راسلت الجزائر رسميا الأمين العام لاتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد "في أقرب الآجال"، حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية يوم الخميس، والذي أكد أن "وزراء شؤون خارجية البلدان الأعضاء قد تم اطلاعهم على هذا الطلب". وأوضح البيان أن هذه المبادرة "تنم مباشرة عن قناعة الجزائر الراسخة والتي عبرت عنها في العديد من المناسبات بضرورة إعادة بعث بناء الصرح المغاربي وإعادة تنشيط هياكله". كما تأتي "امتدادا لنتائج القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الإفريقي المنعقدة في 17 و18 نوفمبر 2018 حول الإصلاحات المؤسساتية للمنظمة القارية والتي أولت اهتماما خاصا لدور المجمعات الاقتصادية الإقليمية في مسارات اندماج البلدان الإفريقية". وخلص بيان وزارة الشؤون الخارجية إلى أن "إعادة بعث اجتماعات مجلس الوزراء، بمبادرة من الجزائر، من شأنها أن تكون حافزا لإعادة بعث نشاطات الهيئات الأخرى لاتحاد المغرب العربي". وتؤكد مبادرة الجزائر بالدعوة لتنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية لاتحاد المغرب العربي في أقرب الآجال، مرة أخرى تمسكها بهذا الصرح وقناعتها بأهمية التكامل المغاربي بكل أبعاده. وأعربت الجزائر دوما عن ثقتها الكاملة في الثقل الذي يمكن أن يمثله اتحاد المغرب العربي في ميزان القوى، سواء على المستوى الإقليمي أو حتى الدولي، وهو ما يعكس مصادقتها على 29 اتفاقية قطاعية من مجموع 36 اتفاقية تم إبرامها منذ إنشاء هذه الهيئة سنة 1989، إلى جانب المغرب (8 اتفاقيات) وتونس وموريتانيا (28 اتفاقية) وليبيا (35 اتفاقية)، حسبما أفاد به مصدر مقرب من الملف. ومن هذا المنطلق، وفي خطوة نابعة من إيمان راسخ عبرت عنه أكثر من مرة وفي أزيد من مناسبة، بضرورة السعي للنهوض بهذه المنظمة المغاربية وتنشيط هياكلها وإعطاء دفع للعمل المشترك بين أقطابه الخمسة، قامت الجزائر، رسميا، بمراسلة الأمين العام لاتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد في أقرب الآجال. وقد كانت المقاربة الجزائرية لإعادة تفعيل الاتحاد المغاربي ولا تزال، تطبع العديد من المشاريع الضخمة التي أنجزتها الجزائر أو تلك التي توجد حاليا قيد التجسيد، خاصة منها المتعلقة بالمنشآت الكبرى التي تحمل بُعدا مغاربيا يمتد في الكثير من الأحيان ليشمل القارة الإفريقية أيضا. فإدراك منها بمدى قدرة هذه المشاريع على المساهمة في تحقيق التكامل والاندماج بين دول المنطقة، خاصة في جانبه الاقتصادي، قامت الجزائر بإدراج البعد المغاربي في مشاريعها التنموية الوطنية وعلى رأسها الطريق السيار (شرق غرب) الذي يشكل حلقة وصل بين الجارتين تونس والمغرب تمر عبر التراب الجزائري وكذا الطريق العابر للصحراء وشبكة الربط بالألياف البصرية وغيرها. ومن جهة أخرى، وبالنظر إلى الرهانات المشتركة، خاصة منها ذات الطابع الأمني، بادرت الجزائر شهر يوليو من سنة 2012 إلى عقد دورة استثنائية لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد، خصص لبحث إشكالية الأمن بالمنطقة المغاربية ووضع الأسس لسياسة أمنية مشتركة. وفي ذات الإطار، كانت الإرادة السياسية لإعادة بعث العمل المغاربي المشترك قوية بالجزائر، وعلى أعلى مستوى، حيث كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أكد حرص الجزائر على إعادة بناء القوة المغاربية في مناسبات عدة، آخرها، الذكرى ال 29 لتأسيس الاتحاد المغاربي والتي أكد فيها لكل من العاهل المغربي محمد السادس والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ونظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز و رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لدولة ليبيا فائز السراج، "تمسك الجزائر الثابت باتحاد المغرب العربي باعتباره خيارا استراتيجيا ومطلبا شعبيا". كما سجل أيضا تشبث الجزائر بالنهوض بمؤسسات اتحاد المغرب العربي وتنشيط هياكله، بما يّمكن الدول المغاربية من "الذود عن مصالحها المشتركة ومغالبة الرهانات المتنامية، والاستجابة لطموحات وآمال كل الشعوب المغاربية إلى المزيد من الوحدة والتكامل والاندماج"، يقول رئيس الجمهورية. واعتبر الرئيس بوتفليقة هذه الذكرى التاريخية سانحة لاستحضار ما يجمع الشعوب المغاربية من "أواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار"، ومناسبة "تستدعي التمعن في مسيرة الاتحاد وتقييمها بغية مراجعة منظومة العمل القائمة وتطويرها حتى يصبح الاتحاد المغاربي تجمعا وازنا وفاعلا في محيطه الإقليمي والدولي". للتذكير، كانت آخر قمة لاتحاد المغرب العربي قد انعقدت عام 1994 بتونس.