شدد المشاركون في الملتقى الإقليمي حول إصلاح العقاب الجنائي في الجزائر وتفعيل توصية الأممالمتحدة لوقف تنفيذ حكم الإعدام على ضرورة طرح النقاش حول إلغاء حكم الإعدام من عدمه في أوساط المجتمع لتجاوز الخلاف القائم بين مختلف التوجهات الفكرية حول الموضوع. وأبرز أساتذة وقانونيون جزائريون وأجانب الحاجة الى نقل النقاش إلى المجتمع حتى يتم إثراؤه، ومن ثم الابتعاد عن الجدل الفكري والسياسي مادام أن الغرض من إلغاء الحكم بالإعدام او الإبقاء عليها يمثل استجابة لاحتياجات المجتمع والتماشي مع التطور الذي يعرفه، وبيّن المتدخلون في اليوم الثاني والأخير من الملتقى أن حساسية الموضوع بالنسبة للدول الإسلامية يستدعي الرجوع إلى "المجتمع المدني" قصد الفصل النهائي في القضية وذلك تجنبا للتشنجات والخلافات التي قد تقع لاعتبارات عقائدية أو إيديولوجية. وقال عضو المجلس الإسلامي الأعلى السيد محفوظ سماتي انه من الضروري أن تستند اية خطة تتخذ في سياق إلغاء حكم الإعدام الى المجتمع ولا يجب إقرانها بالتطور البشري او بالعبارات التي ترمز الى العولمة او الدول المتقدمة ما دام أن لكل بلد خصوصيته خاصة للدول الإسلامية. وسار في نفس الطرح الأستاذ الجامعي السعودي ورئيس لجنة الخبراء القانونيين في منظمة العمل العربية السيد رزق بن مقبول حيث اكد أن القوانين هي تعبير عن ما يريده المجتمع وعليه يتعين عدم ربط موضوع الغاء حكم الإعدام بالتحول الاقتصادي او السياسي للبلدان الإسلامية، موضحا أن الاستناد الى الشريعة فيما يخص مسألة الإعدام أمر لا مفر منه، وله خصوصية في المجتمعات الإسلامية كون القرآن ينص على حالات القتل مثل القصاص. وحول هذه النقطة قال عضو المجلس الإسلامي الأعلى السيد محفوظ سماتي أن المرجعية في مناقشة الموضوع هو القرآن لكن دون إهمال الجانب المتعلق بالاجتهاد، من منطلق أن الحق في الحياة أمر مقدس والحياة لله، هو من يعطيها، وهو من يحق له استرجاعها. وفي سياق المقترحات المقدمة في ظل التضارب الموجود حول إلغاء أو إبقاء حكم الإعدام اقترحت السيدة بن صفة بالنسبة للجزائر إنشاء لجنة حكماء يترأسها القاضي الأول في البلاد تعود لها مهمة النظر في الموضوع ومتابعة وإثراء النقاش. وناشد البيان الختامي للملتقى نشطاء حقوق الإنسان في العالم العربي تفعيل دورهم في توعية المجتمع للتخلي عن ثقافة العنف والثأر ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وشددوا على ضرورة استمرار المجتمع المدني والتحالفات الوطنية والإقليمية في تكثيف نشاطاتها التوعوية لإقناع الرأي العام بأن التقليص في استخدام عقوبة الإعدام والحد منها وصولا إلى إلغائها طبقا لاستعدادات كل دولة يدعم تطلعات الجماهير في تحقيق العدالة. وفي سياق تثمين المشاركين لموقف الجزائر "الإيجابي" بشان "توصية الأممالمتحدة رقم 62 / 149 حول وقف استخدام عقوبة الإعدام" ناشد ملتقى الدول العربية لتفعيل هذه التوصية، وأشار الى انه "استنادا الى أن العالم العربي جزءا لا يتجزأ من المجتمع الدولي إضافة إلى ودوره في مناقشة توصية الأممالمتحدة رقم 62/149 فإننا نناشد الدول العربية التي لم تلغ عقوبة الإعدام العمل على وقف استخدام هذه العقوبة في انتظار إلغائها في القوانين الوضعية". وحث البيان الختامي للملتقى أعضاء جامعة الدول العربية إدخال تعديلات على المادة 7 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان بحيث يمنع النطق بالإعدام على من هو دون سن الثامنة عشر". كما طالب الدول العربية بالمصادقة على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وشدد المشاركون على ضرورة التقليص التدريجي للجرائم المعاقب عليها بالإعدام وطالبوا القضاة بالالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بذلك بما فيها ضمانات المحاكمة العادلة. وللإشارة فإن الملتقى انعقد بمبادرة من اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان وشارك فيها ممثلون عن قرابة عشر دول عربية، وممثلون عن منظمات غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان. وسمح الملتقى بعرض وجهات النظر المتباينة حول إلغاء حكم الإعدام خاصة في الدول الإسلامية. وتعد الجزائر البلد العربي الوحيد الذي صادق على توصية الأممالمتحدة الخاصة بوقف العمل بحكم الإعدام، حيث تم تجميد تنفيذ هذا الحكم منذ سنة 1993. وتوجد في القانون الجنائي الجزائري تسع جرائم فقط تصدر فيها عقوبة الإعدام في حين أن بعض الدول العربية مثل المغرب يصل عدد الجرائم بها الى 361 حالة، وفي اليمن 315 حالة.