أكد وزير الشؤون الخارجية، السيد صبري بوقدوم، أول أمس، أن احتضان مدينة كيدال في شمال مالي لأول مرة لأشغال الدورة ال42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، "حدث غير مسبوق ومؤشر هام، من شأنه اعطاء دفع قوي لهذا المسار" الذي ترعاه الجزائر. وشكلت الدورة فرصة لتجديد التأكيد على رغبة الماليين في المضي قدما في تنفيذ الاتفاق بصفته الإطار الوحيد الكفيل بإعادة استتباب الأمن والاستقرار وتحقيق السلام في بلادهم، حيث اعتبر مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي المنتهية عهدته، إسماعيل شرقي، في تغريدة عبر صفحته على تويتر، أن انعقاد الاجتماع بكيدال "يمثل تقدما ملحوظا في إعادة تأكيد تمسك كافة الماليين بتحقيق السلام في ظل وحدة وسلامة أراضي بلدهم". وخلال الاجتماع الذي ترأسه وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم، تعهد وزير المصالحة المالي إسماعيل واغي بالتزام السلطات الانتقالية بالعمل على الإسراع في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، مضيفا أن انعقاد هذا الاجتماع لأول مرة في مدينة (كيدال) بشمال مالي، "بادرة أمل" لتحقيق السلم والمصالحة في البلاد. عملية جديدة لنزع السلاح ودمج المقاتلين السابقين وفي هذا الإطار، أعلن الوزير المالي عن عملية جديدة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج التي سيتبعها دمج عدة مئات من المقاتلين السابقين، مشيرا إلى أن أكثر من 400 مقاتل سابق من مناطق شمال مالي "يتدربون حاليا ليتم دمجهم في القوات المسلحة المالية المعاد تشكيلها عندما يحين الوقت". وقالت مبارانغا غازارابوي، الممثلة الخاصة بالانابة للأمين العام للأمم المتحدة في مالي، أن الاجتماع شكل أيضا فرصة للتأكيد على ضرورة التزاوج بين السلام والأمن وعودة خدمات الدولة والتنمية والخدمات الاجتماعية الأساسية (المياه والتعليم والصحة) والإنسانية وحقوق الإنسان والعدالة والوحدة والمصالحة. كما تم التطرق إلى ضرورة عودة الخدمات الاجتماعية الأساسية إلى مدينة كيدال، الغارقة في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي والتي تفتقر لمياه الشرب، فضلا عن غياب مرافق رعاية صحية.وقد لاقى انعقاد أشغال هذه الدورة في مدينة كيدال، ترحيبا كبيرا من قبل الأطراف الراعية لاتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر وشركاء دولة مالي، كونه يعد خطوة إيجابية نحو إرساء السلام. وثمن المشاركون في هذا الاجتماع، الجهود المبذولة من قبل السلطة الانتقالية في مالي من أجل المضي قدما في تنفيذ الاتفاق السلم والمصالحة، كما سبق وأن التزمت به فور تسلمها السلطة في البلاد. ويحظى اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر والموقع في الفاتح مارس من عام 2015 بين الحكومة المالية والجماعات السياسية والعسكرية المالية، بعد وساطة دولية قادتها الجزائر، باهتمام كبير من قبل المسؤولين في ماليوالجزائر على حد سواء، فضلا عن المجتمع الدولي كونه يعد "خيارا استراتيجيا لاستقرار مالي و استقرار المنطقة ككل". وكان رئيس الدبلوماسية الجزائرية، قد دعا خلال أشغال لجنة متابعة الاتفاق في دورتها ال(41) التي انعقدت بباماكو في 16 نوفمبر الماضي، كافة الأطراف الموقعة على الاتفاق إلى "وضع خارطة طريق جديدة لتنفيذه تماشيا مع أهداف المرحلة الانتقالية وجدولها الزمني". وكان رئيس وزراء مالي مختار وأن، قد أعلن خلال الدورة السابقة للجنة المتابعة عن أربعة محاور كبرى ذات أولوية للحكومة الانتقالية بهذا الخصوص وهي تنشيط عملية نزع السلاح وتسريع إعادة الاندماج وتسريع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية. ودعم إجراءات التنمية وإعادة بعث النشاطات الخاصة بالمصالحة الوطنية في البلاد.ويؤكد الماليون أنفسهم "انجاز الكثير" في مجال تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة الوطنية في مالي بفضل المرافقة الدائمة للوساطة الدولية التي تقودها الجزائر، عبر لجنة متابعة تطبيق الاتفاق "التي لم تدخر جهدا للحفاظ على توازن هذا المسار". من جهة أخرى، كانت للوزير بوقدوم قبل ترؤسه دورة لجنة المتابعة، سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين في هذا البلد، تمحورت حول العلاقات الثنائية و سبل تطويرها، إلى جانب مسألة تسريع تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي التي ترافقها وتدعمها الجزائر.وحظي رئيس الدبلوماسية الجزائرية الذي قام بزيارة تعد الثالثة من نوعها منذ التغييرات السياسية التي طرأت في مالي شهر اوت من العام المنصرم، بلقاء مع الرئيس المالي باه نداو، حيث أوضح في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع "تويتر"، أن هذه المقابلة "شكلت فرصة للتطرق للعلاقات الثنائية وآفاق تعزيزها وكذا السبل الكفيلة بتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر". وكتب في نفس التغريدة أنه أجرى محادثات مع كل من نائب رئيس الدولة المالي، العقيد عاصمي غوتا ومع نظيره السيد زيني مولاي وكذا مع وزير المصالحة الوطنية العقيد اسماعيل واغي، تناولت مناقشة العلاقات الثنائية وكيفية الدفع قدما بعملية السلم والمصالحة الوطنية في مالي. كما أعلن بوقدوم عن تنقله إلى مدينة "غاو" شمال مالي وقال في تغريدته "وصلت للتو إلى غاو حيث استذكرت زملاءنا شهداء الواجب القنصل العام بوعلام السايس ونائبه طاهر تواتي رحمهم الله وطيب ثراهم"، مضيفا بالقول "ستبقى ذكراهم خالدة في قلوبنا لم ولن ننسى". كما حضر الوزير في إطار برنامج الزيارة إلى هذا البلد الجار، مراسم التوقيع على مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة مع معهد حفظ السلم في مالي. استقرار مالي دعم للأمن الاستراتيجي للجزائر وتعتبر الجزائر استقرار مالي "دعما لأمنها الاستراتيجي والقومي، ركيزته اتفاق السلم والمصالحة الوطنية المنبثق عن مسار الجزائر"، كما أكد على ذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي شدد على أن الاتفاق "هو الحل الأمثل والدائم لإنهاء الخلاف بين الفرقاء الماليين الأشقاء". من جهته، كان الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، قد شدد في تقريره الأخير حول مالي الصادر في 28 ديسمبر المنصرم ، على أن تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر "يتطلب اهتماما ودعما لتأمينه، لافتا إلى أنه و"لأول مرة منذ توقيع الاتفاق عام 2015، أصبحت الحركات الموقعة ممثلة في الحكومة، مما يتيح فرصة للتعاون وإيجاد الحلول العملية للتغلب على الخلافات واتخاذ قرارات جريئة للنهوض بعملية السلام لما فيه مصلحة للبلاد".