تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2019، إجراء جديدا وصف بكونه مقيدا لعمل المؤسسات الإعلامية، حيث يحدد حجم الإشهار الذي توجهه الشركات لوسائل الإعلام ب2,5 من رقم أعمالها، بعدما كانت هذه الحصة في السابق غير محددة، ما من شأنه تضييق الخناق أكثر على العناوين الإعلامية وقد يؤدي إلى اختفاء بعضها من الساحة، الأمر الذي سيعمل بعض النواب حسبما كشف عنه النائب هواري تيغرسي ل»المساء» على تصحيحه من خلال السعي إلى إلغاء المادة الرابعة من المشروع التي تضمنته بسبب أثارها السلبية على أداء وسائل الإعلام. على الرغم من الضائقة المالية التي تعاني منها عدة صحف في السنوات الأخيرة، بسبب شح الموارد المتأتية من الإشهار واختفاء العديد منها، جاء مشروع قانون المالية لسنة 2019 بقيود أكثر من خلال تنصيص المادة 4 من المشروع على «تحديد نسبة الأموال التي ترصدها الشركات الاقتصادية والمؤسسات لترويج منتجاتها وخدماتها ب2,5 بالمائة من رقم الأعمال الإجمالي»، بعدما كانت في السابق «غير محددة»، حيث يتيح التشريع الحالي الحرية الكاملة للمؤسسات في الترويج لسلعها وخدماتها عبر وسائل الإعلام العمومية والخاصة، سواء كانت مكتوبة أو سمعية أو بصرية أو إلكترونية حسب استراتيجية التسويق الداخلية للمؤسسات والشركات وعلاقاتها مع وسائل الإعلام. كما تنص المادة الرابعة الجديدة الواردة في مشروع القانون على أن «المصاريف المرتبطة بترويج المنتجات «سلع وخدمات» غير قابلة للخصم على الصعيد الجبائي إلا في حدود 2,5 بالمائة من رقم الأعمال السنوي، وهي تندرج ضمن نفقات ترويج المنتجات المرتبطة بالإشهار بكل أشكاله وكذا مصاريف إطلاق المنتجات». وبرر المشرّع إدراج هذه المادة ب»الحد من التجاوزات الملحوظة في هذا المجال، والتي تؤدي في الأخير إلى تقليص الأساس الخاضع للضريبة». بالإضافة إلى هذا يرمي التدبير الجديد حسب المشروع إلى «اقتراح استثناء الخصم من الربح الجبائي للمصاريف التي تتكفّل بها المؤسسة بدلا من شخص أخر دون أن يكون لهذا التكفّل علاقات بنشاط الشركة، ودون أن تكون مبررة على الصعيد الاقتصادي كزيادة في رقم الأعمال وأرباح الشركة مثلا». ويرى دكتور الاقتصاد وعضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، هواري تيغرسي، في تصريح ل»المساء» أن المادة الرابعة المحددة لنسبة رقم الأعمال الموجهة للترويج عن السلع والخدمات ب2.5 بالمائة، «قليلة جدا»، ومن شأنها إلحاق الضرر بالكثير من وسائل الإعلام «لأن الإشهار هو المورد الأساسي للكثير من العناوين الإعلامية التي تعاني في السنوات الأخيرة من أزمة خانقة، على خلفية الأزمة التي تعيشها البلاد وأيضا لقلّة موارد الإشهار منذ سنة 2014». بالإضافة إلى هذا يعتقد الدكتور تيغرسي، أنه إذا كانت الشركات والعلامات التجارية التي صنعت لنفسها إسما في السوق غير معنية ولن تتضرر كثيرا من تحديد النسبة المخصصة للترويج الإشهاري، فإن الأمر يختلف تماما مع «المؤسسات الناشئة والجديدة» التي تحتاج حسبه دائما إلى الترويج والإشهار للتعريف بنفسها وحجز مكان لها في السوق الوطنية والوصول إلى المستهلك الجزائري والأجنبي» . وبناءا على هذا أشار مصدر»المساء» إلى أن الكثير من أعضاء لجنة المالية والميزانية، يتجهون نحو إسقاط هذه المادة على مستوى اللجنة وحذفها نهائيا، لجعل الإشهار الخاص بالمؤسسات غير محدد وغير مقيد خدمة للسوق وحماية لوسائل الإعلام، موضحا أنه «حتى وإن لم يتمكن هؤلاء النواب من إسقاط هذه المادة على مستوى اللجنة فسيعملون على تعديلها أو إلغائها خلال جلسة النقاش العام للمشروع، مؤكدا بالتالي الرفض المبدئي للنواب لهذا الإجراء.