خصصت الجزائر ميزانية قدرها 63 مليار دينار مسجلة في ميزانية المؤسسات الصحية لاقتناء الأدوية الخاصة بمرض السرطان وأمراض الدم، ما يمثل 59 بالمائة من مجمل مقتنيات الصيدلية المركزية للمستشفيات خلال سنة 2018، حسبما أعلن عنه السيد مختار حسبلاوي، وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الذي دعا أمس، القائمين على هذه المستشفيات إلى إعداد تقييم مفصل عن مرض السرطان باستغلال السجلات الخاصة به في أقرب الآجال، لمعرفة الإحصائيات الأخيرة المتعلقة بالمرض والتي لم يتم تقييمها منذ عامين. وأكد السيد حسبلاوي، خلال إشرافه بالمركز العائلي لعمال الضمان الإجتماعي ببن عكنون بالجزائر، على افتتاح اللقاء الإعلامي الخاص باليوم العالمي لمكافحة السرطان الذي يصادف 4 فيفري من كل سنة، أن تخصيص هذا الغلاف المالي المعتبر لاقتناء الأدوية الخاصة بداء السرطان جاء تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في إطار المخطط الوطني لمكافحة هذا المرض، حاثا في سياق متصل على ضرورة جعل سنة 2019 محطة مفصلية في تنفيذ المخطط الوطني لمكافحة السرطان، لرسم التحديات الأخرى التي سيتضمنها هذا المخطط من 2020 إلى 2024، خاصة في مجالات التكوين، التشخيص، التحسيس والبحث. وشدد السيد حسبلاوي، خلال هذا اللقاء الذي حضره دكاترة ومسؤولو مراكز مكافحة السرطان، على ضرورة تقييم السجلات التي تدون فيها معلومات مرضى السرطان بالمستشفيات ومراكز محاربة السرطان في أقرب الآجال، لمعرفة كل التفاصيل الخاصة به من أرقام وإحصائيات بكل المناطق ومعرفة ما يجب تسطيره كأهداف جديدة، لإتمام تنفيذ هذا المخطط الذي رصدت له الدولة كل الإمكانيات الضرورية، ملحا على وجوب الإسراع في إتمام هذا التقييم الذي لم يتم القيام به منذ عامين. وفي مجال تعزيز وتحسين عروض العلاج للتداوي بالعلاج الكيميائي ذكر الوزير، بوجود ما لا يقل عن 41 مصلحة و77 وحدة للعلاج الكيميائي تغطي 48 ولاية، فيما أشار بخصوص العلاج بالأشعة إلى وجود 43 مسرعا بالقطاع العمومي و10 مسرعات بالقطاع الخاص، بعد ما كان عدد هذه الأخيرة لا يتجاوز 7 مسرعات التي كانت متواجدة بالمستشفيات فقط في سنة 2013. ومن المقرر أن تعرف سنة 2019 استلام مراكز جديدة لمكافحة السرطان ابتداء من شهر فيفري الجاري بالوادي، أدرار، بشار، والأغواط، بعد المركز الذي تم تدشينه مؤخرا في تيزي وزو، علما أنه تقرر تخصيص مسرعين للتداوي بالأشعة بمستشفى ورقلة والمستشفى العسكري بتمنراست. وفي حديثه عن إنجازات الدولة لتحسين التكفل بالسرطان ذكر نفس المسؤول بأنه تم تجهيز المركز الاستشفائي الجامعي لباب الوادي بجهازين للعلاج من نوع «بات سكانير» و»سيكلوترون» وجناح كامل بطاقة 140 سريرا و7 غرف للعمليات الجراحية للتكفل بالسرطان لدى الأطفال من المنتظر أن تدخل حيز الخدمة خلال الثلاثي الأول لهذه السنة. ولمواجهة هذا المرض الفتاك ألح الوزير، على أهمية الوقاية للتقليص من الوفيات باعتبار أن التشخيص المبكر يسمح بالوقاية وتفادي التعقيدات، خاصة ما تعلق ببعض الأنواع كثيرة الانتشار ببلادنا مثل سرطان الثدي عند النساء وسرطان المستقيم والقولون والبروستات عند الرجال. وذكر السيد حسبلاوي، بأن مرض السرطان أخذ منحى متصاعدا في السنوات الأخيرة بالجزائر كغيرها من بلدان العالم، حيث بلغت نسبة انتشاره إلى غاية 31 ديسمبر 2016 ما يساوي 103,3 حالة جديدة لكل 100 ألف ساكن أي ما يقارب 42000 حالة جديدة كل سنة. 4000 دواء للسرطان يعوضه الضمان الاجتماعي من جهته أفاد السيد مراد زمالي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الذي حضر اللقاء أن قطاع الضمان الاجتماعي يعوض حاليا أكثر من 4000 نوع من الأدوية الخاصة بمرض السرطان من ضمنها مسكنات الألم التي يلجأ إليها المرضى، مشيرا إلى أن قطاعه يساهم في التكفل بالمرضى من خلال المساهمة في تمويل سنوي للمؤسسات الصحية العمومية عن طريق جزافي المستشفيات الذي قدر بمبلغ 88 مليار دينار سنة 2019، إلى جانب التكفل المادي بالمرضى المؤمّنين اجتماعيا عن طريق تعويض العطل المرضية والتكفل بفترات العجز وكذا المنح المخصصة للعمال المصابين بأمراض مهنية والتي تضم العديد من الأمراض المرتبطة بالسرطان. وأضاف الوزير، أن هذه الإجراءات لا تمثل لوحدها الإجابة الكافية لمواجهة التحديات الناجمة عن تفاقم هذا المرض الخبيث «فهي تشكل مساهمة فقط ضمن المجهود الوطني الذي يرمي إلى توفير الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين». أما ممثل المنظمة العالمية للصحة بالجزائر أوني سيدا، فأكد من جانبه إمكانية إنقاذ آلاف البشر من الموت بسبب السرطان في إفريقيا وتفادي النفقات «الكارثية» التي يدفعها المستعمل للتشخيص والعلاج عندما يفوت الأوان، مشترطا لذلك انتهاج إستراتيجية تقوم على مبدأ الوقاية عن طريق التشخيص المبكر للداء وتسهيل الوصول إلى العلاج والدواء. ولاحظ نفس المسؤول أن السرطان يعرف انتشارا رهيبا في كل الدول، غير أن معدل الوفيات في الدول الفقيرة بما فيها إفريقيا يبقى مرتفعا بسبب عدم التشخيص المبكر. كما أشار الأطباء الأخصائيون الذين تدخلوا في اللقاء على غرار البروفيسور مسعود زيتوني، منسق البرنامج الوطني لمحاربة السرطان إلى توقع ارتفاع نسبة الإصابة بداء السرطان بنسبة تقارب 70 بالمائة في العامين القادمين، بسبب ظروف الحالات العصرية وسوء التغذية. وأضاف البروفيسور زيتوني، بأن السرطان يبقى السبب الأول للوفاة في كل العالم، مقدرا بأن «الموت بالسرطان سيصبح بعد 50 سنة مثل الموت العادي، وسيشكل عجزا ماليا كبيرا للعديد من الدول بسبب غلاء تكاليف الأدوية وأجهزة العلاج». وذكر الأخصائيون في مكافحة السرطان بأن سنة 2018 سجلت 41948 حالة إصابة جديدة بالسرطان بالجزائر منها 18140 حالة بشرق البلد، 16715 بالوسط، و7196 حالة بالغرب، ملاحظين بأن في مقدمة هذه الإصابة، سرطان المستقيم الذي يبقى النوع الأول الأكثر انتشارا عند الرجال والثاني عند النساء بعد سرطان الثدي.