* email * facebook * twitter * linkedin أثارت الطريقة التي دعا بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤساء دول الساحل الخمسة لحضور قمة بمدينة بو في جنوب غرب فرنسا في السادس عشر من الشهر الجاري لبحث الموقف الأمني في بلدانهم جدلا حادا بلغ حد التنديد بالطريقة التي وجهت بها هذه الدعوة واليت جاءت على شكل اوامر بالحضور لقادة دول مستقلة وذات سيادة. ولم يكن اختيار مدينة "بو" لاحتضان هذه القمة اعتباطيا كونها تضم القاعدة العسكرية التي كان سبعة من بين 15 عسكريا الذين قتلوا نهاية شهر نوفمبر في مالي يعملون فيها ضمن رسالة بأن هؤلاء العسكريين انما قتلوا من اجل استعادة الامن المفقود إلى بلدانكم. ووجه الرئيس الفرنسي هذه الدعوات في الرابع من الشهر الجاري لرؤساء دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا لبحث الموقف العام على خلفية التصعيد الارهابي الأخير في بلدان الساحل وربما اطلاعهم على الخطوط العريضة للاستراتيجية العسكرية التي يعتزم تنفيذها لملاحقة عناصر التنظيمات الإرهابية الناشطة هناك. ويبقى هذا الطرح، الوجه الظاهر من الدعوة إلى عقد هذه القمة بينما يبقى الوجه الخفي منها حسب تسريبات إعلامية، أن الرئيس الفرنسي إنما يريد أن يجعل من هذه القمة فرصته لمطالبة ضيوفه بتقديم توضيحات حول الشعور العام المعادي الذي بدا الرأي العام الافريقي يبديه تجاه التواجد الفرنسي والاجنبي بصفة عامة والذي تم التعبير عنه من خلال تنظيم مظاهرات شعبية في باماكو ونيامي وواغادوغو رفع المشاركون فيها، شعارات مطالبة برحيل كل القوات الاجنبية في بلدانهم وغلق القواعد العسكرية المنتشرة في بلدانهم متسائلين كذلك عن السر في عدم قدرة هذه القوات وطيلة كل هذه السنوات من تحييد عناصر التنظيمات الارهابية بل وذهبوا إلى التأكيد أن هذا التواجد هو الذي زاد في تدهور الاوضاع الامنية في مناطقهم واجج التنظيمات الارهابية ضدهم. واذا كانت هذه المسيرات اثارت حفيظة الرئيس الفرنسي فإن القطرة التي افاضت كأس غيضه يبقى دون شك تصريح وزير الدفاع المالي الجنرال، ابراهيم ظاهيرو دومبيلي الذي أدلى به رفقة وزير الدفاع الروسي بانه لا يتعين ان نبقي على دولة مالي في حضن واحد في اشارة الى فرنسا وينبغي عليها العمل من اجل تنويع شركائها الدوليين. وكان وزير الدفاع البوركينابي، شريف سي، استغرب قبل ذلك في حديث لأسبوعية "مايل غارديان" الجنوب افريقية شهر جوان الماضي كيف لقوة بحجم قوة بارخان الفرنسية التي تضم في صفوفها 4500 عسكري وكل ترسانتها العسكرية تعجز في القضاء على " مجموعة إرهابية". وجاءت تصريحات الوزير البوركينابي قبل تحذيرات وجهتها قيادة هيئة اركان الجيش في هذا البلد باتجاه الطائرات الفرنسية من التحليق في اجوائها دون اخطار مسبق. وكان من السهل على السلطات الفرنسية أن تتلقف كل هذه الاشارات بقراءة سلبية تجاهها وتجاه تواجد قواتها في المنطقة. وهو ما جعل الرئيس ماكرون يريد أن يضع خلال قمة الاثنين القادم النقاط على الحروف أمام نظرائه الأفارقة ومطالبتهم بإقناع الرأي العام في بلدانهم أن تواجد القوات الفرنسية في بلدانهم انما جاء بطلب منكم وليس لأغراض استعمارية جديدة. واضاف ان ذلك يبقى شرطا ضروريا وعليهم تحمل مسؤولياتهم أن هم لم يقوموا بما هو مطلوب منهم. وشكلت الطريقة التي تمت بها دعوة رؤساء دول الساحل الى فرنسا حديث العام والخاص في هذه البلدان وجعلت وزير الشؤون الخارجية البوركيناني السابق، ابلاسي وادراوغو يؤكد في رسالة مفتوحة ان اللهجة التي استعملها الرئيس الفرنسي مزعجة وتسلطية تنم عن نزعة ابوية تجاه دول مستقلة. ولكن هل يسكت الرؤساء الأفارقة ويلتزمون الصمت أمام هذه "الاهانة" أم أنهم سيتحلون بجرأة زائدة والقول انهم يرفضون مثل هذه الاساليب التي تجازوها الزمن الاستعماري؟ وان الجهد العسكري الذي تقوم به فرنسا في منطقة الساحل انما تفعله من اجل ضمان امنها اذا سلمنا بتصريحات مسؤوليها الذي لا يفوتون مناسبة الا واكدوا انهم يحمون تواجدهم انما من اجل حماية اوروبا من الخطر الارهابي .