«الثورة الاقتصادية" التي تضمنتها قرارات مجلس الوزراء الأخير، تدخل في إطار التغيير الجذري الذي طالب به حراك 22 فيفري، ووعد وتعهد به السيد عبد المجيد تبون، بصفته مرشحا لاستحقاق 12 ديسمبر 2019، وبعدها رئيسا للجمهورية. حزمة الإجراءات الفورية التي أمر بها الرئيس تبون، الحكومة، من أجل بناء اقتصاد جديد، كركيزة أساسية للجزائر الجديدة، تمّ تتويجها بالإعلان عن "ّقمة ثلاثية" تجمح الحكومة والنقابات وأرباب العمل، يومي 16 و17 أوت القادم، من أجل تكريس وإنجاح خطة الانعاش الاقتصادي والاجتماعي. هذه القمة ستكون فرصة أخرى لوضع النقاط على الحروف، والدعوة إلى إنهاء الممارسات السابقة، بتغيير الذهنيات وابتكار أفكار ومبادرات جديدة تتماشى مع هذه المرحلة المتجّدّدة التي أكد بخصوصها رئيس الجمهورية في مخاطبته للوزراء، بأن النوايا الصادقة لا تكفي إذا لم تكن مرفوقة بإنجازات ملموسة. لطالما حلم الجزائريون باقتصاد جديد ومتجدّد، يتكيّف مع المتغيرات العالمية، وينهي مسلسل "ملك البايلك" الذي أسّس على مدار سنوات طويلة لمنطق التسيّب والاهمال واللامبالاة و«الجموفوتيست"، إلى أن تحوّل للأسف مع مرور الوقت إلى "مكسب نقابي" لا يمكن النبش فيه ! قمة أوت، هي كذلك مناسبة لتظهر كلّ الأطراف، "حنّة يديها"، والأمر هنا يتعلق بالشركاء الاجتماعيين، من نقابات و«باترونا"، ممّن عليهم أن يتحرّروا من ذهنية الاتكال والاستفادة دون إفادة، و«مسح الموس" في كلّ تجربة في الآخر، دون أن يتحملوا جزءا من مسؤولية الاخفاق والفشل. الاقتصاد الجديد لا تبنيه الحكومة وحدها، مهما كانت كفاءتها وخبرتها وعبقريتها، وإنما هو مهمة جماعية وتشاركية، تقتضي من النقابات المختلفة وأرباب العمل والمستثمرين والصناعيين والمستوردين والمصدّرين، وغيرهم، رفع التحدّي والمبادرة و«المجازفة" إن اقتضى الأمر، عندما يتعلق الأمر بإنعاش الاقتصاد الوطني وخلق مناصب الشغل واستحداث مصادر مالية قانونية وشفافة. نعم، مهمة "التغيير الاقتصادي والاجتماعي"، قد تكون صعبة، نتيجة تراكمات وذهنيات و«ألغام" سابقة، لكنها ليست مهمة مستحيلة، إذا شمّر هؤلاء وأولئك عن سواعدهم والتزم الجميع بالنية الصادقة والقلب النظيف والهدف الشريف. المأمورية سهلة، إذا التزم كلّ طرف بالمطلوب والمرغوب منه "بلا مزيتو"، وتغلّب البعض على فيروس "البحث عن القمل في راس الفرطاس"(..)، وانصرف الجميع إلى الجّد والكدّ والعمل، ليس بالتكسير وسرقة الوقت وتخريب العقول وإشعال النيرا نواختلاق المشاكل، وإنّما بالتفاني والإخلاص والنزاهة والوفاء لوطن اسمه الجزائر، يستحقّ كلّ التضحيات والاجتهادات والمحاولات دون أن ننتظر منه جزاء ولاشكورا.