لم يشأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرضوخ لضغوط الحزب الديمقراطي الذي خيره بين التراجع عن مشروع إقامة الجدار العازل على الحدود المكسيكية وبين إنهاء أزمة الإغلاق التي تعاني منها الإدارات الرسمية الفيدرالية بسبب عدم مصادقتهم على مشروع قانون المالية للعام الجاري. وأصر الرئيس ترامب، على موقفه في خطاب وجهه للأمة الأمريكية لم يتعد تسع دقائق، مؤكدا تشبثه بموقفه وعناده، طالبا تأييد الشعب الأمريكي لمشروع الجدار الذي قال إن إقامته الهدف منها تجنيب الولاياتالمتحدة زحفا هائلا للمهاجرين الراغبين في تحقيق الحلم الامريكي، متهما إياهم بتهديد حياة الأمريكيين وهدر دمائهم بما يستدعي منع وصولهم إلى بلاده. ولم يكترث الرئيس الامريكي لحالة الشلل التام التي تعيشها مؤسسات الدولة الفيدرالية لليوم التاسع عشر على التوالي وراح يراهن على عبارات التخويف التي سوقها في خطابه تجاه المهاجرين القادمين من مختلف دول أمريكا اللاتينية عبر الحدود المكسيكية على أمل الوصول الى الأراضي الأمريكية. وهو ما جعله يطالب نواب غرفتي الكونغرس بالمصادقة على الميزانية الفدرالية لإقامة الجدار العازل على طول الحدود الدولية مع المكسيك بقيمة 5,7 مليار دولار متهما الديمقراطيين بعرقلة مشروعه الذي بدا الترويج لفكرته منذ الحملة الانتخابية لرئاسيات خريف 2016. ورفض الحزب الديمقراطي الى حد الآن تجسيد هذه الفكرة وتخصيص تلك المبالغ الباهظة لتمويله بقناعة انه مشروع مكلف وغير نافع عمليا، وهو بالإضافة الى ذلك مشروع لا أخلاقي وسيعود بأمريكا الى القرون الوسطى. وقالت نانسي بيلوسي، رئيسة غرفة النواب الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي في رد على هذا الخطاب إنه يتعين على الرئيس ترامب، عدم إبقاء الأمريكيين رهائن أفكاره والكف عن افتعال أزمة هجرة على حدود الولاياتالمتحدة. وتسبب هذا التباين في مواقف الرئيس ترامب، والنواب الديمقراطيين في توقف المفاوضات حول قانون الميزانية منذ تسعة يوما بقي خلالها حوالي مليون موظف في منازلهم ينتظرون النهاية التي تعرفها القبضة بين الرئيس والحزب الديمقراطي. وراح الرئيس ترامب، يلعب في خطابه على حبل العواطف متسائلا "كم سيسيل من دم الأمريكيين قبل أن يقوم الكونغرس بعمله" في إشارة الى المصادقة على مشروع قانون المالية المجمد. وقال إن "آلاف الأمريكيين قتلوا على مدار السنين من طرف هؤلاء المهاجرين الذين دخلوا التراب الامريكي بطريقة غير شرعية، وكم من أرواح ستزهق إذا لم نتحرك وقبل فوات الأوان". ولتأكيد قناعته قال الرئيس ترامب، إنه سيزور اليوم الحدود الأمريكية الجنوبية لملاقاة أولئك المتواجدين في الخطوط الأمامية الذين يواجهون أزمة أمنية وطنية في إشارة إلى تعزيزات قوات الأمن التي تم نشرها على طول الحدود مع دولة المكسيك.