* email * facebook * twitter * linkedin هدد وزير الخارجية الفرنسي جون ايف لودريان، أمس، قادة دول الساحل بإعادة النظر في الاستراتيجية العسكرية لبلاده في هذه المنطقة الساخنة، في حال لم يقدموا توضيحات كفيلة بإزالة ما وصفه ب«الغموض" الذي يكتنف مواقف بلدانهم بخصوص الكثير من المسائل، وخاصة العداء المتزايد ضد التواجد الفرنسي في هذه الدول. وقال لورديان، في حديث أجرته معه صحيفة "لوموند" إن الرئيس ايمانويل ماكرون، وجه دعوات رسمية لرؤساء دول الساحل الخمسة لحضور القمة المنتظر عقدها بمدينة بو في جنوب غرب فرنسا الإثنين القادم، لتوضيح مواقفهم الرسمية تجاه تواجد قوة "بارخان" التي كان أحد مهندسي نشرها يوم كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا هولاند، قبل خمس سنوات لمحاربة عناصر التنظيمات الإرهابية الناشطة في مالي، قبل أن توسع دائرة تحركاتها إلى دول الساحل الأخرى. وقال لودريان، إن قمة بداية الأسبوع تهدف إلى التأكد من مدى استعداد قادة دول منطقة الساحل في التعامل الايجابي من هذه القوة، معترفا في نفس الوقت بأن الدعوات التي وجهها قصر الإليزي لرؤساء دول مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاوسو وموريتانيا، جاءت في شكل استدعاءات فورية من السلطات الفرنسية للمجيئ إلى فرنسا، وهو ما أثار جدلا حادا في أوساط الرأي العام في هذه البلدان. وأضاف رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن القمة ستتضمن بشكل رئيسي تقديم قادة هذه الدول تفسيرات حول تنامي الشعور العدائي ضد التواجد العسكري الفرنسي، وأسباب التأخير المسجل في تجسيد اتفاق السلام في مالي، في إشارة إلى اتفاق الجزائر الموقّع بين مختلف الأطراف المالية سنة 2015. وراح وزير الخارجية الفرنسية، إلى حد تخيير دول الساحل حول ما إذا كانوا في حاجة إلى القوات الفرنسية أم لا ؟ وهل نحن متفقون على مواصلة المعركة سويا ضد الإرهاب؟ قبل أن يجيب بأنه يتعين على سلطات هذه الدول أن تقول ذلك للرأي العام فيها بشكل أوضح. وجاءت اللهجة الحادة بنبرة عسكرية في حديث وزير الخارجية الفرنسي، امتعاضا من مسيرات شهدتها عواصم دول مالي والنيجر وبوركينا فاوسو، رفع خلالها المتظاهرون شعارات مناوئة للتواجد الغربي في بلدانهم وخاصة الفرنسي، وطالبوا برحيل كل هذه القوات التي اتهموها بالتخاذل في محاربة عناصر التنظيمات الإرهابية والتسبب في تدهور الأوضاع الأمنية في كل منطقة الساحل. ولم يسبق للسلطات الفرنسية أن استعملت مثل هذه اللهجة تجاه دول كانت إلى وقت قريب توصف ب«الحليفة"، سواء بصفتها تشكل عمقا استراتيجيا لفرنسا في إفريقيا، ولكن أيضا في سياق الحرب الجديدة ضد الإرهاب التي أعطت لفرنسا وللكثير من القوى الكبرى مبررات لتواجد مباشر في هذه القارة. وقال لورديان، دون مواربة إن الأمور يجب أن تكون واضحة بخصوص هذه القضية بالذات، ولأنه ليس لدينا أية مصلحة في هذه المنطقة سوى الدفاع عن أممنا القومي، ليؤكد بلغة فيها نبرة تحذير واضحة أنه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاقيات وتوضيح للتعهدات فإن ذلك سيدفع بنا إلى إعادة النظر في موقفنا العسكري، والتفكير في إعادة النظر في الانتشار الجغرافي لقوة "بارخان" ولكن دون سحبها بشكل كلي من المنطقة. واعترف لودريان، الذي لبس قباعة وزير الدفاع، أنه يدلي بهذا تصريح بحسرة كبيرة وثورة بمبرر أن فرنسا فقدت 41 عسكريا في منطقة الساحل، وأنها تدخلت في هذه الدول تلبية لطلب من سلطاتها الرسمية في محاولة منه لنفي كل نزعة استعمارية جديدة من خلال هذا التواجد.