دعا وزير المالية عبد الرحمان راوية البنوك إلى تجنيد كل الأدوات المتوفرة من أجل تمويل الاقتصاد الوطني، لاسيما عبر مساهمتها النوعية لاستقطاب الأموال، عن طريق توفير منتجات متنوعة وتوسيع شبكة وكالاتها وكذا عصرنة أدوات الدفع وتحسين الوساطة البنكية. وقال الوزير إنه من الضروري تسريع وتيرة الإصلاحات الرامية إلى أقلمة القطاع البنكي مع المعايير الدولية. في هذا السياق، كشف محافظ بنك الجزائر محمد لوكال أن اللجنة البنكية ستعكف على مطالبة البنوك بإجراء تدقيق حول نظم معلوماتها، يستجيب لدفتر شروط "موحد". كما تحدث عن إقامة نظام رقابي يحكم نشاط البنوك، بما يتماشى مع المعايير الدولية لتعزيز ظهور نظام مصرفي "حديث ومرن". وتمت أمس، مناقشة وضع القطاع المصرفي خلال يوم إعلامي نظم بالجزائر العاصمة من طرف الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، تطرق إلى "الإنجازات" التي تمت في السنوات الأخيرة، لاسيما الإصلاحات التي مست القطاع، وكذا الآفاق والتحديات المطروحة للوصول إلى وضع نظام مصرفي عصري يستجيب للتغيرات والمطالب المتنامية على التمويل في ظل الانتقادات المتواصلة التي توجه للبنوك ببلادنا. وتطرق المشاركون الذين يمثلون كافة الفاعلين في القطاع المالي العمومي والخاص، إلى أربعة محاور رئيسية شكلت مواضيع الورشات المنظمة، وهي "إصلاحات القطاع المصرفي لمواجهة التحديات الاقتصادية"،"تنويع عروض التمويل كعامل للتطور والنمو"،"الأنظمة الإعلامية كقاعدة لاستراتيجيات عصرنة القطاع المصرفي" و«البنوك في مواجهة تحدي اليوم، من أجل الشمولية المالية". في هذا الصدد، ذكر وزير المالية بالجهود التي بذلت في إطار تطوير القطاع المالي وعصرنة البنوك خصوصا، مشيرا إلى أن الجزائر فضلت عدم الذهاب نحو التحرير التام للقطاع، وإنما انتهاج سياسة "البراغماتية"، التي مكنتها كما أشار إليه - من تجاوز الأزمة المالية التي ضربت العالم منذ 2008. واعتبر أن التأقلم مع التغيرات الحادثة، لاسيما في المجال التكنولوجي يشكل تحديا لضمان سير الأداة الإنتاجية للتحول نحو اقتصاد متنوع وفعال، "تحول يتم عبر مسار متواصل من الإصلاحات"، كما أضاف، والذهاب نحو الرقمنة. وكان اليوم الإعلامي فرصة للمسؤول الأول عن القطاع للتذكير بأهم الإجراءات التي اتخذت لعصرنة البنوك، خاصا بالذكر "توسيع شبكة الوكالات لتغطية جغرافية أفضل وتقريب المواطن من البنوك"، "تبسيط الإجراءات الإدارية لاسيما لفتح الحسابات البنكية وللحصول على القروض لفائدة الزبائن"،"وضع آليات جديدة للتمويل مثل الإيجار المالي ورأسمال الاستثمار" و«تنويع المنتجات". ورغم إبرازه للأهمية التي تحتلها البنوك ولاسيما العمومية منها في تمويل الاقتصاد، مشيرا إلى أن حجم القروض الممنوحة في هذا الإطار تجاوز ال8000 مليار دج، فإن الوزير اعتبر أنه في ظل الوضع الراهن المتميز بالطلب المتنامي على القروض، أصبح التفكير في آليات جديدة للتمويل أمر لابد منه. ولذا أكد على التركيز على "عصرنة القطاع" من خلال "تحسين إدارة البنوك عبر ميكانيزم للمتابعة الدائمة لتسييرها" وكذا "تعميم وسائل الدفع الإلكترونية". في السياق، شدد راوية على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات التي تم الشروع فيها، لاسيما في مجال الوساطة البنكية وتوفير مجموعة واسعة من المنتجات وأدوات دفع متطورة. بالمقابل، اعتبر أن عصرنة البنوك لا يجب أن يتم على حساب الصلابة المالية التي تتمتع بها البنوك والقوانين المنظمة للقطاع وقواعد الحذر، داعيا البنوك إلى بذل جهود أكبر في مجالات تسيير المخاطر والتكوين وعصرنة الأنظمة المعلوماتية. وبدوره، تحدث محافظ بنك الجزائر محمد لوكال عن الدور الذي تلعبه هذه الهيئة لضبط وتنظيم القطاع المالي، لاسيما وأن الجزائر تعتمد على الإنفاق العمومي في تمويل الاقتصاد، وهو ما يجعلها تحتاج إلى استغلال كل آليات التمويل المتوفرة. في السياق، ذكر باللجوء إلى التمويل غير التقليدي، معتبرا أن هذه الآلية سمحت بالاستمرار في تمويل المشاريع العمومية، رغم أنها محدودة في الزمن، وهو ما يحتم كما أضاف عصرنة قطاع البنوك واستكمال إصلاحه، من أجل ضمان التمويل الدائم للمشاريع. ودعا البنوك إلى العمل من أجل استقطاب الأموال الموجودة خارج الدوائر الرسمية التي قدرها بين 1500 و2000 مليار دج. وهو ما لن يتم إلا بانتهاج البنوك كما قال لسياسة "هجومية" تسمح بتوفير منتجات متنوعة. كما طالبها بتوجيه القروض في المستقبل أكثر فأكثر لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، القادرة على إعطاء دفع للنمو الاقتصادي. وقال إن "إصلاح إدارة البنوك" لابد أن يشكل محورا رئيسيا مع الالتزام بمبادئ الاستقلالية والفعالية وإلزامية تقييم الأداء، إضافة إلى ترقية التنافسية وإضفاء فعالية أكبر في الوساطة البنكية، من دون إغفال أهمية رقمنة القطاع. واعترف رئيس الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية عاشور عبود بوجود نقائص في عمل البنوك، لكنه شدد على ضرورة عدم إهمال التطور الذي شهدته مؤخرا، بفضل برنامج الإصلاح الذي وضعته وزارة المالية. حيث اعتبر أنه من المهم تسريع عصرنة القطاع من أجل اندماج الاقتصاد الوطني في الاقتصاد العالمي.