* email * facebook * twitter * linkedin تمثلت أبرز التحديات التي واجهت تجربة التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي في الجزائر، في "تذبذب أسعار المواد الأولية خاصة المحروقات"، وذلك لارتباط الموارد المتاحة بعوامل خارجية، بالإضافة إلى "معدل الاستيعاب الاقتصادي المحلي"، فضلا عن "نقص خبرة المؤسسات في تنفيذ المشاريع الكبرى"، وفقا لدراسة نشرها أمس صندوق النقد العربي حول "التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي والرؤى المستقبلية في الدول العربية". وأشارت الدراسة إلى أن الحكومة الجزائرية بذلت جهودا هامة، للتغلب على التحديات سابقة الذكر، من خلال الاستعانة بمؤسسات أجنبية لتنفيذ المشاريع الكبرى، كما منحت الفرصة للقطاع المحلي الخاص، لتنفيذ بعض المشاريع بالشراكة مع الشركات الأجنبية. وتطرقت الدراسة إلى تحديات أخرى على رأسها "تأثر تنفيذ التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي في الجزائر سلبا، بالبيئة الاقتصادية الخارجية"، وذلك نظرا لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. كما أن تقلبات أسعار النفط وتذبذب الطلب العالمي عليه، فرض قيودا على منح الأولوية لبعض المشاريع. يضاف إليها عوامل أخرى تتمثل خصوصا – حسب الدراسة - في "عدم وجود أسواق إقليمية تكاملية، وعدم الاستفادة كثيرا من الاتفاقيات المبرمة لاسيما اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر". ولمواجهة هذه التحديات، دعت دراسة صندوق النقد العربي إلى "إضفاء استقرار في الإطار القانوني، من أجل تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإزالة العراقيل والأعباء البيروقراطية، وإنشاء شبكة تقييم وتعديل المزايا الممنوحة للمشاريع الاستثمارية، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووضع إطار قانوني جديد لها". وبخصوص التوجهات المستقبلية، فقد تم التذكير بأن الحكومة اعتمدت قواعد جديدة لحوكمة الموازنة العامة، من خلال استعادة الانضباط وصرامة تنفيذها، ما سينعكس على أداء الإنفاق العام ومواءمته مع الموارد المالية المتاحة. كما سيتم ضمان نجاعة الإنفاق العام، من خلال إنشاء آليات للمتابعة والتقييم الاقتصادي، وسيتم ضمان فعالية الإنفاق العام، من خلال تنفيذ إصلاح تدريجي وشامل لعمليات الدعم، والتي يبلغ مستواها حوالي 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، من أجل استهداف بدرجة أساسية الأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود. وبالنسبة للإصلاحات الضريبية، ذكرت الدراسة بإجراء الحكومة لمجموعة من التعديلات في النظم الضريبية، تتمثل في مراجعة نظام الحوافز الضريبية، كما أشارت إلى حرص السلطات على المحافظة على زيادة الإنتاج والإنتاجية بما يعزز من القيمة المضافة للاقتصاد الجزائري. إضافة إلى سعيها إلى وضع آلية للإعفاءات الضريبية، بما يضمن تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاعتماد على مواردها الذاتية في تمويل أنشطتها المختلفة. ولتوظيف مخرجات الثورة الصناعية الرابعة والتحولات الرقمية المتسارعة في العالم لصالح تعزيز النمو والتنمية الاقتصادية في الجزائر، تعمل الحكومة من خلال مخطط عملها على تطوير نظام وطني للمعلومات الإحصائية، بدمج معايير الشفافية وتوثيق البيانات لفائدة الباحثين ومؤسسات الدولة، ووضع اقتصاد المعرفة والتحوّل الرقمي السريع تحت التنفيذ، بالإضافة إلى تطوير منشآت دعم تكنولوجيا المعلومات والاتصال. أما بالنسبة لدور اقتصاد المعرفة في عملية التنمية الشاملة في الجزائر، تذكر الدراسة أنه تم إنشاء دائرة وزارية جديدة تعنى بالمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، من خلال الاستفادة من خبرة الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، واستحداث منفذ تمويلي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل وصول هذه المؤسسات إلى خدمات الدفع الالكتروني، بالإضافة إلى ذلك، تم استحداث صندوق موّجه خصيصا لدعم تحويل التكنولوجيا. وترى الدراسة أن إنشاء دائرة وزارية جديدة خاصة باقتصاد المعرفة، تعد إحدى الخيارات الإستراتيجية التي من شأنها العمل على توفير الظروف المواتية للاندماج في اقتصاد المعرفة بشكل سريع ومنظم. كما أن التقييم السنوي والتغيرات العالمية لاسيما في المجال التقني، يمنح المجال للتعامل مع المتغيرات لتنفيذ الاستراتيجيات دون المساس بالأهداف المرجوة. وأشارت كذلك إلى أن مخطط عمل الحكومة لسنة 2020 يتضمن سياسات واضحة لتطوير القطاع المالي، من خلال تعميم وسائل الدفع الالكترونية، للتقليل من المعاملات النقدية، وإنشاء بنوك متخصصة وصناديق استثمار متخصصة، وتشجيع المؤسسات البنكية والتأمينية على تنويع مصادر التمويل من خلال تنشيط سوق القروض، وتطوير سوق السندات، وتشجيع الادخار، وتجفيف السيولة المتداولة خارج النظام المصرفي، بالإضافة إلى متابعة ديون البنوك وتحصيلها تحت مراقبة سلطة بنك الجزائر. ولدعم رأس المال البشري في إطار مخطط عملها الاستراتيجي، قالت دراسة الصندوق إن الجزائر تعمل على تعزيز النشاطات في مجال التعليم وتعميمه لجميع الفئات، بهدف المساواة بين الجميع في التعليم، وإعداد مرجعيات للكفاءات المهنية، وتحسين جودة التدريب وتعزيز التعليم التقني والعلمي، بالإضافة إلى تثمين خبرات الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج. وتمت الإشارة إلى أن "مخطط عمل الحكومة الجزائرية 2020" يهدف عموما إلى توفير نمط جديد للحكم يتسم بالشفافية، وذلك بإجراء إصلاحات مالية واقتصادية واسعة النطاق من خلال مراجعة النظم الضريبية واعتماد قواعد جديدة لحوكمة الموازنة العامة للدولة، وتحديث النظام المصرفي والمالي بما يتواكب مع التطورات الرقمية المتسارعة، وتحفيز الإنتاج الوطني، وتعزيز القدرات المؤسسية في مجال التطوير الصناعي والتعديني، مشيرة إلى أن المخطط يهدف كذلك إلى رفع متوسط دخل الفرد، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وزيادة التوظيف بما يضمن تخفيض معدلات البطالة إلى المستويات المقبولة اقتصاديا وتخفيض معدلات التضخم، وتخفيض العجز في رصيد الموازنة العامة، بما يضمن استمرارية الدين العام للدولة، فضلا عن تقليل العجز في الميزان الجاري ومن تم تخفيض عجز ميزان المدفوعات.