يشارك، إبتداء من الغد، وعلى مدار يومين، 14270 محبوسا ممن يتابعون الدراسة عن طريق المراسلة، في امتحانات إثبات المستوى لنهاية السنة الدراسية، وذلك على مستوى المؤسسات العقابية المعتمدة من طرف الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، والبالغ عددها 121 مؤسسة عقابية، بحيث يتوزع المحبوسون المشاركون في هذه الامتحانات، التي يؤطرها أساتذة معينين من طرف الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، ما بين 10593 في مستويات التعليم المتوسط و3677 في مستويات التعليم الثانوي. وتندرج عملية الامتحانات في إطار مواصلة سياسة الإصلاح الشامل للعدالة التي تنتهجها وزارة العدل، في شقها المتعلق بإصلاح السجون، من أجل الرفع من المستوى التعليمي والتكويني لنزلاء المؤسسات العقابية، لا سيما بعد أن عرف عدد المحبوسين المستفيدين من التعليم بالمراسلة، ارتفاعا ملحوظا منذ مباشرة وزارة العدل في إصلاحاتها، حيث انتقل من 809 محبوسين سنة 1999 إلى 14270 في سنة .2009 وفي ما يخص التعليم والتكوين، فإن الأرقام، التي تسجل سنة بعد سنة، تعكس حجم التقدم الذي تم تحقيقه في هذا المجال. ففي سنة 2002 كان عدد المسجلين لمزاولة دروس في كافة المستويات من محو الأمية إلى الجامعي، لا يتعدى ال ,2252 ليبلغ حاليا 63076 متعلما. أما فيما يخص التكوين المهني، فقد بلغ 51947 متكونا مقابل 1667 في سنة .2002 أما بالنسبة للسنة الدراسية 2008 2009 فقد بلغ عدد المزاولين للتعليم العام 20220 مسجلا، منهم 1696 مرشحا لشهادة البكالوريا و3353 مرشحا لشهادة التعليم المتوسط. من جهة أخرى، وبشأن تطبيق مختلف أنظمة إعادة الإدماج، ابتداء من 2005 إلى غاية ,2008 إستفاد 9155 محبوسا من نظام الإفراج المشروط و1621 من نظام الحرية النصفية و10963 من إجازة الخروج. وهو ما شجع العديد من المحبوسين على الإقبال على التعليم والتكوين لما يجلب لهم من فرص تقليص عقوباتهم، وعلى الخصوص فرص إدماج أحسن في المجتمع والحياة المهنية. كما أن العفو الرئاسي الذي سمح لعدد كبير من المحبوسين، الناجحين في مختلف الامتحانات، بالاستفادة من الحرية وولوج الجامعة والحياة المهنية أو غيرها، مباشرة بعد مغادرة المؤسسة، كان الحافز رقم واحد لإقبال المحبوسين على التعليم.. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج إصلاح منظومة العدالة قد حقق قفزة نوعية حيث بلغت الجزائر مستوى عاليا من احترام حقوق الإنسان وإعادة إدماج المحبوسين الذين يقدر عددهم اليوم ب 55 ألف سجين، إضافة إلى مسعاها لعصرنة السجون من خلال برنامج بناء 81 مؤسسة عقابية جديدة بكل المقاييس الدولية الحديثة، مع تبني في نفس الوقت، مبدأ الشفافية في إدارة السجون بإضفاء حيادية الرقابة. ويتجلى ذلك، من خلال فتح أبواب السجون أمام المنظمات غير الحكومية، الوطنية منها والدولية، ورجال الإعلام، حيث تم إحصاء أزيد من 1500 صحفي و152 أجنبيا من خبراء ومنظمات زاروا السجون الجزائرية . وقد عادت الأولوية في برنامج الإصلاح الشامل للعدالة، وبالخصوص ما تعلق بإصلاح السجون، إلى إعادة تكييف المنظومة التشريعية مع التحولات الوطنية، ومن أهم ما تم، في هذا الصدد، صدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في 6 فيفري ,2005 والذي تبعته عدة مراسيم تطبيقية دخلت حيز التنفيذ مباشرة، بحيث يتضمن القانون الجديد، عنصر التوسيع من دائرة حقوق المحبوسين وضمان حماية لهم، مع إدراج أحكام خاصة تفضيلية لفائدة النساء والأطفال. وسعيا منها لمواصلة التكفل بالسجين بعد الإفراج عنه، وقصد تسهيل عملية إعادة إدماجه في المجتمع، قررت وزارة العدل استحداث المصالح الخارجية التي تعد انجازا هاما، باعتبارها اللبنة الجديدة في برنامج الإصلاح، كونها أسندت لها مهمة إعادة إدماج المحبوسين، مباشرة بعد خروجهم من الحبس. وقد شرعت هذه المصالح الخارجية منذ أشهر، كمرحلة أولى، في العمل بولاية البليدة في حين توجد أربع منها في طور الانجاز بكل من وهران وورقلة والشلف في انتظار تعميمها على جميع ولايات الوطن. ولم تكتف الجهود المبذولة في إعادة الإدماج بإحداث هذه المصالح، بل امتدت إلى تشجيع هيئات المجتمع المدني على المساهمة، بصفة فعلية وجدية، في إعادة إدماج المحبوسين، حيث تنسق إدارة السجون وإعادة الإدماج منذ سنوات مع بعض الجمعيات، وعلى رأسها جمعية ''أولاد الحومة'' الناشطة بالعاصمة وجمعية ''إقرأ'' لمحو الأمية والكشافة الإسلامية، هذه الأخيرة التي نجحت في إعادة إدماج ما يقارب 80 سجينا في مختلف صيغ العمل والنشاطات، إضافة إلى حوالي 60 جمعية محلية تكافح، ميدانيا، لتسهيل إعادة إدماج المحبوس الذي يكون مصيره، عند مغادرة المؤسسة العقابية، التهميش الكلي واستحالة الانضمام إلى الحياة المهنية.