باشر المترشحون الستة لرئاسيات التاسع افريل القادم حملتهم الانتخابية، واستغلوا الاحتفال بذكرى عيد النصر لإطلاق إشارات ذات دلالات تاريخية، قبل الخوض في محتوى مشروع المجتمع الذي يحملونه. لقد كان المترشحون على موعد مع حملة الشرح لبرامجهم، ولم يتخلف أحد منهم عن خط الانطلاق، لكن كل واحد كانت له رؤيته الخاصة واستراتيجيته في قيادة الحملة، غير أن البارز هو تركيزهم على الجانب التاريخي في إعطاء إشارة الانطلاق، فاختار المترشحان محمد السعيد ومحمد جهيد يونسي الوقوف أمام معالم تذكارية ترمز إلى نضال الشعب الجزائري من أجل التحرير، حيث قام الأول بوضع إكليل من الزهور بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة، في حين تنقل الثاني إلى النصب التذكاري المخلد للشهيد علي لابوانت بالقصبة بالعاصمة، كما احتضنت عاصمة الاوراس باتنة أول مهرجان شعبي للمترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة، وفضل مناصرون بالجزائر العاصمة إعطاء إشارة انطلاق السباق الرئاسي من ساحة الشهداء التي ترمز إلى الكفاح. ووقع اختيار السيدة لويزة حنون على سطيف رمز المقاومة والشاهدة على أحداث 8 ماي 1945 . وتمكن المترشحون الستة في اليومين الأولين من حملتهم من الكشف عن النقاط القوية في برامجهم، حيث شرحوا الغاية من خوض المعترك الرئاسي، وطورت مرشحة حزب العمال لويزة حنون خطابا متصلا بشعار حملتها "لأن السيادة الشعبية مناعة للسيادة الوطنية..الكلمة للشعب"، وركزت على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وأكدت من ولايات سطيف وسوق أهراس وأم البواقي على ضرورة وضع حد للسياسات المفروضة من طرف البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. أما المترشحون علي فوزي رباعين ومحمد جهيد يونسي وموسى تواتي ومحمد السعيد فقد دخلوا حملتهم بعنوان واحد هو التغيير الذي يحمل الأمل لجميع شرائح المجتمع وبخاصة فئة الشباب. فمن ولاية تلمسان؛ دعا مرشح حزب عهد 54 إلى "إحداث التغيير في هرم السلطة" ورافع من أجل "إعطاء الفرصة للإطارات الصاعدة لتمارس حقها في البناء والتسيير" ، ومن البليدة رافع مرشح حركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي لصالح التغيير ايضا وقال إن "الوضع الحالي بالجزائر سواء في المجال الاقتصادي او السياسي او الاجتماعي "نتيجة سياسات خاطئة ارتكبها سياسيون أدت إلى تراكم الفشل وتسلل اليأس إلى قلوب وحياة الجزائريين" . في حين دعا مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتى الشباب باعتبارهم مستقبل البلاد إلى "إحداث هذا التغيير" من خلال المشاركة بقوة في استحقاق 9 افريل المقبل. أما المترشح المستقل محمد السعيد وفي تجمع له بالعاصمة، فقد ركز على ضرورة "إعادة الأمل" للشباب حاثا هذه الفئة على تنظيم نفسها في هيئات تسمح لها بمواجهة "معركة طويلة من اجل التغيير" . ومن جهة أخرى، كان عنوان الخطابين اللذين ألقاهما المترشح عبد العزيز بوتفليقة في كل من باتنة وبشار بشعار الاستمرارية ومواصلة مسيرة التنمية وترقية المصالحة الوطنية. واللافت ايضا خلال اليومين الأولين من الحملة هو عدم اقتصار المترشحين الستة على تنظيم مهرجانات شعبية، بل امتد نشاطهم إلى عقد لقاءات جوارية مع المواطنين واعيان بعض المناطق التي تنقلوا إليها، وحطم المترشح موسى تواتي رقما قياسيا في عدد المناطق التي تنقل إليها وفرض رتما قويا لم يكن منتظرا من خلال التنقل إلى سبع ولايات. والبارز أيضا هو اكتساح المساندين للمترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة للميدان من خلال تنظيم العشرات من المهرجانات في مختلف مناطق الوطن، وتجرد المسؤولون الحكوميون من مهامهم ونشطوا عدة تجمعات ولقاءات جوارية، وخرج مسؤولو الأحزاب والتنظيمات إلى الميدان لاستمالة الناخبين إلى صف مرشحهم. وباستثناء المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة، فقد أطل الخمسة الآخرون عبر وسائل الإعلام مستغلين الفرصة للترويج لبرامجهم. واللافت أيضا أن بداية الحملة الانتخابية عرفت حركية محتشمة فيما يتعلق بإشهار اللافتات في الأماكن المخصصة لذلك، ففي العاصمة مثلا وباستثناء صورة المرشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة الموجودة في جميع المساحات لا ترى صور المترشحين الآخرين إلا نادرا.