* email * facebook * twitter * linkedin يؤكد أساتذة جامعيون أن الحوار يبقى الوسيلة الوحيدة لحل الأزمة التي تعيشها الجزائر عبر الوصول إلى انتخاب رئيس جمهورية وإعادة الشرعية للمؤسسات، حيث يرى بعضهم أن التفاوض الضروري الآن ينبغي أن ينحصر في "كيفية الوصول إلى هذه الشرعية بعيدا عن المرحلة الانتقالية التي يريد أصحابها إرجاع الجزائر إلى ما قبل 22 فيفري الماضي من خلال الضغط على المؤسسة العسكرية للتمكين من عودة بعض بقايا العصابة والتيار الذي كان يسيطر على الدولة"، فيما يرى بعضهم الآخر أن "المؤسسة العسكرية يجب أن تستشير كل الفاعلين دون تحديد شروط وتاريخ الحوار بطريقة انفرادية". في هذا الإطار أوضح الدكتور في العلوم السياسية محمد طايبي في تصريح ل«المساء"، أمس، بأن حلّ الأزمة السياسية الحالية، لن يكون إلا عن طريق الحوار، "كون كل الأزمات في العالم ترسل إلى المجتمع والفاعلين فيه علامات التكفل لتسيير البلاد في مرحلة السلم أو الأزمة"، مشيرا إلى أن المشهد الجزائري اليوم يؤكد بأن المجتمع واع بالمسألة، "والجزائريون مهما اختلفوا فإن الوطن يجمعهم". وأضاف محدثنا بأن التلاحم بين الشعب والمؤسسة العسكرية سيمكن من إخراج البلاد من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها، "بإسقاط بعض المناورات التي تحاول إضعاف كل المبادرات، مثلما حدث في 1992 عندما فشلنا في الخروج من الأزمة آنذاك، بسبب الانشقاقات وعدم التفاف الشعب حول المؤسسة العسكرية". أما فيما يخص المرحلة الانتقالية التي تطالب بعض الجهات بإقرارها، فيرى محدثنا أن هذه المرحلة "لا يجب أن تكون إلا بعد استرجاع الشرعية، أي بعد انتخاب رئيس جديد شرعي في انتخابات نزيهة وشفافة، ليقوم وفقا لصلاحياته الدستورية بتعديل الدستور ويعيد الشرعية لمؤسسات الدولة". وفي هذا السياق أيد المختص في العلوم السياسية مبادرة قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي التي تدعو للحوار بعيدا عن المرحلة الانتقالية، متهما الجهات التي تحاول ضرب هذه المبادرة والتشكيك فيها وإقناع الشعب بالذهاب إلى مرحلة انتقالية ب«محاولة إضعاف المؤسسة العسكرية لإعادة تموقع بعض الوجوه التي ظلت تسيطر على الدولة من قبل"، وهي مسألة من شأنها، حسبه، "أن ترجعنا إلى نقطة الصفر وإلى فترة ما قبل الحراك الشعبي". واتهم الأستاذ طايبي في هذا الصدد، "بقايا العصابة" بالعمل على "محاربة مقترحات ومبادرات المؤسسة العسكرية لحل الأزمة، قصد إطالة عمرها والدفاع عن الفساد، وذلك حماية لمصالحها على حساب مصالح الوطن". ووصف المتحدث مطالب الحراك الشعبي، المتعلقة بضرورة تغيير الذين تسببوا بوعي منهم، في تدمير البلاد، ب«المطالب الشرعية"، لأن هؤلاء، حسبه، "لابد أن يرحلوا ويحاسبوا". مضيفا بخصوص المطالبة برحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي بالقول إن هؤلاء "ليسوا مشكلة عويصة، لأن الأمر يتعلق بمسألة ترتيبات بالنسبة للدولة فقط". غير أنه يرى أن استمرار الحراك الشعبي يبقى ورقة إيجابية لتحقيق ذلك، "وهو ضروري ليسمح للمؤسسة العسكرية بأداء واجبها بصفة عقلانية من أجل الوصول إلى الشرعية". وذكر في سياق متصل، بأن المؤسسة العسكرية تريد مصاحبة الإرادة الشعبية ولكنها مقيدة بمهامها الدستورية، "الأمر الذي يستدعي ضرورة الإسراع في إيجاد مخرج للأزمة بانتخاب رئيس شرعي لتمكين الجيش من العودة إلى مهامه الدستورية". وإذ حذّر الأستاذ طايبي مما سماه "بالمناورات الخبيثة التي بدأت تشتغل للدفع نحو الانزلاق"، عبر عن قناعته بأن "وعي الجزائريين لن يسمح بذلك، وسيصمد إلى غاية عودة نوفمبر إلى المجتمع وإلى الطبقة السياسية". أما فيما يخص مبادرة العلماء المسلمين الذين قدموا مجموعة اقتراحات للخروج من الأزمة فقال الدكتور إنها مبادرة إيجابية نظرا لتأثير هؤلاء العلماء في الرأي العام، الذي يحتكم للشأن الديني، مضيفا أنها مبادرة رافقتها نية طيبة وخالصة، حيث دعا بيان العلماء إلى التكتل للخروج من المأزق. أما الذين طعنوا في مبادرتهم فاتهمهم المتحدث، "باللعب على أحبال مختلفة للمناورات والدسائس"، مؤكدا أن هذا الأمر لا يمكن مجابهته إلا بحنكة أصحاب السياسة وأصحاب القوى الشرعية لإنقاذ البلد. من جهته ذكر الأستاذ والباحث الجامعي الدكتور ناصر جابي بأن الخروج من الأزمة لن يكون إلا عن طريق الحوار، لكن من خلال تحديد آليات مسبقة تضمن نجاحه، ومنها رحيل من يسميهم الحراك الشعبي ب«الباءات" في أقرب وقت للتوجه إلى الحوار دون تضييع وقت. وربط السيد جابي نجاح هذا الحوار "برحيل رئيس الدولة والوزير الأول وحكومته المرفوضة شعبيا واقتراح حكومة كفاءات وطنية لمباشرة الحوار والخروج من الأزمة من أجل الصالح العام للبلاد". كما يرى الدكتور جابي بأن المؤسسة العسكرية التي أكدت مرافقتها للحراك الشعبي ودعت إلى التقدّم بمبادرات لحلّ الأزمة، ينبغي أن تستشير الشعب بخصوص هذا الحوار، وقال في هذا السياق "قيادة الأركان لا يمكنها أن تقوم بتحديد شروط هذا الحوار بمفردها، دون تشاور ودون الاستماع لكل الفاعلين. وذلك تفاديا للرفض الذي سيقابل أي مبادرات انفرادية كما حدث مع المشاورات التي دعا إليها رئيس الدولة بن صالح والتي عرفت مقاطعة من الجميع..". وخلص محدثنا إلى أن الاستشارة، ستمكن من تبادل الآراء والاستماع إلى كل الأطراف، كما ستسمح بتقديم تنازلات للتمكن من المضي إلى الأمام والخروج بنتائج إيجابية تعود بالخير على البلاد.