كشف مدير المركز الوطني للبحث في علم الآثار البروفسور توفيق حموم، أمس، عن التحضير للانطلاق في عملية التنقيب والاستكشاف في موقع مشروع ميناء الحمدانية بشرشال، مشيرا في سياق متصل إلى أن استكمال أشغال تهيئة متحف للآثار بموقع ساحة الشهداء سيجعل محطة المترو بهذا الموقع ثالث محطة مزودة بهذا المعلم على المستوى المتوسطي. واعتبر حموم، في حديثه لبرنامج «ضيف الصباح» للقناة الإذاعية الأولى بمناسبة اليوم الوطني للمدينة، أن مشروع ميناء الوسط المقرر إنجازه بالحمدانية، وإن كان مشروعا تنمويا حيويا لكنه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن ينجز على حساب التراث الوطني، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه ستتم عملية استكشاف الآثار بهذا الموقع قبل الشروع في أشغال الحفر الخاصة بالمشروع. وأكد المتحدث في سياق متصل بأن الجزائر تكنز في باطنها آثارا ثمينة يفترض على كل واحد الحفاظ عليها والتمسك بها، باعتبارها تمثل جزءا من الهوية الوطنية، مبرزا استعداد قطاع الثقافة للقيام بأعمال وقائية، حيث شرع المركز فعليا حسبه في عملية استكشاف مسبقة لعدة مواقع ستشهد إنجاز مشاريع تنموية بالتنسيق مع السلطات المحلية، على غرار المسح الأثري الذي دام عدة أشهر باستخدام الأقمار الصناعية لموقع مشروع استغلال منجم الفوسفات في تبسة، والذي انتهى بالتوصل إلى حلول توافقية تقضي بتنفيذ المشروع التنموي مع الحفاظ على التراث الوطني للمنطقة، إضافة إلى الشروع في وضع برنامج وقائي لمدينة «طبنة» الأثرية بباتنة بالتعاون مع السلطات المحلية، وهو موقع استراتيجي يجسد التراث والذاكرة الوطنية، غير أنه يتعرض للزحف العمراني، على حد تعبير السيد حموم. ولدى تطرقه لتفاصيل مراحل الحفريات التي أفضت لاستكشاف موقع ساحة الشهداء الهام، ذكر مدير المركز الوطني للبحث في علم الآثار بأن هذه الأشغال أماطت اللثام عن التاريخ العمراني لمدينة الجزائر عبر مختلف الأحقاب التاريخية، مشيرا إلى أن هذه الحقائق لم تكن موجودة قبل هذا الإنجاز سوى في النصوص التاريخية، قبل أن يضيف بأن هذه العملية النوعية كشفت أسرار مدينة الجزائر في التطور العمراني، وسمحت بخلق التواصل التاريخي والمعماري للمدينة، وأرادت الصدفة أن يكون ذلك في قلب المدينة القديمة ساحة الشهداء». وأشاد حموم بالمناسبة بتعاون مؤسسة «مترو الجزائر» الذي سمح بتجسيد مشروعها مع مراعاة المستويات الطبقية الأثرية والحفاظ عليها من خلال إتباع طريقة حديثة على مساحة 3500 متر وبعمق 7 أمتار، مع تخصيص فضاء مفتوح للجمهور على السطح يلخص ما تم اكتشافه من عمران مدينة الجزائر القديم، يعود للحقبة العثمانية والإسلامية والاستعمارية من الجهة الجنوبية للموقع، في انتظار تجسيد مشروع المتحف على المدى المتوسط، والذي سيكون حسبه ثالث متحف للآثار متواجد بمحطة مترو على مستوى حوض المتوسط. وفي إبرازه لأهمية هذا الاستكشاف كشف المتحدث بأن من القطع الأثرية المميزة التي تم العثور عليها في هذا الموقع كنز نقدي من الفضة يضم 385 قطعة فضية تعود للفترة الإسبانية، عندما كانت المدينة تحت حكم كل من فيليب الثاني وفيليب الثالث وفيليب الرابع. وحول مساعي تثمين خارطة المعالم الأثرية في الجزائر، ذكر السيد حموم، بقرب الانتهاء من إنجاز الأرضية الإلكترونية مع مواصلة العمل لتحيينها بالوثائق والمعلومات لتثمين هذه المعالم وحمايتها من اندثارها من المدن الجزائرية بسبب الزحف العمراني.