* email * facebook * twitter * linkedin تعتبر مكافحة الفساد إحدى أولويات الدولة التي سخرت كل الوسائل الضرورية لاستئصال هذه الآفة التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة وأضرت بالاقتصاد الوطني. ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، أبانت الدولة عن عزمها على الاستجابة لمطلب الشعب خاصة مكافحة الفساد ومحاسبة كل من تورطوا فيه، وبالتالي تطهير مؤسسات البلد من هذه الآفة التي استفحلت في الإدارة وأضرت بالاقتصاد الوطني. وتجلت إرادة الدولة في القضاء على هذه الظاهرة في التغييرات التي طرأت على المستوى المؤسساتي كتعيين رئيس جديد على رأس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وهو طارق كور، خلفا لسبايبي محمد. وتتولى الهيئة التي تعتبر سلطة إدارية «مستقلة» على وجه الخصوص مهمة «اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد، تكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات والأموال العمومية والمساهمة في تطبيقها». ورصدت الدولة لهذه الهيئة كافة الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها ومنحتها صلاحية مطالبة الإدارات والمؤسسات والتنظيمات العمومية والخاصة وأي شخص طبيعي كان أو معنوي بموافاتها بالوثائق والمعلومات التي تراها مفيدة في التحقيق عن الفساد. كما طال التغيير الديوان المركزي لقمع الفساد، حيث عين على رأسه مدير عام جديد وهو مختار لخضاري خلفا لمختار رحماني، وكلف بالبحث والتحري في مجال مكافحة جرائم الفساد والجرائم المقترنة بها عند الاقتضاء مع تمكينه من التدخل ضمن اختصاص إقليمي موسع لكامل التراب الوطني. وقد أنشئ الديوان لتعزيز أدوات مكافحة الفساد ومختلف أشكال المساس بالاقتصاد الوطني والمال العام. ويضطلع بالمهام المرتبطة بإجراء تحريات وتحقيقات حول الجرائم المتعلقة بالفساد وكل الجرائم المرتبطة بها عند الاقتضاء وتقديم مرتكبيها أمام الهيئات القضائية المختصة. واستجابة لمطالب الحراك في محاسبة الفاسدين، أسفرت حملة مكافحة الفساد عن إيداع الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال والعديد من الوزراء السابقين ورجال أعمال الحبس المؤقت وتحت الرقابة القضائية كونهم متهمين على وجه الخصوص ب»تبديد المال العام» و»إساءة استغلال الوظيفة». وفي هذا السياق، أكد وزير العدل حافظ الأختام سليمان براهمي أن العدالة في بلادنا «هي اليوم أمام مسؤولية تاريخية هامة ومصيرية» لكونها السند الذي لا محيص عنه في بناء الثقة «وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء وبمسافة واحدة». وقد أكدت الأستاذة المحامية بالمحكمة العليا ومجلس الدولة هند بن ميلود أن الجزائر تملك الأداة القانونية لاسترجاع الأموال المنهوبة والمحولة إلى الخارج بناء على القانون 01-06 المتعلق بمكافحة الفساد المستوحى من الاتفاقية الدولية في هذا المجال». من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي محمد بوخاري أن الجزائر قد سجلت بخصوص التحويلات غير القانونية للأموال معدلا قُدّر ب11 مليار دولار خلال سنة 2015، تم احتسابها على أساس تقرير أممي كان قد قدّرها ب 8 ملايير دولار مقابل 14 مليار دولار بالنسبة لصندوق النقد الدولي وذلك استنادا إلى تضخيم وتقليص الفواتير المتعلقة بالتجارة الخارجية. كما أضاف أن الجزائر سجلت عام 2017 ما لا يقل عن 1239 تصريح بالشبهة صادر عن بنوك وطنية، بالإضافة إلى 180 تقريرا سريا صادر عن بعض الإدارات خاصة الجمارك. ورهن إمكانية استرجاع الأموال المهربة نحو الخارج «بوجود هياكل مؤهلة» للقيام بذلك، مشيرا إلى «وجوب توفر أسباب معقولة لوضع الأشخاص خلف القضبان».