شدد وزير السكن والعمران السيد نور الدين موسى، أول أمس، على ضرورة إعادة الاعتبار لمهنة المهندس المعماري، من خلال ترقية مفهومها الضيق والمحدود إلى المفهوم الواسع الذي يشمله المعنى الحقيقي "لمكتب الدراسات"، ومراجعة النصوص التشريعية التي تنظم هذه المهنة، وكذا تفعيل دور مجلس أخلاقيات المهنة من أجل تطهير هذا النشاط من الطفيليين، وردع المتلاعبين بالإطار المعماري الوطني الذي يعد إرثا للأجيال القادمة. وأعرب السيد موسى أثناء إشرافه على التنصيب الرسمي للمجلس الوطني الجديد لنقابة المهندسين المعماريين المنبثق عن قرارات المؤتمر الذي عقدته هذه الهيئة يومي 17 و18 ديسمبر الفارط بالجزائر، عن استعداده التام لتقديم المساعدة لمجلس المهندسين المعماريين "من أجل إعادة النظام لهذه المهنة" على حد تعبيره، لا سيما من خلال تشخيص النقائص وتعديل الأحكام المتضمنة في القانون 05/94 الذي ينظمها والذي مضى على صدوره 14 عاما، وكذا من خلال العمل مع هذه الهيئة على وضع قانون جديد خاص بالعمران، وتحسين الإطار المبني، الذي يشهد حالة فوضى عارمة، أفقدت النسيج العمراني الجزائري أبعاده الجمالية والاقتصادية والبيئية. وفي هذا الصدد ذكر الوزير بأهمية اغتنام فرصة اعتماد الدولة للقانون الجديد الخاص بإتمام البنايات ومطابقتها والذي يتم تعزيزه حاليا بنصوص تطبيقية، لإعادة الاعتبار للنسيج العمراني الوطني، مشيرا بالمناسبة إلى أن كل المهندسين المعماريين سيكون لهم مكان للإسهام في الجهد الكبير الذي تبذله الدولة من أجل ترقية التراث المعماري عملا بتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شدد في 2006 على ضرورة إيلاء العناية التامة للطابع المعماري وخصوصياته، والذي ينبغي أن يكون متجانسا ومتناسقا مع كل منطقة من مناطق الوطن. كما ذكر في الإطار بتخصيص الدولة ل 300 مليار دينار منذ سنة 2006، لتنفيذ برامج تحسين المجمعات الحضرية وترقية الأحياء السكنية وحماية القصور والإرث العمراني، وإطلاقها للعديد من البرامج الخاصة بترميم البنايات القديمة على مستوى مدن الجزائر، قسنطينة، عنابة، ووهران، حيث خصصت لهذه الأخيرة وحدها نحو 1,5 مليار دينار في إطار هذه البرامج. وفيما اعتبر السيد موسى، المهندس المعماري بمثابة رأس الحلقة التي تدخل في عملية البناء كلها، شدد على ضرورة مراعاة هذا الأخير ضمن عمله للخصوصيات الثقافية والإقتصادية والبيئية في تصميم البنايات في المناطق الحضرية والريفية، مبرزا أهمية تأهيل المهنة من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة المهندسين المعماريين حتى يتسنى لهم مواكبة التطورات والتحولات الحاصلة في قطاع البناء على المستوى الدولي. كما أكد أنه يتعين على المهندسن المعماريين تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية إزاء التراث العمراني، مشيرا الى انه سيتم قريبا تفعيل مجلس أخلاقيات المهنة الذي يعد إحدى هياكل المجلس الوطني لنقابة المهندسين المعماريين، لضبط التعامل مستقبلا مع المخالفين لمعايير العمل المعماري وردع العابثين بالتراث العمراني الذي يعد إرثا للأجيال القادمة. على صعيد آخر، اعتبر الوزير أن النصوص التطبيقة لقانون إتمام البنايات ومطابقتها ستكون بمثابة الأداة التي ستسمح بالتكفل الأفضل بالوسط العمراني وتحسين التجمعات السكنية من خلال إشراك المواطنين في الحركية الجديدة لتثمين قطاع البناء، كما ستنظم وتقنن تدخل أعوان الدولة ومختلف مصالحها المعنية لإنهاء حالة الفوضى التي تشوه جمال المدن والأحياء. وتم بمناسبة التنصيب الرسمي للمجلس الوطني الجديد لنقابة المهندسين استعراض مخطط عمل هذه الهيئة، المتضمن ثماني عمليات رئيسية تشمل دعم سياسة رئيس الجمهورية في ترقية النسيج العمراني، ضبط وتأهيل دور المهندس المعماري، تشخيص الإختلالات المسجلة في الطابع المعماري للإطار المبني في السنوات الأخيرة، بعث عملية واسعة للتصدي للمتطفلين وللعمل غير الشرعي ولا سيما لدى مكاتب الدراسات الأجنبية، وضع اللجان المكلفة بتنظيم المهنة، اعتماد مختلف العوامل التكنولوجية، وجمع كل الثروة المعمارية الجزائرية وتثمينها. ويضم مكتب المجلس الوطني للمهندسين المعماريين 14 عضوا تم انتخابهم خلال المؤتمر الرابع لهذه الهيئة التي انتخبت السيد خليل بن بوالعيد رئيسا جديدا لها لمدة 4 سنوات، خلفا للسيدة بوحيرد. وتحصي الجزائر نحو 18 ألف مهندسا معماريا، 7000 منهم منخرطون في المجلس الوطني لنقابة هذه المهنة.