* email * facebook * twitter * linkedin أوضح المجاهد كشود، المعروف باسمه الثوري عبد الله، بأن فكرة منح الأولوية للسياسي على العسكري وأولوية الداخل على الخارج خلال الثورة التحريرية، تم طرحها وقبولها في اجتماع القادة الستة مفجري الثورة قبل اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر 1954 قبل مؤتمر الصومام، مثلما كما تتداوله العديد من الروايات التاريخية، مؤكدا أنه في مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 تم الاعلان عنها بعد الحصول على موافقة وإجماع. وكشف المجاهد، خلال الندوة التاريخية التي نظمتها وزارة المجاهدين بالمتحف الوطني للمجاهد بالعاصمة، أمس، بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لليوم الوطني للمجاهد المصادف ل20 أوت (ذكرى هجومات الشمال القسنطيني في 1955 ومؤتمر الصومام في 1956) تحت شعار: "المجاهد مجد وشموخ"، أن قادة الثورة اتفقوا على منح الأولوية للسياسي على العسكري خلال الثورة التحريرية في الاجتماع الذي عقده القادة الستة في 24 أكتوبر 1954 قبل اندلاع الثورة، "وهي الفكرة التي تم الإعلان عنها خلال مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 بعد موافقة الجميع في هذا المؤتمر الذي عرف حضور السياسيين والعسكريين لأول مرة، وهو ما يعني أن هذا المبدأ ليس وليد المؤتمر بل تم طرحه من قبل". وذكر المجاهد كشود، بالمناسبة، بالقرارات التي سبقت أحداث هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 والتي تمخضت عن القرارات المنبثقة عن اجتماع 24 أكتوبر 1954 الذي عقدته اللجنة السداسية عشية اندلاع الثورة، ومن أهمها قراران أساسيان، يتعلق الأول بتحميل المنطقة التاريخية الأولى الأوراس بموافقة قائدها مصطفى بن بولعيد عبء انطلاق الثورة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، باعتبار أن التنظيم السري للمنطقة نجا من تفكيك العدو الفرنسي من جهة، ولصعوبة تضاريس المنطقة التي يصعب اختراقها من جهة أخرى. (في الوقت الذي تعرضت فيه باقي المناطق للتفكيك خاصة المنطقة الخامسة التي تم إلقاء القبض فيها على 200 مناضل). أما القرار الثاني فتمثل في اتفاق القادة على أن لا تتعدى مرحلة تعميم الثورة على باقي المناطق الأخرى ال3 أشهر. غير أن المتحدث أشار إلى أن هذين القرارين اصطدما بما لم يكن في الحسبان مع بداية الثورة، في إشارة منه إلى استشهاد العديد من قادتها وتشديد الخناق على المنطقة الأولى بالأوراس، "وهو ما كان ضربة موجعة للثورة كادت أن تعصف بها في مراحلها الأولى لولا حنكة الشهيد البطل زيغود يوسف قائد المنطقة الثانية، الذي تم الاتصال به وإخباره بأن "الأوراس في خطر" ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ الثورة". وأضاف المتحدث في هذا السياق بأن الشهيد زيغود يوسف الذي لقب بعدها ب«مهندس الثورة" قام بالتخطيط لهجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 من خلال عقد اجتماع مسبق بمنطقة بوساطور، بحضور عدة مجاهدين، طلب منهم زيغود تزويده بمعلومات وإحصائيات دقيقة عن كل مراكز ومواقع العدو، من منطقة سوق الاثنين ببجاية الى غاية سوق أهراس، والعمل على تهيئة وتجنيد الشعب ليكون مستعدا في الوقت المناسب"، مذكرا بأن هذه الهجومات التاريخية شملت 39 نقطة وكبدت العدو الفرنسي خسائر كبيرة. كما ذكر المجاهد كشود بأن تنظيم هذه الهجومات في منتصف النهار كان ردا على فرنسا التي حاولت تبرير اندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر على الساعة منتصف الليل، بكون مفجريها كانوا من "قطاع الطرق والخارجين عن القانون"، مضيفا بأن "زيغود يوسف أراد أن يوضح لفرنسا بأن "الثورة اندلعت في الليل لأنها كانت ضعيفة وهجومات الشمال القسنطيني، جاءت في النهار لأن الثورة أصبحت قوية". كما أشار إلى أن المجاهدين أرادوا أن يقولوا لفرنسا الاستعمارية بأنه بداية من ذلك التاريخ فإن "النهار لهم والليل لها". واعتبر المجاهد بأن 20 أوت 1955 كان مكسبا للثورة، "حيث وسع رقعتها إلى كل مناطق الوطن وفك الحصار عن منطقة الأوراس وفند الدعايات الفرنسية التي كانت تقول بأن الثورة الجزائرية من صنع جهات أجنبية ولا علاقة لها بالشعب الجزائري". وذكر المتحدث ببعض ردود الأفعال الدولية التي اعترفت بنجاح الحدث، حيث علقت الصحافة الدولية على هذه الهجومات بالقول أنه "بعد 20 أوت 1955 أصبحت المطالبة بالجزائر فرنسية في خبر كان"، وأشارت أيضا إلى أنه "إذا كان تاريخ 1 نوفمبر 1954 يوم صادم بالنسبة لفرنسا فإن تاريخ 20 أوت هو يوم بداية الحرب.. كما قاله المفكر مالك بن نبي". من جهته، أكد الباحث والمختص في تاريخ الثورة عمار رخيلة، بأن هجومات الشمال القسنطيني كانت المرجعية الأولى لمؤتمر الصومام الذي انعقد بعد سنة من اندلاعها، مشيرا إلى أن هذا الحدث التاريخي الهام أكسب الثورة بعدا حقيقيا بتوسيع نطاقها والتفاف الشعب حولها بالإضافة إلى تفكير قادتها بضرورة إعادة تنظيمها وهيكلتها وتدارك النقائص المسجلة خلال مسارها. وذكر الأستاذ رخيلة بأن هذه العوامل أدت الى عقد المؤتمر الذي يعد أول اجتماع للمسؤولين السياسيين والعسكريين للثورة، مؤكدا بأن مؤتمر الصومام انعكس بالإيجاب على تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية ودحض الدعاية الفرنسية المغرضة، وكان بداية دخول القضية الجزائرية لأروقة الأممالمتحدة، حيث تم تدويلها، وهو ما كان، حسبه، بمثابة "مكسب على الصعيد الدبلوماسي والدولي وكذا النضالي وحتى النفسي، حيث زاد من عزيمة الشعب الجزائري وتجنيده والتفافه أكثر حول الثورة إلى غاية تحقيق الاستقلال". ونظرا لأهمية هذه الأحداث وانعكاساتها القوية على إنقاذ الثورة ونجاحها، فقد أجمع المشاركون في الندوة من مجاهدين ومؤرخين وأساتذة جامعيين، على ضرورة الحرص على كتابة التاريخ وتجنيد كل الإمكانيات، لتعريف الأجيال القادمة بتفاصيلها ونقلها للعالمية، بالتعريف بها في الخارج، باعتبارها أعظم ثورة في العالم، انتهت بانتصار الجزائر على أكبر قوة عالمية آنذاك.