أكد المدير العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج، السيد مختار فليون، في لقاء مع "المساء" أن برنامج إصلاح منظومة العدالة حقق قفزة نوعية حيث بلغت الجزائر مستوى عاليا من احترام حقوق الإنسان وإعادة إدماج المحبوسين الذين يقدر عددهم اليوم ب 55 ألف مسجون، إضافة إلى مسعاها نحو عصرنة السجون من خلال برنامج بناء 81 مؤسسة عقابية جديدة بكل المقاييس الدولية الحديثة مع تبني في نفس الوقت مبدأ الشفافية في إدارة السجون بإضفاء حيادية الرقابة. ويبرز ذلك حسب المتحدث من خلال فتح أبواب السجون أمام المنظمات غير الحكومية الوطنية منها والدولية ورجال الإعلام، مشيرا إلى تسجيل أزيد من 1500 صحفي و152 أجنبي من خبراء ومنظمات زاروا السجون الجزائرية. لخص المسؤول الأول على مستوى إدارة السجون ما تحقق خلال السنوات الأخيرة ومنذ الشروع في برنامج الإصلاح في عدد من المحاور أولها إعادة تكييف المنظومة التشريعية مع التحولات الوطنية، وكان من أهم ما تم في هذا هو صدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في 6 فيفري 2005 والذي تبعته عدة مراسيم تطبيقية دخلت حيز التنفيذ مباشرة. والمحور الثاني المتمثل في أنسنة شروط الحبس وكذا إعادة الإدماج التي تعتبر مرحلة حساسة بالنسبة للمحبوس بعد الإفراج عنه تقتضي التركيز عليها والعمل على إزالة العوائق أمام الإدماج الفعلي والصحيح للمفرج عنه في المجتمع. ويتضمن القانون الجديد الخاص بتنظيم السجون وإعادة الإدماج، الذي يتوجه حسب المتحدث نحو عصرنة إدارة السجون، عنصر التوسيع من دائرة حقوق المحبوسين وضمان حماية لهم مع إدراج أحكام خاصة تفضيلية لفائدة النساء والأطفال. الرقابة الحيادية لتكريس الأنسنة وأشار السيد فليون أن الجديد الذي جاء مع بداية تطبيق الإصلاحات هو تبني سياسة الرقابة الحيادية حيث سمح للمؤسسات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بزيارة إلى المؤسسات العقابية والاطلاع بكل شفافية هناك على الظروف العامة للحبس. وأضاف فليون أن أزيد من 1500 صحفي زروا السجون الجزائرية إضافة إلى 152 أجنبي من خبراء ومنظمات غير حكومية، مشيرا في هذا السياق إلى أن المفتشية العامة لمصالح السجون التي تم تنصيبها مؤخرا والتي تتمثل مهامها في مراقبة ما مدى تطبيق برنامج الإصلاحات التي شرعت في تطبيقه وزارة العدل. وبموجب المرسوم المتعلق بإنشائها فان المفتشية العامة لمصالح السجون مطالبة بتقديم تقارير دورية لوزير العدل حافظ الأختام حول كل ما يتعلق بتسيير المؤسسات العقابية والظروف السائدة داخل هذه المؤسسات وطرق التكفل بالمسجون والخدمات المقدمة بمختلف أوجهها وأنواعها. الهاتف ومساعدة مالية للمفرج عنهم ومصالح خارجية لإعادة الإدماج وقد سمحت النصوص الجديدة التي أتت بها إصلاحات قطاع العدالة للمحبوسين باستعمال الهاتف الثابت من داخل المؤسسة للاتصال بذويهم لتصبح وسيلة هامة من وسائل الاتصال للعديد من المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا خاصة منهم القاطنين بعيدا عن مؤسستهم العقابية والتي توفر للعائلات عناء التنقل للإطمئنان على أبنائهم. إضافة إلى منح مساعدة مالية للنزلاء المعوزين والفقراء عند الإفراج عنهم لتغطية مصاريف النقل للالتحاق بأسرهم، بينما تتكفل إدارة المؤسسة العقابية بتزويد المفرج عنه بكمية من الأدوية التي يحتاج إليها إذا كان مريضا. وسعيا منها لمواصلة التكفل بالسجين بعد الإفراج عنه وقصد تسهيل عملية إعادة إدماجه في المجتمع قررت وزارة العدل استحداث المصالح الخارجية التي أوضح مدير إدارة السجون أنها انجاز هام واصفا إياها باللبنة الجديدة في برنامج الإصلاح كونها أسندت لها مهمة إعادة إدماج بالمحبوسين مباشرة بعد خروجهم من الحبس. وقد شرعت هذه المصالح الخارجية منذ أشهر كمرحلة أولى في العمل بولاية البليدة في حين توجد أربع منها في طور الانجاز بكل من وهران وورقلة والشلف في انتظار تعميمها على جميع ولايات الوطن. ولم تكتفي الجهود المبذولة في إعادة الإدماج بإحداث هذه المصالح بل امتدت حسب السيد مختار فليون إلى تشجيع هيئات المجتمع المدني على المساهمة بصفة فعلية وجدية في إعادة إدماج المحبوسين، حيث تنسق إدارة السجون وإعادة الإدماج منذ سنوات مع بعض الجمعيات وعلى رأسها جمعية "أولاد الحومة" الناشطة بالعاصمة وجمعية "إقرأ" لمحو الأمية والكشافة الإسلامية هذه الأخيرة التي نجحت في إعادة إدماج ما يقارب 80 سجينًا في مختلف صيغ العمل والنشاطات، إضافة إلى حوالي 60 جمعية محلية تكافح ميدانيا لتسهيل إعادة إدماج المحبوس الذي يكون مصيره عند مغادرة المؤسسة العقابية التهميش الكلي واستحالة الانضمام إلى الحياة المهنية. نحو مراجعة صحيفة السوابق وتعزيز شغل المساجين خارج المؤسسات وفي إطار برنامج إصلاح السجون دائما كشف مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج أن مصالحه تعمل حاليا من أجل تعزيز التشغيل الخارجي للمساجين وتوسيعه إلى عدة قطاعات مؤكدا أن ذلك سيتجسد قريبا بفضل الاتفاقيات التي ستوقعها إدارته مع بعض القطاعات وكمرحلة أولى سيتم تشغيل المحبوسين بالتنسيق مع وزارة الفلاحة ومحافظة الغابات سيقوم من خلالها السجناء بغرس الأشجار وبعض النشاطات الفلاحية الأخرى، لتشمل العملية بعد ذلك بعض القطاعات الأخرى. وأوضح المتحدث أن القانون يعطي للمسجون الحق في التقاضي والعمل والتأمين، مشيرا في السياق أن تشغيل المساجين خارج المؤسسات حاليا قليل جدا الأمر الذي جعلنا نسعى حاليا إلى إخراج أكبر عدد مكن منهم للمساهمة في التنمية الوطنية. وبشأن العوائق التي تحول دون إدماج المحبوس بعد الإفراج عنه في الحياة العملية تحدث مدير إدارة السجون عن إجراءات وتدابير عملية ستتخذها وزارة العدل قريبا من خلال اللجنة التي تم تنصيبها لهذا الغرض والتي من شأنها أن تخفف أوتزيل نهائيا العوائق التي تمثلها صحيفة السوابق العدلية والتي تعتبر الإشارة الحمراء للامتناع عن تشغيل المحبوس بعد نفاذ عقوبته. علما من جهة أخرى، انه سبق لوزارة العدل و أن اتفقت مع وكالات للقرض والتأمين للسماح للمحبوسين بعد الإفراج عنهم من الاستفادة من بعض خدمات هذه المؤسسات. أنسنة شروط الحبس قفزة نوعية جدد المسؤول الأول عن قطاع السجون تأكيده على أن مسألة الأنسنة داخل السجون الجزائرية في شقيها تحسين ظروف العيش والتغطية الطبية قد حققت قفزة نوعية بشهادة كل من زار هذه السجون من الأجانب والإعلام وجمعيات المجتمع المدني على حد سواء ويتجلى ذلك من خلال تحسين ظروف المعيشة داخل السجن بداية من التغذية إلى التغطية الطبية. وقد بلغ عدد الأطباء العاملين بالمؤسسات العقابية حسب السيد فليون 367 طبيب عام و147 طبيب متخصص في جراحة الأسنان، إضافة إلى الأخصائيين النفسانيين الذين بلغ عددهم 406 نفساني مقابل 62 في سنة 2002. في حين تضاعفت الاعتمادات المالية الخاصة بتزويد السجون بالأدوية والأجهزة الطبية بأكثر من 300 ?. ولنفس الغرض وفي إطار الإصلاحات المتبعة كثفت وزارة العدل برامج التكوين المستمر حول كيفية معاملة المحبوسين وحظي هذا الجانب حسب فليون بعناية كبيرة سواء على المستوى الوطني أوبمشاركة أجنبية في إطار التعاون الدولي حيث تم تنظيم أكثر من ملتقى كان آخرها مع إدارة السجون الاسبانية في السنة الماضية. ويتفق مدير إدارة السجون من جهة أخرى مع من يعتبر مشكل الاكتظاظ الذي تعرفه السجون في الجزائر النقطة السوداء الوحيدة التي يعاني منها المحبوسون، إلا انه يبقى متفائلا خاصة وأن الدولة قررت بناء 81 مؤسسة عقابية جديدة منها 05 مراكز للأحداث وفقا للمعايير الدولية الحديثة وذلك لتعويض المؤسسات القديمة التي بنيت قبل سنة 1900 من بينها 13 مؤسسة تدخل في إطار البرنامج الإستعجالي بطاقة استيعابية قدرها 19 ألف مكان. وأكد المتحدث أن آجال الاستلام المحددة لاستلام ال 13 مؤسسة والمحددة في نهاية السنة الجارية ستحترم عكس ما يشكك البعض، علما أن المؤسسات ال 13 تتكفل بانجازها وزارة العدل في حين يتكفل الولاة ببناء المؤسسات المتبقية. وفي سياق متصل أكد مدير إدارة السجون أن مصالحه تعمل بكل جدية لمراعاة شرط الفصل بين المساجين المحكوم عليهم في جرائم القانون العام والمساجين الآخرين وذلك حسب الإمكانيات المتوفرة، موضحا أن المؤسسات الجديدة المنتظر استلامها في إطار البرنامج الإستعجالي من شأنها أن تحل العديد من المشاكل المطروحة وعلى الخصوص مشكل الاكتظاظ وتحقيق شرط الفصل بين المحكوم عليهم الذي يلزمه القانون. وتتوفر مختلف المؤسسات حاليا على إمكانيات هائلة وضعت تحت تصرف المحبوسين للقيام بعدة نشاطات الرياضية منها والثقافية والترفيهية وعلى رأسها طبعا إمكانية التعليم والتكوين بكل الأطوار من محو الأمية إلى المستوى الجامعي. العفو الرئاسي المحفز رقم واحد على التعليم والتكوين وفي ما يخص التعليم والتكوين يستطرد مختار فليون بقوله أن الأرقام التي تسجل سنة بعد سنة تتحدث عن نفسها حيث قفزت إلى مستوى كبير. ففي سنة 2002 كان عدد المسجلين لمزاولة دروس في كافة المستويات من محو الأمية إلى الجامعي لا يتعدى ال 2252 ليبلغ حاليا 63076 متعلم. أما فيما يخص التكوين المهني فقد بلغ 51947 متكون مقابل 1667 في سنة 2002. أما بالنسبة للسنة الدراسية 2008 -2009 فقد بلغ عدد المزاولين للتعليم العام 20220 مسجل منهم 1696 مرشح لشهادة البكالوريا و3353 مرشح لشهادة التعليم المتوسط. أما فيما يخص تطبيق مختلف أنظمة إعادة الإدماج ابتداء من 2005 إلى غاية 2008 استفاد 9155 محبوس من نظام الإفراج المشروط و1621 من نظام الحرية النصفية و10963 من إجازة الخروج. وفي هذا الشأن أكد السيد فليون أن هذه الإجراءات شجعت العديد من المحبوسين على الإقبال على التعليم والتكوين لما يجلب لهم من فرص تقليص عقوباتهم وعلى الخصوص فرص الإدماج أحسن في المجتمع والحياة المهنية. وأشار المتحدث إلى أن العفو الرئاسي الذي سمح لعدد كبير من المحبوسين الناجحين في مختلف الامتحانات بالاستفادة من الحرية وولوج الجامعة والحياة المهنية أوغيرها مباشرة بعد مغادرة المؤسسة كان الحافز رقم واحد لإقبال المحبوسين على التعليم.