أوصى سفير الجزائربفرنسا عبد القادر مسدوة، بمراجعة التقييم الذي أعدته الشركة الفرنسية للتأمين عن التجارة الخارجية (كوفاس) حول الجزائر، قائلا إنه عليها «أن تأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة والإمكانيات التي تزخر بها الجزائر، مشيرا إلى أن المبرر الأمني كعائق للاستثمار بالجزائر لم يعد له أي معنى، في وقت لا تزال فيه السلطات الفرنسية تدعو رعاياها إلى توخي الحذر في حال زيارة بلادنا. واحتل الوضع الأمني حيزا هاما من تدخل السفير خلال حدث اقتصادي وهو الدورة ال11 ل«لقاءات الجزائر» التي نظمت أول أمس، بباريس، حيث اعتبر أن «خطاب تشجيع الاستثمار في الجزائر صعب في سياق مواصلة الحفاظ على خارطة الأمن السلبية الحالية التي لا تعكس الحقيقة»، مؤكدا أن «عددا كبيرا ممن توجهوا إلى الجزائر يعودون بانطباعات لا تعكسها مختلف الآراء السلبية والصور النمطية». وقال إن الجزائر تتمتع اليوم باستقرار وأمن بالرغم من البيئة الإقليمية الصعبة التي تتخللها العديد من الاضطرابات، معبّرا عن رفضه لاحتفاظ فرنسا بالصورة الأمنية الحالية «السلبية» التي لا تمت بصلة للواقع الجزائري. وصرح «أنه من المؤسف أن نرى من جهة الخطاب المشجع للاستثمار في الجزائر ومواصلة الحفاظ من جهة ثانية على الصورة الأمنية الحالية السلبية التي لا تعكس الواقع»، متسائلا «كيف يمكننا تشجيع تنقل الأشخاص من الجانبين وترقية السياحة نحو الجزائر؟». وأقر بأنه يصعب عليه إعطاء إجابات لعديد الجزائريين ومزدوجي الجنسية وكذلك لفرنسيين خاصة المتعاملين الاقتصاديين والمتعاملين السياحيين، مشيرا إلى أن «العديد منهم زاروا الجزائر وعادوا مرتاحين بانطباعات مختلفة تماما عن الأفكار المسبقة التي يتم تداولها». وهو ما أكدته كريستين ديدنو، شريكة مجمع الشركة الأوروبية للتسيير عن طريق الإعلام الآلي اللامركزي وهي مكتب خبير محاسب ومحافظي الحسابات المقيمة بالجزائر منذ أزيد من 10 سنوات، حيث اعترفت أنه لا يوجد «أي مشكل أمني» ولا «عوائق اجتماعية أو دينية تجاه المرأة». وقالت خلال اللقاء «كوني امرأة فإني منذ 10 سنوات أسافر وأتنقل إلى الجزائر دون أن أواجه أي مشكل أمني». من جهته اعتبر رئيس قسم الجزائر لمستشاري التجارة الخارجية الفرنسية ميشال بيساك، أن خارطة الأمن في وصف مناخ الأعمال بالجزائر «غير مناسبة»، داعيا الشركة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية إلى مراجعة ملاحظتها حول الجزائر. لكن لا تبدو هذه التصريحات كافية لتشجيع المؤسسات الفرنسية على تحويل تصريحات ووعود المسؤولين الفرنسيين إلى مشاريع ملموسة، وهو ما أشار إليه سفير الجزائر بباريس، الذي اعتبر أن حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين شهد «تراجعا ملحوظا» منذ ثلاث سنوات، وهو ما تبرزه «الحصة الهامشية» للاستثمارات المباشرة الفرنسية خارج المحروقات. يذكر أن الشركة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية، صنّفت الجزائر في تقريرها السنوي حول أخطار وتوقعات البلدان في الفئة «ج» التي تعني وجود «أخطار مرتفعة» على المؤسسات. ولهذه التقييمات تأثير على المؤسسات في اتخاذ قرارات الاستثمار. وبعيدا عن الجانب الأمني ثمّن خبراء فرنسيون التوجه الاقتصادي الجديد للجزائر، مشيرين إلى «مردودية» السوق الجزائرية كبيرة. وأكد المدير العام المنتدب ل«إيكسبور بيزنس فرانس» فريديريك روسي، على أن السياق الجديد الذي يجب مراعاته فيما يخص التوجه الاقتصادي للجزائر نحو الإنتاج الوطني هو التنمية المنصفة والتنويع، معتبرا أن الجزائر تبقى شريكا «أساسيا» لفرنسا و يجب تحديد فرص الاستثمار بها. من جهته تحدث دونيس لو فارس، رئيس القسم الاقتصادي الاقليمي في إفريقيا، عن ثلاثة أهداف إستراتيجية للاقتصاد الجزائري هي «العودة التدريجية إلى توازنات الميزانية» و«دعم النمو» و«الحفاظ على احتياطات الصرف» مع عقلنة الواردات وتنويع الاقتصاد لاسيما في صناعة السيارات والرقمنة والصناعة الغذائية والصحة. وعبّر عن اقتناعه بأن الاقتصاد الجزائري « يتوفر على مؤهلات لإنجاح انتقاله»، مشيرا إلى وجود مستوى « معتبر» من الهياكل القاعدية وقطاع خاص إضافة إلى سوق داخلية كبيرة و«حيوية» ومستوى ضعيف من المديونية واحتياطات صرف جد معتبرة». وفيما يتعلق بتموقع المؤسسات الفرنسية بالسوق الجزائرية اعتبر أن فرنسا «يمكنها القيام بما هو أفضل» بما أنها تعد حاليا الممون الثاني للجزائر بعد الصين و الزبون الثاني بعد إيطاليا. وبخصوص قاعدة 49/51 للاستثمارات الأجنبية المباشرة أجمع العديد من المسؤولين الفرنسيين بمكاتب الأعمال على غرار ارنيتس يونغ ومازارس وجيد، إضافة إلى البنوك أو التأمينات المتواجدة بالجزائر على القول بأنها «لم تعد عائقا كون جميع المؤسسات الفرنسية العاملة في إطار شراكة تكيّفت مع ذلك». وأكد سامي الأغواطي، شريك في المكتب الدولي للأعمال جيد أن المؤسسات لم تتكيف فقط مع ذلك بل أن الأعمال « تشهد تطورا». أما المدير العام للوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار عبد الكريم منصوري، فقد أشار إلى أنه منذ تأسيس هذه القاعدة ارتفع حجم الاستثمار بثلاثة أضعاف وعدد المشاريع بضعفين.