أكد وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان سعي الحكومة على تنويع مصادر تمويل الاقتصاد من خلال موارد بديلة للمحروقات والتي ستترافق بإجراءات جديدة لضمان فعالية الإنفاق العمومي. وأوضح السيد بن عبد الرحمان خلال جلسة علنية مخصصة للرد على انشغالات النواب مساء الأربعاء الفارط في إطار مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2021، ترأسها سليمان شنين، رئيس المجلس، بحضور أعضاء من الحكومة، أن "الحكومة تعمل على تنفيذ خطة عمل تم اعتمادها خاصة من حيث تنويع مصادر التمويل من أجل الخروج من التبعية لمصادر التمويل الحالية واللجوء بصفة استراتيجية إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي يتوقع لها عائد استثماري على المدى المتوسط". مشروع قانون لتنظيم الشراكة "عمومي – خاص" فبخصوص آلية الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص والتي تهدف لإنجاز وتسيير المرافق العمومية من خلال تمويلات القطاع الخاص مقابل عائدات الاستغلال، فإن وزارة المالية تحضر لمشروع قانون ينظمها ويوضح كيفياتها. وأضاف الوزير أن تدابير تنويع الموارد المالية تتضمن أيضا "إصلاحات ترمي لتطوير وتحسين منتجات الصيرفة والتأمين الاسلاميين وتنشيط بورصة الجزائر وتطوير دور البنوك في مرافقة الاستثمار والمؤسسات إلى جانب فتح رأسمال البنوك العمومية وفتح بنوك خاصة جديدة". في مقابل ذلك، تم اعتماد مقاربة جديدة في البرمجة الميزانية متوسطة الأجل لنفقات التجهيز للفترة 2021-2023 تقوم على "التحكم في النفقات العمومية وترشيدها من خلال تكييف برامج التجهيز المستقبلية مع الإنجازات المحققة وذلك بانتهاج عقلانية اقتصادية أكبر مع مراعاة القدرات المالية للبلاد". الأولوية للمشاريع قيد الإنجاز في هذا الإطار، كشف الوزير أن الأولوية منحت لإنهاء المشاريع الجارية في الوقت المحدد ووفق التكاليف المتوقعة مع الأخذ بعين الاعتبار للمراجعات الأصلية في تكلفة المشاريع التي تم رفع التجميد عنها من قبل السلطات العمومية. كما سيتم تعليق البرامج الجديدة إلا في حالات الضرورة الملحة حيث سيتم "عند الاقتضاء" تقديم المقترحات إلى السلطات العمومية للموافقة عليها مع الحرص على اختيار البرامج التي تستوفي متطلبات "الفعالية والكفاءة". غير أن الحكومة تعمل على المحافظة على استقرار مقومات الاقتصاد الوطني وعلى دفع الإنعاش الاقتصادي في سبيل بلوغ معدل نمو ب4 من المائة خلال 2021 وذلك عن طريق الاستعمال الفعّال للموارد المالية المتاحة وإطلاق المشاريع الاستثمارية المهيكلة والتي من شأنها أن تساهم في خلق الثروة وفرص العمل. وعن هذه المشاريع الجديدة، أكد الوزير أن يجري حاليا الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بمشاريع كبرى عدة من بينها ميناء الحمدانية ومركب الزنك ببجاية ومركب الفوسفات في شرق البلاد وهي المشاريع التي ستسمح بخلق أكثر من 200 ألف منصب شغل خلال السنوات الخمس المقبلة. إطلاق الشباك الموحد قبل نهاية السنة بالموازاة مع ذلك، فإن الحكومة، يضيف السيد بن عبد الرحمان، ستواصل جهودها لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار من أجل تكثيف الصادرات خارج المحروقات وإجراء تكييف للنصوص القانونية الخاصة بالممارسات القانونية، كاشفا في هذا الصدد، بأنه سيتم إطلاق الشباك الموحد للاستثمار وذلك قبل نهاية السنة الجارية. في نفس السياق، ذكر الوزير بأن الحكومة قامت بدراسة تم خلالها إنشاء أدوات تحديد واستهداف العائلات المتضررة من إصلاحات الدعم وكذا أدوات قياس وتقييم أثار الرفع التدريجي لهذا الدعم. وسيتم إنشاء وكالة خاضعة لوزارة المالية تعمل على تطبيق وإدارة برنامج استهداف وتعويض الأسر المتضررة من برنامج إصلاح الدعم، يؤكد الوزير الذي شدّد على الطابع "المعقد والحساس" من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية لهذه العملية، لافتا إلى أن التحويلات الاجتماعية من ميزانية الدولة لسنة 2021 تبلغ 1.929,35 مليار دج بارتفاع قدره 81,58 مليار دج مقارنة ب2020 أي ب4,43 %. التحويلات الاجتماعية تمثل 9,4% من الناتج المحلي الخام ل2021 وتمثل بذلك التحويلات الاجتماعية 23,7 من المائة من الميزانية العامة للدولة و9,4 من المائة من الناتج المحلي الخام لسنة 2021. وفي رده عن سؤال يتعلق بسبب اختيار 40 دولارا كأساس مرجعي لسعر النفط، أكد الوزير أن الإطار المرجعي لقانون المالية الجديد لم يلتزم بقاعدة احتساب سعر برميل النفط على أساس متوسط أسعار السنوات العشر الأخيرة، وذلك بالنظر لحالة التذبذب وعدم الاستقرار التي تعرفها الأسواق الدولية. وبالرغم من أن معظم الدراسات المتوفرة الحالية تتوقع سعرا ب46 دولارا خلال السنوات الثلاثة المقبلة، إلا أن الحكومة اعتمدت سعر 40 دولارا و"ذلك توخيا للحذر". وحول حسابات التخصيص الخاص التي تم إغلاقها، كشف الوزير أن إجمالي الحسابات ال38 التي سيتم إغلاقها في 2021 تقدر ب2.239,38 مليار دج. وفي رده عن الأسئلة المتعلقة بكيفيات تمويل عجز الميزانية، أعلن الوزير أن الحكومة ستلجأ إلى تنفيذ آليات السياسة النقدية المنصوص عليها قانونا، وذلك بالتشاور مع بنك الجزائر، حيث يتعلق الأمر على وجه الخصوص باستعمال جزء من الاحتياطيات والمخصصات المكوّنة من طرف البنك المركزي، وإيداع جزء من الأموال الخاصة لبنك الجزائر في شكل سندات الخزينة إلى جانب تنشيط سوق سندات الخزينة من خلال إعادة شراء القروض البنكية المشتركة الكبيرة وإعادة تمويل سندات الخزينة الصادرة مقابل إعادة شراء هذه القروض البنكية المشتركة، لافتا في هذا السياق، إلى أن عملية إعادة التمويل هذه، تتطلب تكييف تنظيم بنك الجزائر مع السياق الاقتصادي والمالي الحالي، بما يسمح بتوفير السيولة الضرورية للبنوك لتمويل الاقتصاد، وتمكين الخزينة من استقطاب جزء كبير من هذه السيولة.