تأتي المهمة الموكلة للجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة قانون الانتخابات، مواصلة للعمل الذي كانت قد قامت به في وقت سابق، بتحضيرها لمشروع التعديل الدستوري المكرس لأهم معالم التغيير السياسي المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. فبتقديم اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة القانون العضوي لنظام الانتخابات لمقترحاتها، تطبيقا لتوجيهات الرئيس تبون، الذي شدد مؤخرا على أن تكون الوثيقة جاهزة في أقرب وقت من أجل "الانطلاق في العملية التي تأتي بعد الدستور"، يكون قد شرع فعليا في مسار تجسيد الشق السياسي من التعديل الدستوري الذي حاز على تزكية الشعب في استفتاء الفاتح نوفمبر المنصرم. ويقع على كاهل هذه اللجنة التي حازت مجددا على ثقة رئيس الجمهورية، صياغة مسودة قانون جديد لسير الانتخابات، يحدد مقاييس انتخابية "شفافة" من شأنها إحداث قطيعة نهائية مع ممارسات سابقة. ومن أهم هذه المعايير منع المحاصصة في توزيع المقاعد وشراء الذمم والفصل بين المال والسياسة، كشروط لا بد منها لأخلقة الحياة السياسية، وضمان انتخابات تعبّر حقا ودون منازع عن الإرادة الشعبية. وفي هذا الصدد ذكر رئيس الجمهورية، في معرض تقديمه توجيهات لأعضاء اللجنة، بأنه التزم أثناء الحملة الانتخابية بأن تتحمّل الدولة للراغبين من الشباب، مصاريف حملتهم الانتخابية كي لا يقعوا فريسة للمال الفاسد أو المشبوه. كما أوضح بأن المقاييس الجديدة "يجب أن تراعي في حدود الممكن الجمع بين الكفاءة والتجربة في المترشحين، خاصة في المدن الكبرى"، مع عدم حرمان أي مواطن يتمتع بحقوقه السياسية والمدنية من الترشح لأسباب سياسية، وهذا "ضمانا لتوفير فرص متكافئة للجميع في الترشح والرقي الاجتماعي والسياسي". وستمكن مخرجات أشغال هذه اللجنة التي تم تنصيبها منذ ثلاثة أشهر من إرساء قواعد واضحة لتنظيم انتخابات "تنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية نظيفة ذات مستوى ومصداقية"، مثلما كان قد أكده الرئيس تبون. وتندرج المهمة الثانية الموكلة لهذه اللجنة ضمن المحور السابع من الالتزامات التي تعهد بتحقيقها الرئيس تبون، والمتصل بالتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات. يذكر أن رئيس الجمهورية، كان قد فسح المجال واسعا أمام اللجنة أثناء إعدادها لمقترحات تعديل الدستور الذي شكل أول امتحان لها، من خلال حثها على "توسيع مجال التفكير" إلى مواضيع أخرى متعلقة بسير الحياة السياسية، و«صياغة أي اقتراح مفيد يرمي إلى تعميق دولة الحق والقانون في ظل احترام التناسق العام للمنظومة الدستورية، حتى تستجيب بشكل ملائم لانشغالات المواطنين لاسيما تلك التي عبّرت عنها الحركة الشعبية". وينطبق الأمر ذاته على المهمة الجديدة التي عهد بها للجنة، حيث منحها الرئيس تبون، صلاحية الاستعانة بالكفاءات العلمية و استشارة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني للقيام بمهمتها. وقد حرص رئيس الدولة، على التأكيد أكثر من مرة على عظم المهمة المسندة لهذه اللجنة، لاضطلاعها بشرف المساهمة في "إعادة تأسيس مؤسساتنا وأنظمة الحكامة". وأعرب بهذا الخصوص عن ثقته بأنها ستؤدي مهمتها "بكل وعي وحزم وروح مسؤولية عليا"، معتبرا ذلك "فرصة" أتيحت لها من أجل "تجسيد تطلعات شعبنا في بناء دولة الحق والقانون، دولة قائمة على مبادئ لا يمكن المساس بها ونجتمع كلنا عليها ترمي إلى تشييد ركائز الجزائر الجديدة''، يقول الرئيس تبون. للإشارة تتشكل اللجنة بالإضافة إلى رئيسها أحمد لعرابة، ومقررها وليد العقون، من سبعة أعضاء آخرين هم: نصر الدين بن طيفور ونبيلة لدرع وجازية صاش لشهب و مصطفى كراجي وبشير يلس شاوش و كريم خلفان والطيب ماتلو.