ثمن وزيرا الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري السيد عبد القادر بوعزغي والتجارة السيد سعيد جلاب، أمس، المجهودات المبذولة من طرف المنتجين المحليين الذين رفعوا التحدي من خلال توفير منتجات محلية كانت تستورد منذ سنتين من الخارج. وأرجع جلاب هذه القفزة، إلى الشروع في تنفيذ الجيل الثاني من الإصلاحات التي أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للنهوض بالاقتصاد الوطني خارج المحروقات، مؤكدا أن وزارة التجارة ستتشاور مع كل المتعاملين الفاعلين لمرافقتهم والرد على طلباتهم للرقي بالمنتوج المحلي وحمايته من كل منافسة غير شرعية. كما حرص وزير التجارة، خلال إشرافه رفقة وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري على تدشين الطبعة ال16 للصالون المهني للصناعات الغذائية «جازاغرو»، على التأكيد بأن اللجان المنصبة على مستوى الوزارة لحماية المنتوج الوطني تعمل عبر كل فروعها من أجل الاستماع لانشغالات المنتجين المحليين للخروج بورقة طريق تسمح بضبط وتنظيم السوق، مبرزا أهمية التشاور مع كل المتعاملين الصناعيين بهدف ضمان المرافقة والدعم بما يخدم تطور المنتوج المحلي. وبخصوص أهمية الصالون، أكد جلاب أن ارتفاع عدد العارضين الوطنيين إلى 170 مشاركا من أصل 700 عارض من 32 دولة أجنبية، دليل على تطور المنتوج المحلي الذي أصبح ينافس أكبر العلامات التجارية. وأشار إلى أن مثل هذه المعارض تسمح للحكومة بالوقوف على نتائج السياسة الوطنية المنتهجة لحماية الاقتصاد الوطني والتعرف على تطلعات المنتجين الذين تحولت اهتماماتهم من الإنتاج للرد على الطلبات المحلية إلى التصدير. كما أعرب الوزير عن ارتياحه لارتفاع نسبة إدماج المنتوج المحلي إلى نسبة 60 بالمائة في عدة تخصصات صناعية، وهو ما يجعل من المنتوج محليا 100 بالمائة، داعيا زوار المعرض إلى البحث عن فرص التعاقد بين المنتجين لخلق التكامل الاقتصادي، متعهدا بضمان المرافقة من طرف الوزارة التي تسهر على تحيين قائمة المواد المحظورة من الاستيراد لضمان حماية للمنتوج المحلي والسماح للصناعيين بتطوير وتوسيع نشاطهم. من جهته، نوه وزير الفلاحة بنوعية المعروضات التي أكدت تطور الصناعات الغذائية التحويلية، مشيرا إلى أن دائرته الوزارية عازمة على مرافقة كل المبادرات التي تسمح ببناء جسور التواصل ما بين الإنتاج الفلاحي، الذي يعرف فائضا منذ عدة سنوات، والمجال الصناعي، بهدف إعطاء قيمة إضافية للمنتوج الزراعي. كما أشار بوعزغي إلى العمل الذي تقوم به وزارة الفلاحة، الموزع على عدة جبهات، وهو ما يتركز أساسا على الرفع من المنتوج المحلي ودعم المنتجين لبلوغ مستوى النوعية، مع إرساء قواعد لتسهيل الاستثمار الخاص ومرافقة الفلاحين الراغبين في تصدير الفائض، مع السهر على تنظيم الشعب الفلاحية لتقريب الإدارة من المنتجين والرد على كل انشغالهم. قرار حظر الاستيراد قلب معادلة لقاءات رجال الأعمال المتجول في أجنحة الصالون الدولي «جازاغرو» يلمس تغيرا في ذهنيات الشركات الوطنية العارضة، فبعد أن كان الهدف من المشاركة في مثل هذه التظاهرات الاقتصادية البحث عن شركاء أجانب لتسويق منتجاتهم بالسوق الوطنية، تحول الاهتمام إلى البحث عن أسواق خارجية والتعرف على الفرص والمعايير المتبعة لتصدير المنتوج المحلي. وحسب تصريح ممثل شركة «برومو صالون»، المنظمة للصالون بالتنسيق مع الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، فإن 8 بالمائة من الزائرين المهنيين للصالون، والقادمين من مختلف الدول الأجنبية، أكدوا أن زيارتهم تندرج في إطار الاطلاع على نوعية المنتوج الجزائري وبحث إمكانية تسويقه في الخارج، من منطلق أن تكلفة الإنتاج بالجزائر منخفضة مقارنة بما هو معمول به في باقي الدول الأوروبية. كما أن نوعية المنتوج المحلي بلغ مستويات عالمية، خاصة وأن العديد من المنتجين كانوا قد تعاملوا مع أكبر العلامات التجارية والصناعية العالمية واكتسبوا خبرة. من بين الشركات الجزائرية العارضة بالصالون والتي تبحث لها عن مكانة في السوق العالمية، مجمع «أيام» المختص في صناعة النكهات الطبيعية والتعليب بمادة الألمنيوم والبلاستيك ومشتقاته. وحسب تصريح ممثل المجمع أسامة بليلي ل «المساء»، فقد تم استغلال تجربة شاب جزائري امتهن صناعة النكهات من الفواكه الطبيعية بالأردن وإمارة دبي ليتم فتح مجمع لصناعة النكهات ومسحوق الشكولاطة والمثلجات التي تعكس في ذوقها الثقافة الاستهلاكية الجزائرية، على غرار ابتكار نكهة «البرتقالة الحمراء» والحلوة الشامية، والتوت البري في المثلجات الجزائرية الصنع، وهو المنتوج الذي لقي رواجا كبيرا لدى المستهلكين والتجار على حد سواء. وأكد أسامة، الذي يشارك في الصالون للمرة الثانية، أنه بصدد البحث عن شركاء لتصدير النكهات المحلية الصنع إلى الخارج، مشيرا إلى أن قوة المنتوج الوطني يتمثل في توفر مختلف أنواع الفواكه بأسعار تنافسية، مما يسمح بتسويق النكهات لمصنعي المواد الغذائية بأسعار تنافسية، مع ضمان النوعية وعدم استعمال المواد الحافظة. مؤكدا أن آخر زيارة لمتعامل إيطالي متخصص في صناعة المثلجات، حفّزت أسامة وشريكه على الإبداع واقتراح مجموعة جديدة من النكهات، خاصة أنه صنف المثلجات الجزائرية كأحسن وأجود المثلجات ومن شأنها منافسة المنتوج الإيطالي. ومن بين المتعاملين الذين استفادوا من قرار منع استيراد المنتجات المحلية، مصنعي التونة الذين يبلغ عددهم أربعة متعاملين بالسوق الوطنية. وحسب تصريح ممثل شركة «اسبانو الجزائر» للتغذية السيد رضا بربوش، فقد انتعشت صناعة التونة البيضاء وحتى الحمراء في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن قرار وزارة التجارة سمح بضبط السوق وتعديل كفة الأسعار بعد ما تم وضع حد للمنافسة غير الشرعية. وحسب ممثل الشركة، التي تغطي 80 بالمائة من طلبات السوق، فإنه رغم جلب المادة الأولية من الخارج، من منطلق أن سمك التونة البيضاء منتشر في المحيط الأطلسي، إلا أن الشركة تسعى لرفع نسبة إدماج المنتوج المحلي وتشجيع المصنعين على التحكم في مجال صناعة العلب الخاصة بالتصبير وتسويق المنتوج. أما فيما يخص التونة الحمراء، أكد المتحدث أن الشركة تقني سنويا كمية من المنتوج المصطاد في المياه الإقليمية ليسوق حسب الطلبيات للمطاعم والفنادق. من بين الصناعات الغذائية التي تعرف انتعاشا في السنوات الأخيرة، صناعة العصائر والمشروبات الغازية، إلا أن الإشكال القائم هو عدم توفر مصنعين يتحكمون في مجال إنتاج العصير الطبيعي وعصيدة الفواكه، ما يجعل المنتج مرتبط بالأسواق الأجنبية. وحسب ممثل شركة قولدن دنيك عمرة وشركائه، فإن الفلاحين غالبا ما يفرضون أسعار خيالية عندما يتقرب منهم مصنعو العصائر، وتم هذه السنة على سبيل المثال اقتراح الكيلوغرام الواحد من البرتقال ب 120 دج، في الوقت الذي تبلغ تكلفة 1 كلغ من عصيدة برتقال طبيعية 10 دج عند جلبها من إسبانيا، وعليه يؤكد ممثل الشركة أن وزارات الفلاحة والتجارة والصناعة مطالبون اليوم بإعداد دراسة معمقة للسوق من ناحية الإنتاج الفلاحي وطلبات المحولين للنهوض بمجال الصناعات الغذائية. من جهة أخرى، أعلن وزير التجارة السيد سعيد جلاب أن دائرته الوزارية تعمل حاليا بالتنسيق مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية على ضبط خطة عمل تحسبا لشهر رمضان، وذلك من خلال ضمان التموين اليومي للأسواق بمختلف السلع والمواد الزراعية، مع مراقبة الأسعار ودحر كل محاولات المضاربة. من جهته، أكد وزير الفلاحة السيد عبد القادر بوعزغي، أن الإنتاج الفلاحي يعرف منذ فترة وفرة، وهو ما يضمن ضبط التموين بالسوق من خلال اعتماد أنظمة تخص تخزين الفائض في وقت الوفرة لضمان توفيره في الأسواق بأسعار معقولة لضبط قاعدة العرض والطلب.