جدّد السيد عمار غول، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" التذكير بضرورة مراجعة سياسة الدعم والتحويل الاجتماعي ليقتصر على الفئات الهشة فقط دون المتوسطة، مقترحا إقامة جلسات وطنية كبرى بمشاركة كل الجهات الفاعلة وبإشراك الخبراء لدراسة هذا الموضوع قصد الخروج بنموذج وطني للدعم الاجتماعي. وذكر السيد غول، خلال الندوة الاقتصادية التي نظمها حزبه أمس، بالجزائر، حول موضوع "أولويات الاقتصاد الوطني والبدائل التنموية" أنه حان الأوان لإعادة النظر في الدور الاجتماعي للدولة بمراجعة سياسة الدعم وتوجيهها للفئات التي هي بحاجة إليها دون غيرها من ذوي الدخل المتوسط والعالي الذين يستفيدون منها حاليا على حد سواء. وهو الطرح الذي دعمه السيد قدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر 3، حيث أكد أن الوضع الاقتصادي الحالي بعد تراجع مداخيل الدولة جراء انهيار أسعار النفط بات يتطلب مراجعة هذه السياسة للنهوض بالاقتصادي الوطني وحماية المال العام بتوجيه هذا الدعم لذوي الدخل الضعيف دون غيرهم، لأنه من غير المعقول أن يستفيد منه الغني والفقير بالتساوي بالرغم من الوضع المالي الصعب الذي تعيشه البلاد حسب المتحدث الذي قال بأنه " لا يمكن لأي مجتمع أن يتحمّل تكاليف سلم اجتماعي لا يؤدي إلى تحقيق معدلات تنمية"، في إشارة منه إلى أن الإبقاء على سياسة الدعم من أجل الحفاظ على السلم قد يضر بالاقتصاد ولا يدفع به إلى التطور والنمو. ودعا الخبراء المشاركون في الندوة السلطات العليا إلى شرح تفاصيل النموذج الاقتصادي الجديد الذي يتم الحديث عنه منذ سنتين لمعرفة تفاصيله وإستراتيجيته، حيث أكد السيد كمال رزيق، أستاذ بجامعة العفرون بالبليدة أن هذا النموذج لا زال غير واضح المعالم وهو مجرد كلام لم يرق إلى سياسة ملموسة، الأمر الذي يستدعي حسبه الإسراع في توضيحه وعرضه على كل الجهات الناشطة في المجتمع بما فيهم الخبراء والجامعات لإثرائه حتى يكون نموذجا قابلا للتطبيق من شانه إنقاذ البلد من الأزمة التي يتخبط فيها. وفي هذا السياق أضاف السيد غول، أن هذا النموذج الاقتصادي الجديد لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار بعض الإشكاليات الكبرى التي أرقت ولا زالت تؤرق الحكومات الجزائرية والمتمثلة في إشكالية الموازنات الكبرى، إشكالية دعم النمو، وكيفية العمل على ضمان الطابع الاجتماعي للدولة كما سبق ذكره، في الوقت الذي تبين فيه أنه ليس من السهل بناء اقتصاد وطني في ظل مراعاة هذه الإشكاليات الثلاث. مشيرا إلى أن النموذج الاقتصادي الجديد يجب أن يجد حلولا لمسألة العجز المالي والمديونية أيضا. وفيما يخص التصدير دعا السيد غول، إلى إصلاحات جريئة وسريعة وشفافة لتطوير منظومة التصدير والاستيراد بمنظور اقتصادي عصري بعيدا عن الغش والشعبوية والخروقات الاقتصادية. وفي هذا الصدد ألح السيد إسماعيل لالماس، خبير في الاقتصاد على ضرورة تسطير إستراتيجية واضحة للتصدير إذا أردنا ترقية الصادرات خارج المحروقات، مشيرا إلى أن كل الجهات عبّرت عن إرادتها في تطوير هذا المجال غير أن ذلك يجب أن يتم عبر إستراتيجية واضحة عن طريق تشخيص القطاعات المنتجة التي يمكنها التصدير وليس بطريقة عشوائية من خلال تحديد المنتوجات التي يمكن تصديرها، ومعرفة ودراسة الأسواق التي يمكن التوجه إليها، وكذا الطريقة التي نصدر بها. كما أضاف السيد لالماس، أن التصدير يتطلب توفير جملة من الإجراءات أهمها تطوير شبكة النقل واللوجيستيك، مرافقة المصدرين ومراجعة ميكانيزم الدعم والمرافقة بإلغاء العراقيل البيروقراطية، وإصلاح سياسة التمويل بجعل البنوك تساهم في إنجاح العملية. بالإضافة إلى القيام بعمل سياسي ودبلوماسي لتسهيل دخول المنتوجات الجزائرية إلى الأسواق الأجنبية بتوقيع اتفاقيات لإنشاء مناطق تبادل تجاري حر لإلغاء الرسوم الجمركية وتحفيز المتعاملين الاقتصاديين على تصدير منتوجاتهم. كما توقف المتدخلون في الندوة أيضا عند ضرورة إعادة النظر في المنظومة الجبائية التي وصفوها ب«غير العادلة" و«غير المتوازنة" كونها كما قالوا "تقوم على حساب المواطن والطبقة البسيطة".