كشف وزير النقل والأشغال العمومية السيد عبد الغني زعلان أمس، أن الوضع الاقتصادي الراهن دفع بمؤسسة النقل بالسكة الحديدية إلى انتهاج استراتيجية جديدة، مبنية على إعادة تأهيل وصيانة العتاد القديم بأياد جزائرية، وهو التوجه الذي سيسمح بتطوير مجال التصنيع المحلي للعربات والقطارات عوض جلبها من الخارج. أكد زعلان لدى إشرافه على افتتاح ملتقى دولي حول "إعادة تهيئة العتاد القديم، حل اقتصادي موثوق في التحديث والاستخدام الأمثل لحظيرة العتاد المتحرك"، أن شركة النقل عبر السكك الحديدية قررت عصرنة عمل ورشاتها المتخصصة في الصيانة وإعادة تأهيل العربات القديمة تزامنا مع برنامج الحكومة الجاري تنفيذه، والمتعلق بتحديث الشبكة المستعملة وتوسيعها وكهربتها لبلوغ 6 آلاف كيلومتر على المدى القريب، و12500 كيلومتر على المدى المتوسط. وحرص الوزير على ضرورة التأقلم مع المعايير الدولية في مجال صيانة عربات الجر والنقل، بهدف تحسين نوعية الخدمات والرد على طلبات المسافرين والمتعاملين الاقتصاديين. وقصد ترشيد النفقات، دعا زعلان المشاركين في اللقاء إلى الاستفادة من الخبرات التقنية للتحكم في خدمات الصيانة والتأهيل لبلوغ مرحلة التصنيع في مرحلة ثانية بعد تشجيع المؤسسات المحلية على تطوير خدمات المناولة لإنتاج المكونات، مشيرا إلى أن قطاع النقل يُعد من القطاعات الحساسة والحيوية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لكل بلد، لذلك تعوّل عليه الحكومة ليكون أداة فعالة لتنمية النشاط الاقتصادي والتجاري والخدماتي. من جهته، أشار المدير العام للشركة الوطنية للسكة الحديدية السيد ياسين بن جاب الله، إلى أن 202 قطار قديم خضعت للصيانة المحلية من أصل 400 قطار، ويندرج ذلك في إطار الخيارات الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة الوصية التي خصصت للشركة 127 مليار دج لعصرنة الخدمات من خلال اقتناء 17 قطارا من نوع "كوراديا". وتماشيا مع قرار عصرنة الحظيرة الوطنية للقطارات، تقرر إعادة استغلال القطارات القديمة التي تعود في غالبيتها إلى العشرية السوداء من منطلق أنها صالحة للاستعمال بعد الصيانة. أما فيما يخص تكوين الشباب للتحكم في تقنيات الصيانة، فأكد بن جاب الله أنه تم منذ ثلاث سنوات توظيف شباب من خريجي المعاهد المتخصصة في الميكانيك، وتدريبهم من طرف تقنيين وخبراء فرنسيين، وهو ما سمح السنة الفارطة بتدعيم عمل 7 ورشات تتخصص كل واحدة منها في مجال، الأمر الذي سمح بتسريع أشغال الصيانة والتحكم في التكنولوجيات الحديثة، مع العلم أن تهيئة وصيانة العتاد القديم للشركة جعلها تقتصد 30 بالمائة من تكاليف شراء عتاد جديد أو جلب فرق تقنية أجنبية لصيانة العربات والقطارات. وعن مواعيد تسليم القطارات الجديدة ذكّر بن جاب الله بتسلم أول قطار "كوراديا" شهر جانفي الفارط، الذي انطلق أمس في أول رحلة تجارية له ما بين الجزائر العاصمة ووهران انطلاقا من محطة المسافرين الجديدة بآغا، على أن يتم تسليم قطار جديد كل شهر ابتداء من مارس المقبل. أما فيما يخص إشراك المؤسسات الصغيرة لخلق نسيج من المناولتية الخاصة بكل ما يتعلق بصيانة وتصنيع القطارات، فأشار بن جاب الله إلى أن الطاقات المحلية متوفرة لمواكبة نشاط تصنيع القطارات وعربات الجر الخاصة بالمسافرين أو البضائع، وهو ما سمح بتوفير الكوابل الخاصة بالقطار الجديد الذي تم جلبه من فرنسا الشهر الفارط، على أن يتم التعاقد عما قريب مع المؤسسات المتخصصة في إنتاج الجلود والزجاج والكوابل، وهو ما يسمح ببلوغ نسبة إدماج للمنتوج المحلي تتراوح ما بين 30 و40 بالمائة. وردّا على أسئلة الصحافة بخصوص تأخر إطلاق القطار الذي كان سيربط الجزائر العاصمة بتونس، تحدّث مدير الشركة عن الرهانات الحالية بالنسبة لربط المدن الكبرى فيما بينها عبر وسائل نقل عصرية، مشيرا إلى أن المشروع الأول عرف عدة مشاكل تقنية، ليتم توجيه جهود الشركة إلى تدعيم النقل من العاصمة إلى تلسمان ووهران في الغرب لتلبية الطلب الكبير على هذه الخطوط من طرف المسافرين. وعن رشق عربات القطار بالحجارة تأسف بن جاب الله لهذه الظاهرة التي يجب معالجتها بطريقة سوسيولوجية، على حد تعبيره، من منطلق أنه عمل غير متحضر ويضر بممتلكات الشركة وبالمسافرين على حد سواء. وأشار إلى تعميم هذه السنة الحملات التحسيسية عبر كل المحطات مع إشراك باقي القطاعات بهدف إعداد دراسة حول أسباب رشق القطارات واعتماد أحسن السبل لحماية ممتلكات القطاع. على صعيد آخر، أكد بن جاب الله أن القطار الذي سيضمن الخط الرابط بين المطار الدولي هواري بومدين والعاصمة، جاهز، وتنتظر الشركة الانتهاء من أشغال وضع السكة، ليتم تجربة القطار قبل فتحه للمسافرين بمعدل رحلة كل ساعة. أما عن تطلعات الشركة في المستقبل القريب فأشار المدير إلى رفع سرعة القطارات لبلوغ 220 كيلومتر في الساعة عوض 160 كيلومتر حاليا، مشيرا إلى أن الخط الجديد الذي سيربط تلمسان بالعاصمة ثم وهران، سيكون عبر القطار السريع ابتداء من 2020. يُذكر أن الملتقى الذي نظمته الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للسكك الحديدية (فرع إفريقيا)، يهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب حول موضوع إعادة تهيئة العتاد القديم والاستخدام الأمثل لحظيرة العتاد المتحرك. كما يتزامن اللقاء مع انعقاد الدورة 34 للجنة المغاربية للنقل بالسكك الحديدية؛ بهدف الحديث عن التكنولوجيات الجديدة المستعلمة في تحديث العتاد، وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة ما بين مؤسسات السكة الحديدية المغاربية والإفريقية.