أبدت جبهة البوليزاريو في رسالة بعثت بها إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي، قلقا متزايدا على خلفية تردي الأوضاع الإنسانية والحقوقية في المدن المحتلة في نفس الوقت الذي حذرت من أي توغل للاحتلال في الشريط العازل في منطقة الكركرات؛ بما يشكل انتهاكا مفضوحا لاتفاق وقف النار والاتفاقية العسكرية المبرمة بين طرفي النزاع. وأشار سيدي محمد عمار ممثل جبهة البوليزاريو لدى الأممالمتحدة في رسالته إلى دولة الدومنيكان خوسيه سينإر فايسينغر الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن هذا الشهر، أشار إلى آخر تطورات قضية النزاع الصحراوي، وعلى رأسها نتائج اجتماع الطاولة المستديرة الذي جرى في جنيف بداية شهر ديسمبر الماضي برعاية من المبعوث الخاص الأممي هورست كوهلر. وأشار الدبلوماسي الصحراوي إلى «المساهمة الجدية والبناءة» التي قدمتها جبهة البوليزاريو أثناء أول لقاء بين وفدي طرفي النزاع، وتقديمها حزمة تدابير ملموسة لاستعادة الثقة، كان من بينها السماح للمراقبين الدوليين وممثلي منظمات حقوق الإنسان العالمية بزيارة الأراضي المحتلة في الصحراء الغربية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين الصحراويين من سجون الاحتلال المغربي. وعبّرت جبهة البوليزاريو من خلال هذه الرسالة، عن «قلقها الكبير» بشأن الوضع في الأراضي الصحراوية المحتلة، حيث تواصل السلطات المغربية حرمان المواطنين الصحراويين من حقوقهم الأساسية. وتزامنت الرسالة مع سقوط عدة ضحايا، من بينهم نساء بعد أن أقدمت قوات الاحتلال المغربية نهاية الأسبوع، على قمع مظاهرات سلمية لصحراويين أغلبهم من العاطلين عن العمل، خرجوا للتظاهر في كل من مدينة العيون والسمارة المحتلتين، للتنديد بالاستنزاف الخطير لثروات الصحراء الغربية وعدم استفادة الصحراويين منها. وعكست هذه الممارسات القمعية حقيقة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها السكان الصحراويون تحت سلطات الاحتلال المغربي، ورفضهم استخدامها القوة المفرطة لقمع مطالبهم المشروعة، بما فيها حقهم في تقرير المصير، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الصحراويين الذين يقضون عقوبات سجن جائرة سلطتها عدالة الحيف المغربية عليهم. وتصر سلطات الاحتلال المغربية على مواصلة أساليبها القمعية رغم توالي الإدانات الدولية من مختلف عواصم العالم والمنظمات الإقليمية والحقوقية، التي عبرت مرارا عن رفضها القمع الممنهج والممارسات المنافية لكل الأعراف والمواثيق الدولية من قبل ضد أبناء الشعب الصحراوي. وأدانت اللجنة الصحراوية لحقوق الإنسان قبل يومين العمليات القمعية لدولة الاحتلال، وتنكّرها للمطالب المشروعة للمتظاهرين والمنسجمة مع المواثيق والأعراف الدولية في هذا الشأن. ودعت الأممالمتحدة المنوط بها أصلا حماية المدنيين الصحراويين من خلال بعثة «مينورسو» المكلفة بتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، إلى تحمّل مسؤوليتها تجاه الصحراء الغربية المحتلة؛ كبلد لم يتمتع بعد بحقه في تقرير المصير والاستقلال. ومن جهة أخرى أبلغت جبهة البوليزاريو مجلس الأمن تدميرها كامل مخزونها من الألغام المضادة للأفراد، لتأكيد حسن نيتها في هذا المجال، معربة عن أملها في أن يقوم المجتمع الدولي بممارسة ضغط كاف على المغرب؛ لإرغامه على التوقيع على معاهدة «أوتاوا» الخاصة بحظر استخدام وتخزين الألغام واتفاقية الذخائر العنقودية، في نفس الوقت الذي عبّرت عن استعدادها «الكامل» للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب؛ بهدف التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم؛ من شأنه أن يكفل لشعب الصحراء الغربية ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. يأتي ذلك في الوقت الذي يُنتظر أن يصوّت البرلمان الأوروبي قبل نهاية شهر جانفي الجاري، على اقتراح تعديل بروتوكولات اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، الذي يتضمن توسيع التفضيلات التجارية لتشمل إقليم الصحراء الغربية؛ في انتهاك مفضوح لأحكام وقرارات محكمة العدل الأوروبية. وفي محاولة استقباقية، قام حوالي مائة نائب أوروبي من مختلف الاتجاهات السياسية، بإيداع اقتراح تسوية في 9 جانفي الجاري، طالبوا من خلاله رئيس البرلمان الأوروبي باتخاذ الإجراءات الضرورية؛ قصد الحصول على رأي محكمة العدل الأوروبية حول مشروع هذا الاتفاق.