنمية البلاد، من أجل استيعاب التأخر وإدخال السعادة والرفاهية في قلوب جميع المواطنين والمواطنات. وتطرق رئيس الجمهورية في رسالة له بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد، المصادف ل18 فيفري من كل سنة، تلاها نيابة عنه وزير المجاهدين الطيب زيتوني بتمنراست التي احتضنت فعاليات إحياء هذا اليوم، إلى التحديات التي تواجه البلاد على ضوء معطيات داخلية وخارجية، «والتي تستوجب مجابهتها بدرجة عالية من الوعي والتشمير على السواعد من أجل الدفع بعجلة التنمية». واغتنم الرئيس بوتفليقة المناسبة لتوجيه خطابه للشباب، من خلال التذكير بالأولوية التي تحظى بها مسيرة البناء والتشييد التي هي «معركة لا نهاية لها»، مع الاستلهام من مثل يوم الشهيد للاستمرار في بناء جزائر العزة والكرامة. وأسقط رئيس الدولة كل المبررات التي تحول دون الوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة، من منطلق أن الشباب الذين «عبروا عن تماسكهم وتلاحمهم عبر التاريخ، لن يحول بينهم وبين ما أرادوه حائل مهما كان، لأن إراداتهم الفولاذية التي حققوا بها المعجزات، كانت وما تزال وستبقى الطاقة المترجمة للعزيمة الموروثة عن الشهداء الأبطال الأمجاد الذين قدموا أروع الصور في الملاحم البطولية التي خاضوها عبر مختلف الأزمنة». وفي سياق رفضه حصر الرمزية على هذه المناسبة، أكد الرئيس بوتفليقة ضرورة استنباط معاني هذا اليوم، من خلال الاعتزاز بما خلده الشهداء والمجاهدون من مجد وشموخ «حتى نكون محصنين معززين وأقوياء في عالم نعرف جميعا تحدياته»، مشيرا إلى أنه تم قطع أشواط كبيرة لتمكين أبناء الجزائر من شق طريقهم نحو الأهداف المنشودة ومن الحفاظ على كل المكاسب المحققة في ظل السلم والمصالحة الوطنية لترسيخ الثقة وتعزيز التماسك والتلاحم الوطني». وإذ ذكر بمسار التنمية الذي باشرته الجزائر في إطار «ملحمة قوية للبناء والتشييد في جميع الميادين»، حيث عرفت منذ أن استعادت عافيتها وسلمها، إنجاز الكثير في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أكد الرئيس بوتفليقة أن الدفع بالتنمية يجب أن يعتمد على منطلقات تاريخية وطنية، ثمنتها بطولات الشعب ونضالاته في مقاومة الاستعمار واسترجاع السيادة الوطنية، معربا عن قناعته بأن وحدة الشعب الجزائري والوطن هي اليوم صلبة، رسختها مسيرة الشعب من خلال الإصلاحات العميقة والقوية التي عززت تماسك وتلاحم الشعب في الوطن الواحد. ويرى رئيس الجمهورية أن إحياء رسالة الشهيد هي بمثابة شحذ للهمم ومواصلة التنمية والتغلب على التحديات، حتى يكون الوطن «أسوة في أداء رسالته الحضارية كما كان قدوة للشعوب المستضعفة في التخلص من الهيمنة الاستعمارية أيا كان شكلها»، مذكرا في هذا الإطار بمآثر الشهداء الذين رسموا «أروع الصور في رفض الاستبداد والاستعباد ونبذ القهر والظلم، رافعين راية التحدي بكل قوة وعنفوان لا يرهبهم ولا يثنيهم عن بلوغ هدفهم المنشود جبروت وطغيان العدو، الذي تفنن في استعمال كل الوسائل المادية والمعنوية التي صاغها لتبرير أفعاله في قهر الشعوب ونهب خيراتها». وتم بمناسبة الاحتفالات الرسمية بيوم الشهيد التي احتضنتها ولاية تمنراست بإشراف وزير المجاهدين الطيب زيتوني، تنظيم ندوة تاريخية بالمركز الجامعي «الحاج موسى آغ أخموك»، حملت عنوان «شهداء الجزائر في الذاكرة الوطنية». واطلع الوزير بنفس المؤسسة الجامعية على معرض للكتب التاريخية من إصدارات وزارة المجاهدين وآخر للصور التاريخية. كما أشرف الوزير الذي وقف رفقة أعضاء الأسرة الثورية وقفة ترحم على أرواح شهداء الثورة التحريرية بمقبرة الشهداء بتمنراست، على عدة أنشطة انتظمت بالمناسبة، على غرار تكريم عائلات المجاهدين وأفراد الأسرة الثورية وتدشين هياكل اجتماعية. وثيقة رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد. فيما يلي نصها الكامل: أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إنه اليوم الوطني للشهيد الذي دأبنا على الاحتفاء به والوقوف على معاني التضحيات الجسام لبنات وأبناء وطننا المفدى من أجل الاستقلال والحرية والعزة والكرامة، التي رسم الشهداء فيها أروع الصور في رفض الاستبداد والاستعباد ونبذ القهر والظلم، رافعين راية التحدي بكل قوة وعنفوان، لا يرهبهم ولا يثنيهم عن بلوغ هدفهم المنشود جبروت وطغيان العدو، الذي تفنن في استعمال كل الوسائل المادية والمعنوية التي صاغها لتبرير أفعاله في قهر الشعوب ونهب خيراتها. لقد دافع الشهيد عن الأرض والعرض، عن قيم الأمة وحضارتها، بل عن وجودها. فبعد أن نفض عن نفسه غبار الضعف والهوان واستجمع قواه، انطلق مستوحيا عبقريته، يؤدي واجب التضحية في سبيل قضية عادلة، واجبا يعتبره هو والوجود سواء. وتعالت صيحة (الله أكبر)، فكان رجع صداها في كل أنحاء الوطن ثورة شعب عارمة، أكرمه الله فيها بالشهادة ووهبه الخلود في جنة الرضوان. "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" صدق الله العظيم. كما أبقاهم في الدنيا أحياء في ذاكرة الأمة وفي تاريخها تحتفي بهم في كل عام بإجلال وتقدير، مذكرة بأنها مدينة لهم بالنصر والفخر ومعبرة لهم عن امتنانها، لما حققوه لها من عزة وسؤدد، وبأن تضحياتهم لم تذهب سدى، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولا إحسان أفضل من خدمة الأوطان. علينا أن ننحني في هذا اليوم باحترام وخشوع لأولئك الذين كرمهم الله بآيات الثناء ومنحهم الخلود، أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن يستقل وطننا ويتحرر شعبنا، وسمحوا لنا بأن نشهد هذا اليوم الذي نتذكرهم فيه ونعترف بما لهم علينا من فضل وعلى كل ما عملناه ونعمله في سبيل تقدم بلادنا ورقيها. كما أغتنم هذه السانحة لأتوجه باسمى عبارات التقدير والعرفان لرفقائي المجاهدين والمجاهدات الذين ساهموا بعزم وتضحية في استرجاع استقلال بلادنا، وكتب عليهم الله أن يشاركوا في مسار بناء الوطن. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إننا اليوم نحيي رسالة الشهيد مؤكدين بذلك استمرار شحذ الهمم لمواصلة التنمية والتغلب على التحديات، ليكون وطننا أسوة في أداء رسالته الحضارية، كما كان قدوة للشعوب المستضعفة في التخلص من الهيمنة الاستعمارية أيا كان شكلها. إن ثورة التحرير قد زودت الإنسان الجزائري بشحنة من الثقة بنفسه وبوطنه وطبعته بما تميز به هذا الوطن من ملاحم وبطولات كونت الشخصية الجزائرية المتميزة بمواقفها ومبادئها متجلية في رسالة الجزائر الصامدة الثابتة، جاعلة من كل محطاتها التاريخية دروسا ترتوي منها وتجدد بها عزائم بناتها وأبنائها. ينبغي علينا في هذا اليوم الوطني للشهيد أن نجدد العزم للمضي قدما في تنمية بلادنا يدا واحدة، بمنطلقات تاريخية وطنية جمعت شعبنا ووحدته للتضحية في إطار ثورة التحرير الوطني المجيدة، وقبلها عبر مسيرة المقاومة الشعبية والحركة الوطنية، منطلقات أساسية ثمنتها بطولات الشعب ونضالاته في مقاومة الاستعمار وقيام ثورة التحرير واسترجاع السيادة الوطنية بفضل تضحيات شعبنا، حيث روت كل شبر من هذا الوطن المفدى دماء الشهداء الزكية. فوحدة شعبنا ووطننا اليوم صلبة، رسختها مسيرة الشعب من خلال الإصلاحات العميقة والقوية التي عززت تماسك وتلاحم شعبنا في وطننا الواحد وهو يحقق المكاسب من محطة إلى محطة في تطور مستمر، الوطن الذي يجب أن يعيش فيه كل فرد مدافعا بقناعته عن كل ما يعزز وحدة الوطن وشموخه. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن شابات وطننا المفدى وشبانه، الذين عبروا عن تماسكهم وتلاحمهم عبر التاريخ، لن يحول بينهم وبين ما أرادوه حائل، مهما كان، لأن إراداتهم الفولاذية التي حققوا بها المعجزات كانت وما تزال وستبقى الطاقة المترجمة للعزيمة الموروثة عن الشهداء الأبطال الأمجاد الذين قدموا أروع الصور في الملاحم البطولية التي خاضوها عبر مختلف الأزمنة. لا يحق لنا أن نحيي اليوم الوطني للشهيد وكفى، بل يحق لنا أن نبدي بوضوح اعتزازنا وفخرنا بما خلده في وجداننا الشهداء والمجاهدون من مجد وشموخ، لنكون في هذا الوجدان محصنين معززين وأقوياء في عالم نعرف جميعا تحدياته، وقد قطعنا أشواطا كبيرة في تمكين بناتنا وأبنائنا من أن يشقوا طريقهم نحو الأهداف المنشودة ومن الحفاظ على كل المكاسب المحققة في ظل السلم والمصالحة الوطنية لترسيخ الثقة وتعزيز التماسك والتلاحم الوطني. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، لقد عشنا مع ملحمة قوية للبناء والتشييد في جميع الميادين منذ أن كرمنا الله باستعادة عافيتنا والسلم في بلادنا، إذ أنجزنا الكثير في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويبقى علينا وجوب إنجاز المزيد لاستيعاب جميع التأخر وإدخال السعادة والرفاهية في قلوب جميع المواطنين والمواطنات. من جهة أخرى، بفضل الوئام والمصالحة الوطنية، وكذلك بفضل تضحيات عزيمة الجيش الوطني الشعبي الباسل، سليل جيش التحرير الوطني، أصبح الأمن اليوم معززا ومنتشرا في جميع ربوع وطننا، بالرغم من أننا نعيش في محيط متأزم وخطير جراء الأزمات والنزاعات القائمة بجوارنا. إن مسيرة البناء والتشييد هي معركة لا نهاية لها، معركة كانت مسجلة كآفاق ما بعد الاستقلال في بيان أول نوفمبر العظيم. وأمام هذه التحديات النبيلة للبناء والتشييد، وكذا أمام تلك المخاطر الموجودة في محيطنا، يجب على شعبنا الأبي، وخاصة شبابنا، أن يستلهم في مثل هذا اليوم من مثل الشهيد لكي نستمر في بناء جزائر العزة والكرامة، تلك الجزائر التي استشهد من أجلها مليون ونصف مليون من أعز أبنائها وبناتها. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. وتحيا الجزائر.