الفصل بين المال والسياسة ضمان انتخابات تعبر حقا عن الإرادة الشعبية يجب أن تراعي المقاييس الجديدة الجمع بين الكفاءة والتجربة في المترشحين يجب ألا يحرم أي مواطنة أو مواطن يتمتع بحقوقه السياسية من الترشح لأسباب سياسية. دعا رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أمس ، إلى القطيعة مع الممارسات السلبية في الانتخابات التي عرفتها الجزائر في الماضي من خلال وضع مقاييس شفافة تمنع المحاصصة في توزيع المقاعد وشراء الذمم والفصل بين المال والسياسة، وذلك في توجيهات لأعضاء اللجنة المكلفة بمراجعة نظام الانتخابات، وفق ما أورده بيان لرئاسة الجمهورية. و أوضح ذات المصدر بأن الرئيس أعطى بهذه المناسبة «توجيهات إلى أعضاء اللجنة الوطنية بشأن مهمتها,ملحا على تحديد مقاييس انتخابية شفافة تقطع نهائيا مع ممارسات الماضي السلبية بمنع المحاصصة (الكوتا) في توزيع المقاعد وشراء الذمم والفصل بين المال والسياسة، كشروط لا بد منها لأخلقة الحياة السياسية، وضمان انتخابات تعبر حقا ودون منازع عن الإرادة الشعبية، وبذلك تنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية نظيفة، ذات مستوى ومصداقية، مفتوحة للشباب لا سيما للجامعيين منهم، والمجتمع المدني». و ذكر رئيس الجمهورية بأنه «التزم أثناء الحملة الانتخابية بأن تتحمل الدولة, للراغبين من الشباب, مصاريف حملتهم الانتخابية، كي لا يقعوا فريسة للمال الفاسد أو المشبوه». وأوضح من جهة أخرى بأن «المقاييس الجديدة يجب أن تراعي, في حدود الممكن, الجمع بين الكفاءة والتجربة في المترشحين، خاصة في المدن الكبرى، كما لا ينبغي أن تحرم أي مواطنة أو مواطن يتمتع بحقوقه السياسية والمدنية من الترشح لأسباب سياسية، ضمانا لتوفير فرص متكافئة للجميع في الترشح، والرقي الاجتماعي والسياسي». توجيهات الرئيس جاءت خلال إشرافه صبيحة أمس، على تنصيب اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي حسب ما أفاد به بيان رئاسة الجمهورية. وجاء في بيان رئاسة الجمهورية، "نصب صباح اليوم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي، وتتكون اللجنة من ممثل وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية و سبعة أساتذة في القانون من جامعات الجزائر، تيزي وزو، وهران و سطيف وتلمسان و سيدي بلعباس والمركز الجامعي لتيبازة ويترأسها البروفيسور أحمد لعرابة، ويتولى فيها البروفيسور وليد العقون منصب المقرر" وتمت الإشارة إلى أن اللجنة يمكنها الاستعانة بالكفاءات العلمية وآراء الأحزاب السياسية والمجتمع المدني . وحضر مراسيم التنصيب الوزير الأول السيد عبد العزيز جراد، مدير ديوان برئاسة الجمهورية السيد نور الدين بغداد دايج، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية السيد كمال بلجود، الوزير المستشار للاتصال الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية بلعيد محند أوسعيد والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والقضائية بوعلام بوعلام . يذكر أن لعرابة كان يترأس لجنة الخبراء القانونيين التي تولت مشروع تعديل الدستور الذي حاز على موافقة نواب البرلمان، في انتظار عرضه أمام الشعب ليقول كلمته في الاستفتاء المقرر في الفاتح من نوفمبر المقبل. وأعرب أحمد لعرابة رئيس اللجنة في تصريحات للصحفيين عقب مراسم التنصيب عن شكره باسمه ونيابة عن أعضاء اللجنة للرئيس تبون على ثقته في أعضاء اللجنة. وكان رئيس الجمهورية، قد التزم بمراجعة سلسلة من القوانين حتى تتناسب مع فلسفة مشروع الدستور الجديد، وعلى رأسها القوانين المؤطرة للنظام الانتخابي، وذكر في ذات السياق أن «الوعود الانتخابية هي التزامات صادقة شرع في تجسيدها في الميدان وفق رؤية استراتيجية واضحة ورزنامة محددة تستدعي منا جميعا التحلي بالواقعية والابتعاد عن الانغماس في الجزئيات والشكليات على حساب الأمور الجوهرية ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة». وقد أكد رئيس الجمهورية، خلال اجتماع مجلس الوزراء، أن مشروع التعديل الدستوري «يوفر كل الضمانات لنزاهة الانتخابات، سواء بدسترة السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات أو بتقنين صارم للتمويل السياسي، للحفاظ على حرية الإرادة الشعبية، أو بمنح فرص متكافئة للجميع في التصويت والترشح حتى يحترم صوت الناخب ويتعزز المشهد السياسي بجيل جديد من المنتخبين». وأوضح الرئيس تبون في هذا الشأن أن «الواجب كان يقتضي تسبيق التعديل الدستوري، لأنه ليس من المعقول أن نجدد الهيئات المنتخبة بقوانين مرفوضة شعبيا»، مضيفا أن «تطبيق هذا التعديل الدستوري، إذا ما وافق عليه الشعب، يستلزم تكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة ضمن منظور الإصلاح الشامل للدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها». وشدّد الرئيس تبون، في أكثر من مناسبة على ضرورة إنهاء مشكلة التزوير التي رافقت الانتخابات في الجزائر لمدة طويلة، وقال خلال لقاء مع مسؤولي بعض الوسائل الإعلامية أن «الانتخابات أصبحت محلّ شك من الجميع وهناك حديث دائم عن التزوير والتلاعب بإرادة الناخب وشراء المقاعد، وعهد شراء المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية قد انتهى». والتزم الرئيس بتغيير قانون الانتخابات بعد تعديل الدستور، بهدف «تجريم مزاوجة المال بالسياسة والانتخابات، وخلق طبقة سياسية جديدة وسنشجع الشباب على دخول الاستحقاقات القادمة، على أن تتكفل الدولة بمصاريف الحملة الانتخابية للمترشحين». وأشار الرئيس إلى أنه يطمح من خلال قانون الانتخابات إلى ضخ دماء جديدة على مستوى السلطات المحلية،خاصة وأن الشباب اليوم يمثل 75 بالمائة من المجتمع الجزائري وهم يمثلون أقل من الثلث في المناصب الانتخابية. وكشف وزير العدل، خلال جلسة مناقشة مشروع الدستور، أنه بعد المصادقة عليه ستفتح ورشات على مستوى كل القطاعات الوزارية لإعادة النظر في مجمل النصوص على رأسها «القوانين العضوية المتعلقة بالأحزاب السياسية والانتخابات» التي يجب أن تكون موافقة للدستور الجديد إلى جانب القوانين الأخرى.