ووري الثرى بعد ظهر أمس، بمقبرة بن عكنون بالجزائر العاصمة، جثمان المرحوم مراد مدلسي، رئيس المجلس الدستوري الذي وافته المنية فجر أمس، عن عمر ناهز 76 سنة إثر مرض عضال.وحضر الجنازة التي جرت في أجواء مهيبة إطارات الدولة، يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، والوزير الأول أحمد أويحيى، بالإضافة إلى مستشار رئيس الجمهورية سعيد بوتفليقة، والأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي، وكذا مسؤولين سامين في الدولة وأعضاء في الحكومة وشخصيات سياسية ووطنية وعائلة وأصدقاء المرحوم، إلى جانب أعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وبهذه المناسبة الأليمة بعث رئيسا مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، والمجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، برقيتي تعزية إلى عائلة الفقيد، أكدا فيهما أن "برحيله تكون الجزائر قد فقدت أحد رجالاتها الذين خدموها بإخلاص من مختلف مواقع المسؤوليات التي تقلدها". وكتب بن صالح، في برقية التعزية "نفقد رجلا سمَتْ به مكارم سيرته ورفعت مقامه مسيرته الحافلة ليُعدَّ بجدارة في صف رجالات الجزائر الذين خدموها بإخلاص من مواقع مسؤوليات ومهام سامية عديدة، تقلدها على مدى سنوات طويلة بتواضع وكفاءة فاستحق واسع التقدير والاحترام" . وتابع بن صالح قائلا "وإننا إذ نودع ببالغ الأسى والحسرة أخا وصديقًا قضى حياته في خدمة الوطن والأمة، نتضرع إلى المولى عز وجل أن يُكرم مثواه ويلحقه في جنة الفردوس بإخوانه المجاهدين والشهداء وأن يُلهم عائلته الكريمة جميل الصبر والسلوان و يتغمده برحمته الواسعة إنه سميع مجيب". من جانبه أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن الفقيد مراد مدلسي، ساهم من خلال مختلف المناصب التي تقلدها بعد الاستقلال في بناء الدولة "من منطلق حبه الصادق للجزائر وتفانيه في خدمتها"، مضيفا أن الراحل "بعد أن واكب وشارك في الثورة التحريرية، ساهم في معركة بناء جزائر قوية، نامية، مستقرة ومزدهرة" . وشدد بوشارب، على أن الروح الوطنية التي ميزت مدلسي طيلة مشواره، "تبقى حاضرة دائما في أذهاننا بما تركه المرحوم من أثر بالغ في نفس كل من حظي بالعمل والتعامل معه، متقدما باسمه ونيابة عن كافة نواب المجلس الشعبي الوطني لعائلة الفقيد ب«أصدق التعازي وأخلص المواساة". الوزير الأول: الفقيد شغل بكفاءة واقتدار مناصب عديدة من جهته أبرز الوزير الأول أحمد أويحيى، في برقية تعزية لأسرة رئيس المجلس الدستوري مناقب الفقيد الذي "تفانى في خدمة بلاده" من خلال المناصب السياسية والوزارية العديدة التي شغلها "بكفاءة واقتدار". وتابع مخاطبا أسرة الراحل "وإذ أشاطركم الآلام والأحزان على رحيل هذا الرجل الذي أخلص في خدمة بلاده، فإنه لا يسعني وقد قضى الله أمره، إلا أن أتقدم إليكم وإلى ذوي الفقيد جميعا، بأخلص عبارات العزاء وأصدق المواساة والتعاطف، داعيا المولى العلي القدير أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته وغفرانه وأن يجعل مثواه جنة النعيم مع الصديقين والأبرار، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يلهمكم جميل الصبر وعظيم السلوان ويجازيكم عنه خير الثواب إنه السميع المجيب". تشكيلات ومنظمات وطنية تعزّي عائلة المرحوم وأشاد العديد من المسؤولين والشخصيات الوطنية على غرار رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبو عبد الله غلام الله، ومسؤول فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا علي هارون، بمناقب المرحوم، مؤكدين أن الراحل "خدم وطنه بإخلاص وتفان" في كل المسؤوليات التي تولاها في مساره المهني الطويل. كما وجهت عدة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية رسائل تعزية إلى عائلة الفقيد مراد مدلسي، حيث نشر التجمع الوطني الديمقراطي عبر موقعه على الانترنيت رسالة تعزية جاء فيها "بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقت أسرة التجمع الوطني الديمقراطي نبأ وفاة المرحوم مراد مدلسي، رئيس المجلس الدستوري. وعلى إثر هذا المصاب الجلل،يتقدم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، أصالة عن نفسه ونيابة عن أعضاء المكتب الوطني وإطارات ومناضلي الحزب إلى أسرة الفقيد بأخلص عبارات التعازي والمواساة، داعين المولى عز وجل أن يتغمد روح الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان". من جانبه تقدم رئيس حزب تجمع أمل الجزائر عمار غول، نيابة عن إطارات ومناضلي حزبه بعبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيد. وسارعت شخصيات وطنية ومسؤولو الهيئات والمنظمات الوطنية إلى تعزية عائلة الفقيد والإشادة بخصاله، حيث أكد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، أن "الجزائر فقدت رجلا وطنيا شهما من طينة الكبار ورجل دولة بأتم معنى الكلمة، خدمها منذ الصغر ولبى نداء الوطن مهما كانت الظروف والمحن". بدوره أعرب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي سعيد، عن بالغ تأثره بفقدان الجزائر للسيد مراد مدلسي. وكان الفقيد مراد مدلسي، قد تولى عدة مناصب في الدولة، منها وزيرا للشؤون الخارجية ما بين 2007 و2013، كما شغل منصب وزير للميزانية (2007/2005) ومستشار لدى رئاسة الجمهورية من سنة 2002 إلى 2005. وقبلها شغل الراحل منصب وزير التجارة ما بين سنتي 1988 و1989 وعين في سنة 1991 وزير منتدب لدى الخزينة، ثم أعيد تعيينه وزيرا للتجارة سنة 1999 إلى غاية 2001. كما نشط الفقيد في مجالات متعددة سياسية واقتصادية وثقافية على الصعيدين الوطني والدولي،منها مؤسسة الأمير عبد القادر التي كان نائبا لرئيسها سنة 1996 وعضو مؤسس لجمعية العلاقات الدولية سنة 1997 ورئيسا مؤسسا لجمعية الفعالية والنجاعة للمؤسسة الاقتصادية سنة 1998. على الصعيد الدولي كان الفقيد ضمن مجموعة الشخصيات البارزة للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وذلك بين سنتي 2003 و2005. وقد تخرج الراحل مراد مدلسي، من جامعة الجزائر حاملا لشهادة ليسانس في العلوم الاقتصادية سنة 1966، وتولى على إثرها مناصب إدارية في عدة مؤسسات عمومية، قبل تعيينه مديرا عاما للشركة الوطنية للتبغ والكبريت وبداية من سنة 1980، دخل في الوظيف العمومي قبل توليه مناصب وزارية ومؤسساتية انطلاقا من سنة 1988.