نفذت طائرات الاحتلال الإسرائيلي أمس أبشع جريمة في حق الإنسانية بإبادتها لسكان قطاع غزة بشنها غارات جوية متلاحقة زعمت أنها استهدفت المقرات السياسية والأمنية لحركة المقاومة الإسلامية حماس في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. ونفذت الجريمة منتصف نهار أمس بغارات جوية مكثفة حولت قطاع غزة إلى ساحة حرب ولكن بقوة غير متكافئة خلفت سقوط 210 شهيدا وحوالي 700 شخص مصاب لم تتمكن مستشفيات القطاع من استيعابهم . ومن أين لها ذلك وهي التي حرمت من الكهرباء والدواء واضطر النازلون بها إلى مغادرتها مكرهين بعد أن لم يجدوا أدنى ما يعالجون به بسبب حصار إجرامي يتعرضون له منذ بداية الشهر الماضي تحت مبررات الإطاحة بحركة حماس. وتبقى هذه الحصيلة مفتوحة أمام ارتفاع قادم، خاصة وأن الناطق باسم جيش الاحتلال أكد أن العملية مازالت في بداياتها وتأكيده أن ذلك يبقى مرهونا بتطورات الوضع الميداني في نفس الوقت الذي أكد فيه رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز أن قوات الاحتلال لن تقوم بعملية اجتياح برية لأرض القطاع وأكد أننا غادرناه ليس من اجل العودة إليه. وما ذا تنفع عملية الاجتياح البري ما دامت الطائرات المقنبلة كفيلة بأن تنفذ أقذر المهام في قتل المدنيين والزعم أنهم من أعوان الشرطة التابعة لحركة حماس أو مواقع لإطلاق صواريخ القسام ضد المستوطنات اليهودية. وارتفعت الحصيلة الأولية طيلة نهار أمس في نفس الوقت الذي كانت فيه الغارات الجوية متواصلة من أربعة شهداء في أول غارة إلى 200 شهيد ومئات المصابين تحول معها القطاع إلى ساحة حرب ولكنها غير متكافئة وفي مشاهد لحرب إبادة حقيقية. وقالت مصادر فلسطينية أن قائد قوات الشرطة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية الجنرال توفيق جابر سقط شهيدا في تلك الغارات التي استهدفت مقار القيادة العامة للشرطة الفلسطينية في قطاع غزة بالإضافة إلى أكثر من مائة شرطي آخر. يذكر أن عمليات القصف الجوي ركزت بشكل خاص على مدينة غزة والضواحي القريبة منها حيث توجد أكثر المنشآت الأمنية وقواعد التدريب التابعة لقوات حركة حماس. وأمام هذا الانزلاق العسكري دعت حركة حماس كتائب عز الدين القسام (جناحها العسكري ) باستعمال كل الوسائل المتاحة لديها لجعل الصهاينة لا يقدرون على النوم". وكانت الحركة أكدت أنها ستكون مضطرة إلى تنفيذ عمليات استشهادية في قلب إسرائيل في حال نفذت إدارة الاحتلال أي اجتياح أو علمية قصف ضد الأهداف الفلسطينية في قطاع غزة والانتقام للشهداء الذين سقطوا. والمؤكد أن إدارة الاحتلال فضلت اللجوء إلى طيرانها الحربي لإتمام هذه العملية بدلا من القيام بعملية اجتياح برية لقطاع غزة لقناعتها المسبقة أن أية مغامرة في هذا الاتجاه قد تكلفها الكثير من القتلى في صفوف جنودها. ولم يتوان فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس أمس في القول أن العملية تم التخطيط لها بأحكام بعد زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إلى القاهرة ولقائها بالرئيس المصري حسني مبارك. ومهما كان الأمر فإن مشاهد المأساة في الأرض الفلسطينية مازالت قائمة وآثارها الكارثية سوف لن تنمحي بسهولة بالنظر إلى حجم الخسائر البشرية والشرخ الذي ستحدثه على تجانس المجتمع الفلسطيني.