شيعت جنازة المجاهد لخضر بورقعة، أول أمس، بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة، في جو مهيب بحضور جمع غفير من المواطنين، وكان المرحوم قد دخل مستشفى الأمن الوطني (لي غليسين) بالعاصمة، رفقة حرمه إثر إصابتهما بفيروس كورونا، لتوافيه المنية عن عمر ناهز 87 سنة. وتوالت رسائل التعازي إثر هذا المصاب الجلل، مشيدة بخصال الرجل الذي يعد أحد رموز النضال التحرري الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. وعزى رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، عائلة الفقيد، مشيرا إلى أن الجزائر فقدت برحيل لخضر بورقعة "مجاهدا خيرا مخلصا وأحد رموز النضال التحرري الوطني". وأضاف قوجيل، "وفي هذه اللحظة المفعمة بالحزن والتأثر الذي ألم بكم وكافة إخواننا رفقائه في الكفاح الذين يحتفظون له بخصال أولئك الأبطال الوطنيين الأوفياء لرسالة الشهداء، لا يسعني إلا أن أنحني خشوعا للتضحيات الجسام التي تجشموها وكابدوها في سبيل أن تحيا الجزائر وتنعم باستقلالها، وأن تمضي إلى تحقيق رسالة نوفمبر الخالدة". كما بعث رئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين، برقية تعزية إلى عائلة المجاهد لخضر بورقعة، مبرزا فيها "مسيرته الحافلة بالجهاد في سبيل سيادة الجزائر وتحرير شعبها من براثين الاستعمار الغاشم". وأضاف شنين، "لقد التحق المجاهد لخضر بورقعة، برفقاء دربه بعد أن قدم زهرة شبابه فداء للوطن، وكافح من أجل عزّة الجزائر وسؤددها، وتشاء الأقدار أن تقبض روحه الطاهرة في مثل هذا الشهر المبارك الذي يجسد رمز ثورتنا المجيدة". جراد: الجزائر فقدت مناضلا مدافعا عن قناعاته من أجل التغيير من جهته أكد الوزير الأول عبد العزيز جراد، أن الجزائر فقدت برحيل المجاهد لخضر بورقعة، "مناضلا مدافعا عن قناعاته من أجل التغيير ووفيا لها في حياته". ودعا الوزير الأول، عبر حسابه على موقع فايسبوك "الله أن يتغمّده برحمته الواسعة ويجعل مثواه الجنّة ويلهم أهله ورفقاءه الصبر والسلوان. الله يرحمك يا عمي لخضر، إنّا لله وإنّا إليه راجعون". كما أشار في برقية التعزية التي بعث بها إلى عائلة الفقيد أن المجاهد لخضر بورقعة، "أدى واجبه كاملا في خدمه بلاده مناضلا ومجاهدا من أجل استعادة سيادة وطنه وتحريره من براثن الإستدمار البغيض". وأضاف "وإذ أشاطركم الآلام والأحزان بهذه المناسبة الأليمة، التي تفقد فيها الجزائر رجلا من هذا الطراز الذي ينتمي إلى جيل الأبطال، فإنه لا يسعني أمام قضاء الله وقدره، إلا أن أتقدم إليكم وإلى ذوي الراحل جميعا ومن خلالكم إلى كل الأسرة الثورية ورفاق دربه، بأخلص عبارات العزاء وأصدق المواساة والتعاطف، داعيا المولى العلي القدير أن يتغمّد روحه الطاهرة بواسع رحمته وغفرانه ويسكنه فسيح جنانه مع الصدّيقين والأبرار، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يلهمكم جميل الصبر وعظيم السلوان ويجازيكم عنه خير الجزاء، إنه السميع المجيب". أما وزير المجاهدين وذوي الحقوق الطيب زيتوني، فقد أشار في رسالة تعزية إلى عائلة الفقيد بأن الجزائر فقدت برحيله "أحد رجالاتها المخلصين"، الذي يعد أيضا "أحد قادة ورموز الثورة التحريرية". بلحيمر: المرحوم كان دوما من دعاة الحوار والتوافق أما وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، فقد أشاد في برقية التعزية بشجاعة ووطنية المجاهد لخضر بورقعة، مبرزا مساره حيث "وهب شبابه للنضال ضد المستعمر الفرنسي الغاشم وواصل مساره النضالي بعد الاستقلال وإلى آخر رمق في حياته الطيبة مدافعا عن الديمقراطية وعن الحقوق والحريات". وأضاف الوزير، أن المرحوم كان "شاهدا على أبرز محطات حرب التحرير المجيدة وعلى أبطالها، كما كان دوما من دعاة الحوار والتوافق، داعيا إلى تجاوز الخلافات الضيقة والحسابات الشخصية من أجل مصلحة الوطن وفقط". وكتب بلحيمر "رغم المضايقات التي تعرض لها خلال محطات حياته النضالية، إلا أنه ظل وفيا لمبادئه النوفمبرية ولقيمه الإنسانية التي لم يحد عنها طوال حياته، وما نصرته للحراك الشعبي المبارك إلا تأكيدا على وفائه لقناعته وتشبثه بقيم الحرية والعدل والمساواة". وأكد الوزير، أن "جزائر العهد الجديد ستظل وفية لنضال هذه القامة الوطنية التاريخية الشامخة، ولكل من ساروا على ذات النّهج وظلوا على ثبات إلى أن يلقوا الرفيق الأعلى بنفوس مطمئنة، راضية ومرضية". من جانبه قدم الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي باسمه وباسم كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي، تعازيه إلى عائلة المرحوم المجاهد الرائد لخضر بورقعة، راجيا من المولى العلي القدير أن يتغمّد روحه برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جنانه مع الشهداء والصدّيقين. وأن يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان ". وقدمت أحزاب سياسية تعازيها إلى عائلة الراحل وإلى كافة الأسرة الثورية، على غرار حزب جبهة التحرير الوطني الذي اعتبر أن وفاة المجاهد لخضر بورقعة "ليست خسارة لعائلته وذويه فحسب، بل هي خسارة للجزائر قاطبة وللقضايا القومية التي عاش حياته منافحا لأجلها ومناضلا في سبيلها وخاصة القضية الفلسطينية". وأعرب حزب طلائع الحريات، في برقية مماثلة إلى عائلة الفقيد عن "صادق التعازي وخالص عبارات المواساة"، راجيا من المولى عز وجل أن يدخله فسيح الجنان. وولد المجاهد الراحل يوم 15 مارس 1933 بالعمارية بولاية المدية، حيث نشأ في أسرة محافظة قدمت قوافل من الشهداء منهم أخوه الشهيد رابح بورقعة. وقد انضم الفقيد إلى حزب الشعب في سن جد مبكرة ثم إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية، كما ساهم في بث خلايا الحركة الوطنية وتوعية الشعب بالمنطقة الرابعة عشية اندلاع الثورة رفقة العقيد سي الطيب جغلالي، وسويداني بوجمعة وديدوش مراد. والتحق الفقيد بصفوف جيش التحرير الوطني عام 1956 بنواحي المدية. ونظرا لمكانته القيادية تقلد عدة مسؤوليات بالولاية الرابعة التاريخية، منها قائدا للكتيبة الزبيرية التي قامت بعدة أعمال بطولية ضد العدو، ثم أصبح مسؤولا عن لناحية الرابعة التاريخية المنطقة الثانية للولاية الرابعة بين سنتي 1959 1960. كما تقلد المرحوم رتبة نقيب ثم رائدا للولاية مسؤول المنطقة الثانية الولاية الرابعة برتبة نقيب، ليعين بعدها عضوا في مجلس الولاية الرابعة تحت قيادة العقيد يوسف الخطيب، كما عين سنة 1961، عضوا في مجلس قيادة الولاية الرابعة ثم عضوا بالمجلس الوطني للثورة. وعايش المجاهد المرحوم قادة الثورة منهم سي امحمد بوقرة ويوسف الخطيب، وديدوش مراد والعربي بن مهيدي ورابح بيطاط والجيلالي بونعامة وغيرهم من قادة الثورة التحريرية. وللمجاهد مؤلف بعنوان "شاهد على اغتيال الثورة"، يروي فيه أهم وأبرز محطات حياته ويوميات كفاحه بالولاية الرابعة التاريخية.