تعتقد هادية بن طالب التي تعمل كإطار بالاتحادية الجزائرية للمسايفة بدالي إبراهيم، أن الرياضة النسوية لا تحظى باهتمام كبير في المجتمع الجزائري، واعتبرت أن استمرار هذه الممارسة على مستوى الأندية بمختلف اختصاصاتها دليل واضح على أن توجه الجنس اللطيف لممارسة الرياضة وضع حدا للعقدة التي كانت سائدة لدى الذين يعارضون النشاط النسوي الرياضي. «اليوم أصبحنا نشاهد عائلات بكل أفرادها تتجه إلى أماكن مخصصة للرياضة كما هو الحال بالنسبة لغابة بوشاوي التي تعج بهواة الرياضة من كلا الجنسين على اختلاف الأعمار والوضعيات الاجتماعية" قالت محدثتنا التي أشارت إلى أن التحفظ الذي يميز الشعب الجزائري لم يكن أبدا ضد ممارسة الرياضة النسوية، وأوضحت بن طالب بخصوص هذا الموضوع "العائلات الجزائرية اليوم تشجع بناتها على ممارسة الرياضة وترافقهن إلى غاية القاعات والأماكن التي يزلولن فيها هوايتهن المفضلة، وقد ساهم هذا التصرف في تغيير الذهنيات والآراء لدى بعض العائلات التي كانت ترفض ذهاب بناتهن لممارسة الرياضة". وتعتبر بن طالب أن توجه الفئة النسوية لممارسة الرياضة يعد في حد ذاته تحديا كبيرا ذلك أن البنت أو المرأة تتحمل دائما جانبا كبيرا من أعباء المسؤولية في البيت، وبالرغم من ذلك نجدها تجتهد من أجل الجمع بين هذه المسؤولية وممارسة الرياضة. وتابعت محدثتنا "كثير من النساء كنا في السابق رياضيات ضمن أندية رياضية واختارت عقب انتهائها من دراستها الجامعية البقاء في وسطها الرياضي من خلال الانخراط في مختلف الاتحاديات الرياضية، حيث تعمل كإطارات رياضية ونجدها بذلك تساهم في تطوير الرياضة سويا مع الجنس الآخر. هذا يفكرني بالتجربة التي عشتها أنا شخصيا، كنت أمتهن التعليم وأمارس في نفس الوقت رياضة المسايفة، ولما كان من الصعب علي الجمع بينهما اخترت في الأخير العمل في الحقل الرياضي فتم توظيفي على مستوى مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر قبل توجهي إلى اتحادية المسايفة، وقبل ذلك كنت رياضية دولية في الفرع حيث شاركت في الألعاب الأولمبية 2008 بسيول واليوم أسعى في الاتحادية بكل جهدي لمساعدة الفئة النسوية على تحقيق النجاح في رياضة المسايفة". إلا أن محدثتنا تعترف أن المرأة عادة ما تتوقف عن نشاطها الرياضي في سن تكون فيه قادرة على العطاء في المنافسة الرياضية وذلك بسبب دخولها القفص الذهبي أو لظروف اجتماعية قاهرة، لكن منهن من النساء تشجعن بناتهن على ممارسة الرياضة انطلاقا من المستوى الابتدائي لإدراكها أن الرياضة لا تتعارض مع الدراسة في جميع أطوارها، وكثيرا ما تعد الرياضة حافزا لدى التلميذة أو الطالب للنجاح في دراسته. وقالت بن طالب أيضا إن كثير من النساء تحبذ القيام بالممارسة الرياضية لكنها تفضل أن تقوم بها داخل قاعة رياضية مغلقة لأسباب تخصها على عكس بعض النساء اللواتي لا يقلقهن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق وهو ما نشاهده في تدريبات عناصر ألعاب القوى على مستوى الملحقات الرياضية للملعب الأولمبي 5 جويلية. وكشفت محدثتنا أن اتحادية المسايفة اتخذت بعض الإجراءات من أجل تشجيع ممارسة الرياضة النسوية في هذا الفرع من خلال تطبيق التسجيل المجاني في حقوق الاشتراك بالنسبة للواتي تنشطن في نوادي رياضة المسايفة، "بل إن كل التربصات اللائي تشارك فيها مجانية الشيء الذي خلق أجواء رائعة في اتحاديتنا". وتعتبر الرياضية السابقة في المسايفة هادية بن طالب أن ممارسة الرياضة بالنسبة للفئة النسوية لها انعكاسات إيجابية من حيث أن الرياضة تسمح لهن بالابتعاد عن ضغط العمل، فضلا عن أن ممارسة الرياضة تسمح لهن بالحفاظ على رشاقتهن البدنية والإحساس دوما بالصحة على اعتبار أن التمتع بالصحة يلازم ممارسة النشاط الرياضي. ع. إسماعيل آسيا عزوز (المديرة الفنية الوطنية لرياضة التجديف) ل "المساء": الممارسة هواية وغاية كمديرة فنية وطنية للتجديف، كيف تقيّمين ممارسة الرياضة النسوية في مختلف الاختصاصات الرياضية؟ أفضّل الحديث عن ممارسة الرياضة النسوية في التجديف. صراحة هي ليست متطورة لدينا، بل أقول إنها محدودة من حيث العدد. أولا إن اللواتي يتجهن إلى ممارسة رياضة التجديف اخترن هذا النوع من الممارسة الرياضية من أجل إدامته في وسط عائلتهن، بعد أن أصبحت الرياضة متجذرة فيه كتقاليد وعادات. لكن ما نسبة الممارسة الرياضية النسوية في اتحاديتكم؟ تمثل في الوقت الراهن حوالي عشرين في المائة من الممارسة الرياضية بصفة عامة في رياضة التجديف، هذه النسبة المئوية القليلة تعود بالدرجة الأولى إلى ضعف عدد النوادي التي تمارَس فيها رياضة التجديف، حيث إن عدد الممارسات في كل ناد لا يتعدى عشرين ممارسة، وهذا الأمر راجع لعدة أسباب، منها المخاوف من الإبحار لدى الجنس اللطيف، الذي يعتقد أغلبه أن بعض الرياضات لا يمكن أن يمارسها سوى الجنس الخشن؛ أي الرجال، لاسيما أن رياضة التجديف يتم الاعتماد في ممارستها على القوة البدنية. لكن رغم هذا الاعتقاد فإن الفئة النسوية في رياضة التجديف تشارك بانتظام في المنافسات، ولدينا بطلات وطنيات، ومنهن من شاركن في المنافسات الدولية للتجديف، على غرار بطلتنا أمينة روبة التي كانت ضمن الوفد الرياضي الجزائري الذي خاض أطوار دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة التي احتضنتها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في الصائفة الأخيرة. هل ظروف ممارسة رياضة التجديف لدى الفئة النسوية متوفرة لديكم؟ للأسف الشديد ظروف التحضير لمنافسات البطولة وللمنافسات الدولية ليست كلها متوفرة في بعض الجوانب، وعادة ما تكون منعدمة، مثلا على مستوى العاصمة التي يتواجد فيها مقر اتحاديتنا، تفتقر الرياضيات الممارسة للتجديف إلى غرف تبديل الملابس عند القيام بالمنافسة أو عند الانتهاء منها، ويضطررن لاستعمال سقيفة موجودة بعين المكان لتغيير ملابسهن. ويُعد هذا النقص عائقا كبيرا أمامهن، وهو أمر لا تتقبله عائلاتهن. وتقريبا كل نوادي التجديف المتواجدة عبر ولايات الجزائر العاصمة، وهران، عنابة وبجاية تواجه مشاكل من هذا النوع، لا تشجع العائلات على ترك بناتهن يمارسن رياضة التجديف. كيف ترين ممارسة الرياضة عند النساء خارج المنافسة الرياضية؟ عادة ما تكون ممارسة الرياضة لدى الفئة النسوية هواية وغاية في نفس الوقت. لكن هناك من النساء من ترى أن ممارسة الرياضة هي حاجة ملحّة وضرورية، وعادة ما تكون لأسباب صحية، كالوقاية من مرض الربو أو الحفاظ على رشاقة الجسم. وعلى العموم ممارسة الرياضة جيدة ومفيدة للنساء، اطّلع فقط على العدد الكبير من النسوة اللائي يمارسن السباحة على مستوى المركز النسوي الرياضي ببن عكنون، حيث يصعب الحصول على مكان لممارسة الرياضة على مستوى هذه المنشأة الرياضية التي لا تُعد الوحيدة التي يقصدها الجنس اللطيف، إذ نجد النساء يمارسن نشاطهن الرياضي بشكل مكثف على مستوى قاعات الأيروبيك المنتشرة في المدن الجزائرية. ع. إسماعيل مسعودة خليل (عدّاءة سابقة وإطار بوزارة التربية): التلاحم مطلوب بين الممارسة النسوية والرياضة المدرسية قالت العدّاءة السابقة مسعودة خليل إن المرأة الجزائرية وصلت إلى مراتب ومناصب هامة في الدولة؛ فلِم لا تكون رئيسة لجنة أولمبية أو اتحادية رياضية وطنية أو أي هيئة خاصة بالرياضة، مبرزة، في الوقت نفسه، أنه يتوجب على القائمين على القطاع الرياضي، إيجاد الآليات التي تعطيها دفعة للوصول إلى هذا المبتغى. وأضافت خليل التي تقلدت مناصب عديدة في وزارة التربية في هذا الحوار، أن التلاحم مطلوب بين الرياضة النسوية والرياضة المدرسية؛ قصد النهوض بالممارسة الأولى. حاورتها: فروجة.ن بداية،كيف تقيّم مسعودة خليل الرياضة النسوية في الجزائر؟ لم تعد المرأة الجزائرية اليوم سجينة المنزل، بل أثبتت وجودها في مجال العلم والعمل، ونجحت في اعتلاء الكثير من المناصب الإدارية، وسارت مع الرجل جنبا إلى جنب في جميع المجالات، حيث إن إرادتها لم تمنعها من منافسة الرجل والانخراط في المجال الرياضي...فالتطور التكنولوجي ودخول عصر العولمة الذي جعل من المرأة قليلة الحركة نتيجة توفر كافة الآلات في المنزل، مما سهل لها الطبخ والتنظيف وكذلك توفير وسائل النقل، أدى إلى زوال رياضة المشي التي كانت تمارسها أثناء التسوق، وبالتالي أصبحت معرضة للعديد من المشاكل الصحية؛ كالسمنة وضغط الدم وظهور العلامات المبكرة كالشيخوخة والعجز. نفهم من كلامك أن اللجوء إلى ممارسة الرياضة بات أمرا حتميا للمرأة؟ ليس بالضروري، حيث استطاعت المرأة الجزائرية إثبات وجودها في شتى المحافل الدولية، وشرفت الرياضة النسوية برفعها الراية الوطنية في أكبر التظاهرات العالمية، ومثال عن ذلك حسيبة بولمرقة، سليمة سواكري، نادية بنيدة مراح وأسماء أخرى متعددة، كل هؤلاء الرياضيات أثبتن في أكثر من مناسبة، أن المادة الخام متوفرة لكن يكفي فقط التكفل بها حتى تتمكن الرياضة النسوية من تقديم نتائج أفضل في المحافل الدولية. بالنظر إلى الإنجازات العظيمة التي حققتها المرأة الجزائرية في المجال الرياضي، إلا أن المجتمع مازال ينظر إلى ممارستها نظرة ضيقة، لماذا في رأيك؟ حسب اعتقادي، هو نتيجة بعض الخلفيات الإيديولوجية... وأخذت الرياضة النسوية في الجزائر بعدا كبيرا باعتبارها أصبحت حكرا على فئات معينة فقط، بسبب غياب الدعم المادي والمعنوي. ولعل المشاكل والمعوقات التي تعاني منها المرأة في مجتمعنا اليوم إثر ممارستها النشاط الرياضي، اتضحت من خلال البعد الاجتماعي والاقتصادي وعادات وتقاليد مجتمعنا والقيم الدينية وقلة الوعي الرياضي وقلة الإمكانات، إلى جانب العوامل الاجتماعية والثقافية التي قد تقف عائقا أمام ممارسة المرأة الرياضة. في رأيك، ما هي السبل الكفيلة بالنهوض بالرياضة النسوية؟ هناك عدة عوامل لتطوير الممارسة عند المرأة بدءا بتحسين ظروف المرأة من المكوث في البيت إلى العمل الرياضي اليومي؛ لأن الرياضة، في حد ذاتها، تغيير سيكولوجي. كما يجب العمل على تحسين ظروف المرأة؛ لأن الرياضة شيء إيجابي، ولا يوجد أي شيء سلبي فيها، مرورا بتوفير منشآت وقاعات رياضية، تسمح لها بممارسة مختلف الإيقاعات والتمارين التي تهدف إلى المحافظة على الصحة والأناقة والقوام، وفقا لعادات وتقاليد المجتمعات، وصولا إلى العمل على مراقبة ومتابعة تطبيق القوانين المتعلقة بإجبارية تشكيل فرق ونواد خاصة بالرياضية النسوية مع تفعيل الممارسة الرياضية المدرسية والجامعية؛ من خلال تنظيم بطولات في مختلف الرياضات، خاصة التي تتفوق فيها المرأة. هل أنت مع من يقولون إن وسائل الإعلام شريك رئيس في تطوير الرياضة النسوية؟ بطبيعة الحال، لأن تسليط الضوء الإعلامي على النماذج الرياضية النسوية من شأنه زيادة التحفيز على الممارسة الرياضية، لاسيما عند تغطيته دورات تكوينية وتحسيسية بأهمية ممارسة الرياضة عند المرأة، وأثرها على حالتها الصحية والنفسية والاجتماعية. ع. إسماعيل