خرج آلاف من سكان مدينة "فنيدق" في شمال المغرب، أول أمس، وللأسبوع الثاني على التوالي في احتجاجات ضد الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي الذي يتخبطون فيه، والذي زاده تدهورا إغلاق المعبر الرابط بين هذه المدينة ومدينة سبتة التابعة للسيادة الإسبانية. ويعاني سكان المدينة، التي يعتمد اقتصادها بنسبة كبيرة على أنشطة "التهريب المعيشي" عبر نقل السلع من سبتة وبيعها داخل المغرب، أزمة اقتصادية واجتماعية زادت حدتها مع قرار الرباط إغلاق معبر مدينة سبتة نهائيا شهر ديسمبر الماضي. وردد المتظاهرون شعارات مطالبة بتحسين وضعهم الاجتماعي وتوفير بدائل لما سموه "التهريب المعيشي"، كما طالبوا السلطات بالإفراج عن أربعة معتقلين على خلفية الاحتجاجات بالمدينة الجمعة ما قبل الماضي. وبينما أظهرت مقاطع فيديوهات مواطنين من جميع الفئات العمرية وحتى أطفال شاركوا في المظاهرة الغاضبة، نقلت مصادر إعلامية محلية عن متظاهرين مطالبتهم بفتح معبر سبتة "مادام أهل المدينة مقصيين ومهمّشين من قبل سلطات المملكة"، حيث قال أحد أبناء المدينة "هذا المعبر تعيش منه أمة". وأظهرت شهادات أخرى الوضع الكارثي الذي يعيشه المواطنون بهذه المنطقة بلغت حد عدم قدرة الكثير منهم "تحصيل مبلغ الأكل والدواء"، في وقت عنوّنت فيديوهات بثت على "يوتوب" تقاريرها ب"من قلب مدينة الفنيدق.. الساكنة على عتبة الفقر والعوز". ويبلغ عدد العاملين الذين توقف نشاطهم بمعبر باب سبتة منذ نحو سنتين، حوالي 4 ألاف شخص بحسب إحصائيات لمنظمات حقوقية، يعتبرون معيلين لمئات الأسر التي يقدر عدد أفرادها بالآلاف داخل مدينة الفنيدق ومناطق مجاورة لها تأثرت هي الأخرى بتبعات قرار غلق المعبر. وكانت "جمعة الغضب" الأولى بالفنيدق عرفت تدخل قوات الأمن المغربية واستخدامها للعنف لفض المظاهرات وتفريق المحتجين وتنفيذ اعتقالات في صفوف المتظاهرين بالمدينة لم يتم تحديد عددهم حتى الآن. ويضاف إلى انتفاضة سكان الفنيدق دخول ناصر الزفزافي زعيم حراك منطقة الريف المغربي والناشط محمد جلول مجددا في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من يوم الجمعة للمطالبة بوضع حد للتضييق الذي يتعرضان له وتنديدا بسياسات إدارة السجون وتقديمها لوعود عند كل إضراب عن الطعام وعدم تنفيذها بمجرد انتهاء الخطوة الاحتجاجية. ويأتي هذا الإضراب وفق ما كشفه أحمد الزفزافي والد زعيم الحراك في بث مباشر على حسابه بفايسبوك "للمطالبة بوضع حد للتضييق على مواقفهما وآرائهما". وقال أحمد الزفزافي، إن الإضراب المفتوح يأتي كذلك احتجاجا على عدم وفاء إدارة السجون بالوعود التي قدمت له وللمعتقلين في كل مرة يخوضون فيها إضرابا عن الطعام. وأضاف أن ابنه ناصر ومنذ كان معتقلا بسجن عكاشة بالبيضاء وهو يقدم الشكاوى والوثائق وأن هذه الأخيرة لم تصل إلى الجهة المعنية، متهما مديري السجون بالوقوف وراء ذلك بأوامر من مندوب السجون. وكانت عائلات معتقلي حراك الريف بالمغرب حذرت مؤخرا من استمرار اعتقال أبنائها "الذين لم يرتكبوا جريمة يحاسبون عليها، بل خرجوا للمطالبة بحقوق بسيطة وشرعية تضمنها التشريعات الدولية". وطالبت العائلات بإطلاق سراح أبنائها الذين يجهل مكان تحويل بعضهم من سجن "طنجة2 " إلى سجون متفرقة تبعد عن تلك التي أعلن عنها لمسافات كبيرة عن مقر سكنى ذويهم. ودخل محمود بوهنوش البالغ 21 سنة أصغر معتقل ضمن معتقلي "حراك الريف" يومه ال11 من إضرابه المفتوح عن الطعام والذي بدأه منذ الثالث من فيفري الجاري وسط دعوات للمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لإنقاذ حياته، خاصة وأن أحمد الزفزافي أكد على أن بوهنوش "يموت ببطء بجن سلوان". ويمضي بوهنوش عقوبته بالسجن لمدة 15 سنة بمعتقل "سلوان" بالناظور، ودخل في معركة الأمعاء الفارغة منذ الثالث فيفري الجاري احتجاجا على ظروف اعتقاله. وكان المعتقل السابق، جواد الصابري، قد كشف أن بوهنوش أخبره في اتصال هاتفي معه أنه "يعاني من آلام فظيعة على مستوى ظهره وكليتيه بسبب عدم شربه للماء وأن وضعه الصحي يتفاقم يوما بعد يوم". وأكد الصابري في تدوينة على حسابه ب"فيبسوك" أن وضع أصغر معتقلي "حراك الريف" داخل السجن، "كارثي بكل المقاييس". وأضاف أن الأسير أكد له "تعرضه للتضييق والحصار من جميع الجهات وبشتى الأساليب من أجل دفعه للتراجع عن مواقفه.