انطلق موسم جني الزيتون وجمع الغلة، التي تجند لها الفلاحون، بوضع وتطبيق كل المعارف والخبرات طوال الموسم، لضمان جمع منتوج وافر وتحقيق الجودة والمردودية، غير أن تلك المعارف تبقى ناقصة تحوم حولها أخطاء، وهو ما كان وراء إجماع عدة فاعلين في مجال إنتاج زيت الزيتون، على أن تطوير الشعبة يتطلب التكوين والمرافقة والتحسيس. يبادر القرويون بشراء أغنام وذبحها لإعداد وعدة أو "تويزة" أو "تيمشرط" كإعلان عن بداية الموسم، ليتجه القرويون إلى حقولهم، حيث يجسدون صورا متعددة للتكافل والتلاحم الاجتماعي، ويشد أفراد العائلات الرحال نحو حقول ومزارع أشجار الزيتون المتناثرة بين حقول وهضاب القرى، التي ورغم مغادرة السكان لها نحو المدن، بحثا عن ظروف حياة أفضل، يبقى موسم جني الزيتون يشدهم ويجبرهم على العودة لقطف ما جادت به من حبات الزيتون المباركة، وهي الصور التي تتجسد بشكل يومي عبر حقول الولاية، لعائلات مجندة من أجل جمع الغلة، وسط تكثيف دعاوى جمع الغلة مبكرا لإنقاذ المنتوج من ذبابة ثمار الزيتون. مخلوف لعيب (مدير المصالح الفلاحية): حفظ المنتوج وخلق سوق عالمية دعا مدير المصالح الفلاحية لولاية تيزي وزو، مخلوف لعيب، الفلاحين، إلى جني الزيتون عندما يبدأ لونه يتغير، خاصة أن النضج كان هذه السنة مبكرا، موضحا أنه بالنسبة لهذه السنة، ينتظر تحقيق إنتاج أقل من العام الماضي، حيث بلغ رقما قياسيا قدره 19 مليون و600 ألف لتر من زيت الزيتون، مرجعا نقص الغلة إلى عدة عوامل، منها التغيرات المناخية وغياب المطر وغيرهما. قال المتحدث، إن المديرية أعطت مؤخرا، إشارة انطلاق موسم زيتون المائدة بوحدة تصبير الزيتون للمستثمر محمد بلعسلة، بمنطقة النشاطات تادميت، الذي يجلب الزيتون من نوع سيغواز من مناطق الغرب، حيث أن نوع "ازاراج" يوجد بكمية قليلة بتيزي وزو، كما أن الولاية تنتج زيت الزيتون وليس زيتون المائدة، مشيرا إلى أن وحدة التصبير التي تضمن قدرا هاما من الإنتاج الموجه للاستهلاك الوطني والدولي، تقوم بجمع غلة الزيتون وتخزينها لإنتاج زيتون المائدة. ذكر مدير المصالح الفلاحية، أن هدف مديرية الفلاحة، هو حفظ المنتوج، وأن يكون له سوق دولية، بالعمل على تجاوز حدود المستوى الوطني، خاصة أن الوحدة تضمن إنتاج زيتون المائدة ذات جودة، حتى تكون الجزائر الأولى في التصدير عالميا، في ظل توفر مؤهلات ووفرة الزيتون بمناطق الغرب والشرق، التي يجب استعادتها لتمكين استغلالها وتصديرها. تطرق المدير للبرنامج الطموح الرامي إلى تطوير القطاع، الذي استفادت منه تيزي وزو، والذي يهدف إلى فتح 126 كلم من الطرق الفلاحية وتهيئة 35 كلم، حيث حقق البرنامج بمجمله 98 بالمائة، مذكرا أنه يتم بشكل مستمر فتح طرق، منها فتح 8 كلم بقرية وهينون، مؤخرا، سمحت بفك العزلة وتمكين السكان من استغلال نحو 500 هكتار من الأراضي الفلاحية، موضحا أن البرنامج تتكفل به المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية. أشار إلى أن برنامج فتح الطرق الفلاحية يهدف إلى السماح للفلاح بالاستثمار عن طريق البناء واستغلال الأراضي بإنجاز إسطبلات، مستثمرات فلاحية وغيرها، مما يسمح بدفع الاستثمار الفلاحي، وتطوير مجال إنتاج زيت الزيتون عبر الغرس والعناية بمزارع الزيتون، بتمكين الفلاحين من بلوغ أراضيهم، مذكرا بأن هناك إقبالا على ممارسة مختلف الأنشطة الفلاحية، كتربية البقر الحلوب، حيث هناك مستثمرات فلاحية كثيرة، منها إسطبل عصري يضم 160 رأس بقر، يسمح بإنتاج معدل 30 لترا من كل بقرة يوميا، موضحا أن المستثمر اعتمد السيلاج في تخزين الذرة في الصيف، لتغذية الأبقار، بالتالي إنتاج الحليب. أعقب أن الجزائر حاليا اتجهت نحو القطاع الفلاحي، واستغل السكان الحجر الصحي للتوجه نحو خدمة الأرض، موضحا أنه لا توجد موارد مستدامة، ما عدا القطاع الفلاحي، لذلك يجب تنويع الاقتصاد حتى لا يبقى زيت الزيتون مقتصرا على منطقة القبائل فقط، والتوجه نحو منتوج الحليب، الأجبان، التحويل ومنتجات فلاحية مختلفة، مذكرا أنه تم تطوير مجال الزعفران، وهناك آفاق لتطوير وترقية التين الشوكي في مجالات مختلفة، لضمان إنتاج أكثر. قاسي بوخلفة (رئيس مفتشية الصحة النباتية): الحذر والمراقبة لمحاربة ذبابة ثمار الزيتون من جهته، أكد رئيس مفتشية الصحة النباتية بمديرية المصالح الفلاحية لولاية تيزي وزو، قاسي بوخلفة، بأهمية الوقاية والحذر لتحقيق المكافحة الفعالة ضد ذبابة ثمار الزيتون، مذكرا بدخول حيز الخدمة إجراء المراقبة ومحاربة هذه الذبابة عبر إقليم الولاية، بهدف اختيار مواقع محاصرة الحشرة عبر البلديات المعنية بانتشارها، وتحديد المكلفين بجمع الذباب الذي يتم اصطياده، مما سمح بتحذير الفلاحين وإرشادهم نحو طرق العناية، لمواجهة انتشار الحشرة طوال مرحلة نمو محصول الزيتون، إلى غاية مرحلة جمع الغلة، ببرمجة حملات تحسيس وإرشاد. أعقب المتحدث أن ذبابة ثمار الزيتون تحتل المرتبة الأولى من بين حشرات الزيتون، من حيث الأضرار التي تحدثها، متسببة في تساقط الثمار بنسبة كبيرة في حال انتشارها بكثرة، إضافة إلى عدم صلاحية الحبة المصابة للأكل أو الحفظ، كما تنخفض فيها نسبة الزيت وترفع نسبة الحموضة في الزيت المستخرج منها، وهو ما أدى إلى وضع الدولة إجراء مراقبة ومكافحة آفة ذبابة ثمار الزيتون، بهدف الحد من الخسائر الاقتصادية التي تسببها للمحصول. أوضح المسؤول أن الإجراء الذي دخل حيز التطبيق منذ شهر ماي، يشارك فيه عدة أطراف، منهم المخبر الجهوي، المجلس المهني، غرفة الفلاحة، الفلاحون والمقاطعات الفلاحية، مضيفا أنه تم تنظيم خرجات ميدانية أسبوعيا لمراقبة الحقول والمزارع، في إطار إجراء المراقبة ومحاربة ذبابة الزيتون، حيث يتم تفقد المصائد المعلقة على الأشجار لإحصاء عدد الذباب الذي تم اصطياده، ومنذ بداية شهر سبتمبر إلى غاية منتصف أكتوبر الماضي، تم إنجاز 3 عمليات مراقبة، مؤكدا أنه في حال تم اصطياد أكثر من ثلاث حشرات في ظرف 24 ساعة، يتم توجيه تحذيرات للفلاحين وإعلامهم مبكرا بطرق العناية ووجوب وضع الدواء من عدمه. كما أشار إلى إعداد وثيقة توضيح واقع ذبابة ثمار الزيتون، من خلال تعريف الفلاحين بها، وتحسيسهم بالأضرار التي تلحقها بمحاصيل الزيتون، مع إبراز طرق مكافحتها، خاصة أنها تؤثر سلبا على سلامة المنتوج ونوعيته ومردوديته، حيث تم توزيع نسخ على الغرفة الفلاحية والمجلس المهني لشعبة الزيتون، والمقاطعات الفلاحية التي تتكفل بتوزيعها على الفلاحين. أكد المفتش في الصحة النباتية، على الحذر والوقاية لحماية المنتوج كخطوة أولى، موضحا أن الدواء لا يعتبر حلا لوحده، إنما يتطلب العناية بالشجرة عبر التقليم، بتعريضها لأشعة الشمس والتخفيف من نسبة الرطوبة، الحرث خلال الشتاء لضمان تعريض التربة للرطوبة ودرجات الحرارة المنخفضة، حيث أن الذبابة تموت في البرودة وعند سقوط الثلوج، مشددا على ضرورة إدراك الفلاحين أن هذه الذبابة عدوة ثمار الزيتون، خاصة عند إهمال مكافحتها، حيث تصيب الذبابة معظم أصناف الزيتون في جميع مناطق زراعته، لكنها عادة تفضل الأصناف ذات الثمار الكبيرة. قال؛ إن الذبابة تضع بيضها داخل حبات الزيتون خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، وتفقس دودة تأكل الحبات من الداخل ليتحول لونها إلى أسود، ليبدأ تساقط الحبات وتتعفن، فلا يمكن جمعها لأنها لم تعد صالحة، داعيا إلى القيام بعملية الجني المبكر، مما يسمح بتوفير تكاليف المعالجة والمحافظة على جودة الثمار وعصره مباشرة، موضحا أن تخزين الثمار لوقت يؤدي إلى تعفنها، ويتسبب ذلك في خروج ذبابة تضر بالأشجار الأخرى. ذكر المتحدث أن مديرية المصالح الفلاحية، شرعت منذ العام الماضي، في حملات تحسيسية لمحاربة هذه الذبابة، وضمان تحذير الفلاحين ودعوتهم للعناية بالشجرة، وتطبيق إجراءات الوقاية مباشرة بعد انتهاء موسم جني الزيتون، والتحضير للموسم الجديد، مضيفا أنه على الفلاحين معرفة كيفية اختيار المواد المعالجة التي يجب استخدامها، ووقت استعمالها، حتى لا يتأثر مذاق الزيتون، بنوعيته ومردوديته. تطرق المفتش إلى طرق محاربة الذبابة، حيث قال؛ إن الولاية يغلب عليها الطابع الجبلي، وتمتاز بتضاريس صعبة تعيق دخول الجرارات لرش المبيدات، لكن هناك جهاز رش محمول على الظهر يعتمد عليه لرش الأشجار، بداية من ماي إلى غاية جويلية، لمنع تكاثر الذبابة، كذلك هناك دواء بيولوجي يوضع على أربعة أشجار باختيار الجهة الجنوبية، تتناوله الذبابة وتموت، إلى جانب وضع مصائد، وهي عبارة عن قارورة ماء بها ثقوب، يوضع داخلها القليل من الخميرة وسائل الأواني، وعندما تتناول الذبابة السائل تموت، وغيرها من الطرق التي تجذب الذبابة وتقضي عليها. دعا المفتش أصحاب المعاصر إلى الفتح مبكرا، ليتم عصر المنتوج في الوقت، وضمان جودة الثمار حتى وإن كان إنتاج الزيت منخفضا، كما دعا الفلاحين إلى جني المنتوج من الأشجار المتضررة من الذبابة أولا، عبر جمع الثمار المصابة، سواء المتساقطة على الأرض أو الموجودة على الأشجار، لتفادي تكاثر الذبابة والتخفيف من نسبة الإصابة، موضحا أن إحصاء 10 حبات متضررة من أصل 100 حبة، لا يستدعي القلق، فقط يجب مراقبتها، لكن لا يجب إهمالها إلى درجة تسجيل أكثر من 50 بالمائة من الخسائر والضرر. فيصل أمازيت (صاحب معصرة الزيتون "ويزة"): 95 بالمائة من الجزائريين يستهلكون زيتا تفتقر للنوعية تأسف فيصل أمازيت، صاحب معصرة زيتون "ويزة" من بلدية إيفيغا، عن كون نحو 95 بالمائة من الجزائريين لا يدركون نوعية زيت زيتون ذات الجودة، حيث يستهلكون زيتا بنوعية رديئة، موضحا أن طريقة جني الزيتون الخاطئة وتأخر العصر يجعل نوعية المنتوج رديئة، داعيا الفلاحين والمستهلين إلى التقرب من المهنيين لمعرفة طرق وتقنيات جني الغلة، وكيفية الحفاظ عليها لتكون زيتا ذات جودة ونوعية ومذاق جيد. أعقب أمازيت أن زيت الزيتون الجزائري يمكنه تحقيق المنافسة في السوق العالمية، لأنه طبيعي لا يضم مواد كيميائية ولا أسمدة، مما يبعث الثقة في أن يكون لزيت الزيتون الجزائري مكانة، خاصة أن هناك عدة حملات غرس على المستوى الوطني امتدت حتى الجنوب، وهو ما يسمح برفع الإنتاج والمردودية في السنوات المقبلة، وإلى حين ذلك، يجب إيجاد أسواق دولية، حتى لا يجد منتجو زيت الزيتون وأصحاب المعاصر ووحدات الإنتاج، أنفسهم عالقين مع كميات كبيرة من الزيت غير مسوقة، وهو ما يتطلب تحسين النوعية والجودة. قال المتحدث؛ إن عائلته تملك معصرة زيت الزيتون "ويزة" ببلدية ايفيغا، وقد باشرت ممارسة نشاط العصر منذ عقود، حيث كان للعائلة معصرة تقليدية تعمل بنظام "ايغوراف"، أي عن طريق الهرس، توجد بوسط قرية "لاربعا" ببلدية ايفيغا، تم إنشاؤها عام 1947 من طرف الجد، وبعد وفاته تسلم الابن دا الهاشمي المهمة إلى غاية 1991، لتنتقل عملية التسيير للابن فيصل، الذي قام بعصرنة العتاد والتجهيزات، التي تم اقتناؤها من إيطاليا، وفتح معصرة عصرية جديدة على حافة الطريق الوطني رقم 71، موضحا أن سلسلة استغلال المعصرة التي تستقبل منتوج الزيتون من عدة مناطق من الولاية، استمرت إلى غاية اليوم وتطورت بفضل تطوير المنتوج والجودة والنوعية التي سمحت بظفره عدة جوائز. أشار في سياق متصل، إلى أنه في عام 2005، استفاد من تكوين في مجال تذوق زيت الزيتون، لضمان النوعية الجيدة، محققا بذلك مسارا ومشوارا جد هام، اعتمد عليه لخدمة وتطوير مجال المعصرة والزيتون، كما تلقى تربصات بباريس، حيث حظي بميدالية، مع افتكاكه الجائزة الأولى بنيله ميدالية ذهبية في المسابقة الوطنية لأحسن زيت زيتون بكر ممتاز في الجزائر "جعفر علوم" في طبعتها الثانية، التي نظمها المجلس الوطني متعدد المهن لشعبة الزيتون، بالتنسيق مع المعهد الوطني التقني للأشجار المثمرة والكروم. عبر فيصل عن أماله في ترقية زيت الزيتون الجزائري، حتى تكون له مكانة في السوق العالمية، خاصة أنه يمتاز بنوعية جيدة، والعمل على تصديره للخارج، مع وجوب تحسيس المستهلك المحلي بالزيت الجيد للاستهلاك، ليساهم في تطوير وترقية المنتوج، مشيرا إلى إنشاء تعاونية "اشبيلي اث غبري" التي يعد عضوا فيها، وقرر منح مقر لها بمعصرته، لكن لم يتم بعد منح اعتماد للتعاونية، إلى جانب الوسم، مشيرا إلى إيداع طلب للحصول على الوسم لدى وزارة الفلاحة، معبرا عن آماله في الظفر بهذا الوسم في إطار الجزائر الجديدة، مما يسمح بإعطاء قيمة مضافة لزيت الزيتون الجزائري حتى تكون له مكانة في العالم. أضاف المتحدث أن التعاونية من شأنها توفير الخبرة والمساعدة للفلاحين، لاسيما فيما يخص كيفية جمع المنتوج ومراحل جنيه، مشيرا إلى مشروع "باسا" الذي من شأنه ضمان المساعدة لتطوير مجال جمع الغلة بأقل تكاليف ممكنة، خاصة بمنطقة القبائل، حيث أن عملية جمع وجني زيت الزيتون مكلفة، لأن جمعه يكون عائليا، بمساعدة الفلاحين عن طريق توفير شباك الجني، إلى جانب مشط اهتزازاي للإسراع في جمعه وربح الوقت والمال وضمان جودته. حميد سعيداني (رئيس الغرفة الفلاحية): بعث برنامج التكوين ومساعدة المرأة الريفية لتطوير القطاع طمن جانبه، أكد رئيس الغرفة الفلاحية لولاية تيزي وزو، حميد سيعداني، على الدور الكبير الذي تلعبه المرأة الريفية في مجال تطوير الأنشطة الفلاحية والزراعية، حيث برزت قدرتها في العديد من المرات، في رفع الإنتاج والمردودية، مما يتطلب دعمها ببرنامج التكوينات الذي يستفيد منه الفلاحون والمرأة الريفية في آن واحد، في مجالات مختلفة. أضاف المتحدث، أنه خلال سنة 2020، تم إنجاز عدة نشاطات مع بعض أعضاء المجلس المهني لشعبة الزيتون من المختصين في مجال التلقيم والتطعيم وغيرهما، حيث برمجت عدة تكوينات في الميدان لفائدة الفلاحين، بما فيها المرأة الريفية التي شاركت بقوة في هذه التكوينات المنظمة بعدة بلديات، منها آث يني، ميزارنة وغيرهما، مشيرا إلى أنه مع جائحة "كورونا"، توقف برنامج التكوينات. أعقب في سياق متصل، أن بعث برنامج التكوينات يسمح بتعليم الفلاحين كل ما له علاقة بتطوير وترقية شجرة الزيتون، خاصة ما تعلق بمجال تلقيم أشجار الزيتون، مشيرا إلى وجود عجز في هذا الإطار، حيث لا يجيد العديد من الفلاحين التلقيم، مؤكدا أن اكتساب الخبرة والمعرفة في هذا المجال، سيسمح برفع المردودية واستعادة الكميات الكبيرة التي تهدر وتفقد من الزيتون مع كل موسم، كما لن يكون هناك موسم وافر وآخر ضعيف، إنما يتم تحقيق إنتاج أوفر بعيد عن التباين. قال المسؤول، إن الغرفة الفلاحية تقوم بحملات تحسيسية، تحقق توافد وإقبال الفلاحين على برنامج التكوين في مجالات مختلفة، موضحا أنه يتم الاستعانة بمكونين، وفقا للمجال المختار والمطلوب، والغرفة حاليا في اتصال مع جمعية من قرية ابيزار ببلدية تميزار، تريد الاستفادة من تكوين لفائدة المرأة الريفية، حيث تقترح الجمعية الموضوع، بينما تقوم الغرفة بتوفير المكون. ذكر سعيداني أنه خلال مختلف اللقاءات المنظمة مع الفلاحين، سجل نقص التكوين في الأنشطة الفلاحية، وفي إيصال المعلومة، موضحا أنه في حال تم خلق نسيج يسير عليه الفلاحون وإطارات الفلاحة، يمكن تبليغ المعلومة في وقتها، وتحقيق تقدم كبير، مستدلا بمثال عن جمعية المرأة الريفية باعكوران، التي حظيت بدعم الغرفة الفلاحية التي استقدمت الجمعية الوطنية لمنتجي الزعفران، من أجل الإشراف على تكوين النساء في مجال زراعة الزعفران، مما سمح بخلق 22 حقلا لزراعة الزعفران هذه السنة، كذلك جمعية المرأة الريفية "الساحل"، التي تنام على مخزون كبير من المعارف والخبرة في المجال الفلاحي، وتعمل الغرفة الفلاحية على مساعدتها للكشف عن هذا الإرث. نوه سعيداني بدور المرأة الريفية التي تعمل دائما في سبيل تطوير وترقية القطاع الفلاحي، مذكرا بمشاركة نحو 40 امرأة فلاحة وريفية في المعرض المقام بالجزائر مؤخرا، بمناسبة اليوم العالمي للتغذية لهذه السنة، حيث عرضت المرأة كل الأنشطة الفلاحية التي تم نفض الغبار عنها، وإظهارها وإبرازها. محمد بلعسلة (رئيس المجلس الوطني المهني المشترك لشعبة الزيتون): على المهنيين بالتنظيم لتطوير المنتوج وغزو الأسواق الخارجية في سياق متصل، أكد رئيس المجلس الوطني المهني المشترك لشعبة الزيتون، محمد بلعسلة، أن جني وعصر زيت الزيتون أو إنتاج زيتون المائدة، مهنة نعرفها، لكن للأسف، كل منتج يعمل لوحده، بالتالي يتطلب الأمر اليوم، من المهنيين التنظيم لإيجاد حلول لمختلف المشاكل التي تواجه الشعبة، منها مشكلة التغليف، مؤكدا على أن التنظيم من شأنه إخراج الشعبة وتطويرها لغزو الأسواق الخارجية. أعقب بلعسلة أن هناك بعض محاولات التصدير نحو دبي وفرنسا، لكنها تبقى قليلة، في حين يطمح المجلس لإرسال حاويات كبيرة، بالنظر إلى المؤهلات الموجودة على المستوى الوطني، والتي تسمح بأن يكون للجزائر جزء كبير في السوق الدولية، منوها بأهمية تطوير وتنويع هذا المنتوج الذي يسمح بترقية القطاع الفلاحي وطنياو وإبراز الخيرات والنوعية والجودة في الأسواق الخارجية، لاسيما أن هناك وحدات للتصبير، التحويل وغيرهما. قال بلعسلة؛ إن مشروعه الاستثماري المتمثل في وحدة متخصصة في تعليب وتصبير الزيتون، ليس وليد اليوم، إنما ثمرة تجربة وخبرة متوارثة أبا عن جد، حيث سعت عائلة بلعسلة للحفاظ عليها قبل سنوات الخمسينات، عندما انطلق الجد في هذا المجال بالعاصمة، وتحديدا باب الوادي، ومع بداية سنوات الثمانينات، غادر الجد العاصمة باتجاه تيزي وزو، وتحديدا مدينة تادميت مسقط رأس العائلة، حيث فتح وحدة لتصبير الخضر والفواكه في سنوات التسعينات بمنطقة النشاطات في تادميت، وانتقلت الحرفة إلى الابن الذي علمها لأبنائه، الذين بدورهم أخذوا على عاتقهم مسؤولية الاستمرار في ممارسة الحرفة ليس فقط كنشاط تجاري، إنما لحبهم لها ولأنها إرث له وزن وقيمة كبيرتين، حيث قرر محمد وإخواته توسيع المجال بالعمل على تطويره وتنميته، بفضل تنويع مواد التصبير التي لا تتوقف على زيت الزيتون لوحده فحسب، بل إضافة فواكه أخرى، كالجزر وغيرها. أشار المتحدث إلى التحكم في النوعية والإنتاج، مما فتح المجال لآفاق الاستثمار، بخلق وحدة التكييف والبدء بالعمل بها العام المقبل، حيث ستضمن رفع قدرة الإنتاج بإدراج مختلف أنواع الزيتون، واختلاف طرق التصبير باعتماد أجهزة مختلفة، مؤكدا أن وحدة تصبير الزيتون التي يسيرها، تعد من بين أفضل العشر وحدات الأولى، وتهدف إلى ضمان الإنتاج من أجل التصدير وتمثيل الجزائر بمنتوج زيتون يتوفر على كل المعايير المطلوبة، موضحا أن الجزائر تعتبر ثاني دولة مستهلكة لزيتون المائدة، لكن في المقابل، متأخرة في مجال زيت الزيتون، وهو ما يستوجب التعريف بفوائد هذا المنتوج كغذاء وصحة والعمل بالتعاون والتنسيق مع المنتجي،ن لضمان افتتاح وحدات التصبير، معاصر، وإعطاء إشارة انطلاق موسم جني الزيتون ليكون "عادة" تسمح بتطوير المنتوج. أشار بلعسلة إلى أن حصة الفرد الجزائري من زيت الزيتون تقدر بنحو 1.5 كلغرام سنويا، معتبرا الكمية المستهلكة "ضعيفة" مقارنة بالكمية المنتجة من الزيتون محليا، فضلا عن أن هذه الكمية المستهلكة سجلت في الولايات الأكثر إنتاجا لزيت الزيتون، ويتعلق الأمر ببجاية وتيزي وزو وجيجل والبويرة، في حين هناك مناطق لا تعرف زيت الزيتون، وهو ما جعل الجزائر "تحتل المراتب الأخيرة في استهلاك هذه المادة الغذائية ذات القيمة العالية"، موجها نداء لمختلف الفاعلين بغية العمل على التعريف به. تحدث المستثمر بلعسلة، عن مساعيه للحصول على قطعة أرض لتوسيع مشروعه وإنجاز معصرة، خاصة أن الجزائر بحاجة إلى مثل هذه المشاريع، مبديا حاجته لوحدة التغليف وتوجيهها للإنتاج لتدعيم احتياجات السنوات المقبلة، لاسيما أنه يرتقب أن تكون هناك أفكار جديدة لمسايرة التطورات والطلب، على اعتبار أن الاستثمار ليس فقط مرفقا، إنما توفير شروط توسيعه وإبرازه، حيث كشف عن طموحه في سبيل توسيع المجال، ليمس إنتاج زيتون محشي بالثوم والجزر والفلفل وغيرها. تقتني الوحدة -يضيف المتحدث- 80 بالمائة من منتوج الزيتون بأنواعه، سيقواز أو محمض "مرقد" من ولايات الغرب والشرق، منها من بجاية، باتنة، معسكر، غيلزان وتلمسان وغيرها، حيث يتم شراء حقول من الزيتون، ونقل المنتوج إلى وحدة تادميت، على اعتبار أن نوع "شملال" هو الغالب بتيزي وزو، بينما "ازاراج" قليل جدا، حيث يخضع المنتوج لمراحل منها التنقية والغسل والتحويل، ثم إزالة السمرة، لتأتي مرحلة التخمير والنقر والتخزين وغيرها من المحطات، قبل أن يكون زيتون المائدة جاهزا للتسويق والاستهلاك. ذكر بلعسلة أن خبرته التي تقدر بنحو 30 سنة في مجال تصبير الزيتون والخضر، جعلت منه ومن فريقه، حريصين ليس فقط على رفع الإنتاج، لكن تحسين النوعية، تحت إشراف مخبر ليكون المنتوج في المستوى الذي ينتظره الزبون، وهو ما كان وراء تسجيل زيادة وإقبال على منتوجات الوحدة، حيث تم استغلال فترة الحجر الصحي لإدراج الطماطم الجافة بعد تجفيفها طبيعيا، وإضافة زيت الزيتون، وعرضها للزبون لإعطاء رأيه، مضيفا أن المؤسسة تعمل على مدار السنة، حيث يتم خلال موسم الجني، جمع الزيتون وبعد نهاية الموسم تنطلق عملية تنظيف وتصبير الزيتون وغيرها، حيث تقوم الوحدة بإنتاج نحو 600 قنطار سنويا، في حين أن قدرة استيعابها تتراوح بين 15 إلى 20 ألف قنطار سنويا، ويتم غسل الآلات وتجديد الطلاء وغيرها من أشغال التنظيف بالوحدة، للانطلاق في موسم جديد، كما يتم تنظيم مع انطلاق ونهاية موسم زيتون المائدة، "الوعدة" التي تعتبر بمثابة الشكر على نجاح الموسم.