لا يزال شبح التمويل الليبي لحملته الانتخابية في 2007 يطارد الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي الذي تنطلق محاكمته غدا فيما عرف اعلاميا بقضية "التنصت" ضمن سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ فرنسا يحاكم فيها رئيس فرنسي بعدة تهم على رأسها "الفساد" و«تشكيل عصابة إجرامية". ويعود أصل قضية "التنصت" إلى ملف قانوني آخر يتعلق بالتمويل الليبي لحملته لانتخابات الرئاسة الفرنسية لعام 2007 التي فاز بها والذي يهدد نيكولا ساركوزي المتهم مؤخرا أيضا ب"تكوين عصابة إجرامية"، إضافة إلى تهم "اختلاس أموال عمومية" و«التمويل غير الشرعي لحملته الانتخابية" كانت وجهت له في مناسبات سابقة. واتهم ساركوزي في قضية "التنصت"، التي تنطلق المحاكمة فيها غدا وتدوم الى غاية 10 ديسمبر القادم على حسب تطورات الوضعية الوبائية الناجمة عن "كوفيد 19" بمحاولة رشوة أحد القضاة عن طريق منحه مركزا مرموقا في إمارة موناكو مقابل تزويده بمعلومات سرية في محكمة النقض حول تحقيق جنائي يطال حزبه السياسي ضمن ما عرف بقضية "بتنكور".وتضمنت لائحة الإتهام بأن ساركوزي وعد بتعيين القاضي، جيبير أزيبير في موناكو مقابل معلومات مشمولة بالسرية يدلي بها له عن القضية، حيث كشف التحقيق بأن الرئيس الأسبق ومحاميه تييري هيرزوغ استخدما هواتف محمولة وأسماء مستعارة للاتصال ببعضهما البعض. ويواجه ساركوزي بسبب ذلك عقوبة تصل إلى عشر سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها مليون أورو بتهمة الفساد واستغلال النفوذ مثله مثل المتهمين الآخرين في هذه القضية. وكان قضاة التحقيق قرروا شهر سبتمبر 2013 وضع الرئيس الأسبق على أجهزة التنصت، ليكتشفوا في بداية عام 2014 أنه كان يستخدم خطا سريا تحت اسم مستعار "بول بيسموث" للتواصل مع محاميه، تييري هيرزوغ. وبحسب التسجيلات محل المراقبة، فقد تعهد الرئيس الأسبق بالتدخل لصالح القاضي أزيبير، حيث قال في مكالمة هاتفية مع محاميه "أنا، أجعله يصعد"،، "سأساعده"، ولكنه وبعد وقت قصير تخلى ساركوزي عن التواصل مع سلطات موناكو، بما جعل المحققين يرون باحتمال أن يكون الرجلان قد اكتشفا أنه تم التنصت على هواتفهما غير الرسمية. وكان المدعي العام الفرنسي قد قارن في لائحة اتهام أصدرها شهر أكتوبر 2017 وصفت حينها ب "القاسية"، أساليب ساركوزي بأساليب "الجانح المخضرم". وندد ساركوزي البالغ من العمر 65 عاما والذي يعتبر نفسه ضحية "مؤامرة" بما وصفه ب«الفضيحة التي ستبقى في السجلات"، وهو الذي كانت وجهت له الشهر الماضي تهمة جديدة صادمة أكدت تكوينه "عصابة إجرامية" ضمن رابع تهمة في ملف التمويل الليبي لحملته الانتخابية المستمر التحقيق فيه منذ ثماني سنوات. ورغم السنوات التي استغرقها التحقيق وشهادات المسؤولين الليبيين الذين أكدوا أن الرئيس الفرنسي الأسبق تلقى أموالا طائلة من العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي في عام 2007، إلا أن النيابة لم تتمكن من الحصول على دلائل قاطعة لهذا التمويل المفترض. وتنتظر ساركوزي محاكمة ثانية من المتوقع انطلاقها في ال17 من مارس 2021 في قضية "بيغماليون" التي تتعلق بتمويل غير قانوني لحملته الانتخابية الفاشلة في العام 2012 والتي تتركز على أن حزبه آنذاك عمل مع شركة علاقات عامة صديقة تحمل اسم "بيغماليون" على إخفاء التكاليف الحقيقية للحملة الانتخابية التي تشير التحقيقات أنها بلغت السقف بصرفه ل43 مليون اورو بما يعادل تقريبا ضعف القيمة المالية المرخصة لها قانونيا.