عازفة الإمزاد حميدو تنفانة، مشهورة بمنطقة الأهقار، وتُحسب من النساء اللائي انخرطن في مساعي حماية التراث الغنائي التارقي الأصيل، والتي تصر على العمل من أجل استدامة هذا الرصيد الفني من تراث "إموهاغ"؛ حيث اختارت هذه العازفة وهي في العقد الثالث من ربيع عمرها، هذا الفن الأصيل؛ إيمانا منها بأنه جزء من مكونات الثقافة المحلية، وأحد روافد التراث الثقافي الوطني عموما، وهي تعمل بدون كلل، على تشجيع وحث الفتيات التارقيات على تعلّم العزف على الإمزاد. استقت تنفانة عشقها الكبير لفن الإمزاد من والدتها التي كانت، بدورها، تعمل على حماية هذا التراث الشفهي غير المادي الأصيل، وهو ما يعكس الدور الكبير للمرأة في المجتمع التارقي في تقوية أسس الانتماء الثقافي. وترى أنه قبل نحو عقدين كان العزف على آلة الإمزاد مهددا بالزوال؛ حيث غاب العزف عليه في صحراء تمنراست باستثناء بعض العازفات القلائل الطاعنات في السن، اللائي اشتهرن بحماية هذا التراث الغنائي الأصيل". غير أن تأسيس جمعية "أنقذوا الإمزاد" سنة 2003، منحها فرصة كبيرة للمساهمة في إحياء هذا الفن الغنائي، حيث التحقت بهذه الجمعية رفقة كوكبة من الفتيات آنذاك، بغرض تعلم الإمزاد الذي يشمل أغاني بكلمات محلية، والعزف الموسيقي الخاص بقبائل الطوارق. وترى العازفة تنفانة أن الإمزاد قد تجاوز خطر الاندثار، حيث يصل عدد العازفات حاليا، إلى زهاء 60 عازفة عبر مختلف مناطق ولاية تمنراست. وذكرت العازفة تنفانة أن آلة الإمزاد التي تشبه الكمان أو الرباب وحيد الوتر وهي الآلة التي لا تعزف عليها سوى النساء الطوارق قد استعادت مكانتها ضمن التراث الغنائي في منطقة الأهقار بعد أن كانت مهددة بالزوال لقلة العازفات، وعودة الاهتمام بها لتواصل نشر ألحانها عبر أرجاء الصحراء الواسعة بتمنراست؛ مما ساهم في ترقيتها واحتلالها مكانة عالمية؛ حيث صُنفت موسيقى الإمزاد تراثا غير مادي عالميا إنسانيا في ديسمبر 2013. ويعود الفضل في هذا التصنيف العالمي للإمزاد - كما تقول - للدور الكبير الذي قامت به المرأة في الأهقار؛ من خلال التزامها الجاد وانخراطها في جهود المحافظة على التراث الغنائي المحلي، الذي يجعل المرأة في المنطقة، الحاضنة الفعلية للثقافة الأصيلة. وبغرض استدامة هذا الطابع الغنائي الأصيل، تعمل هذه العازفة التي يمتلكها هوس كبير بهذا التراث التارقي، على نقله إلى الأجيال الناشئة؛ حيث تقوم بتعليم العزف على آلة الإمزاد، وتغمرها قناعة كبيرة - مثلما أكدت - بأنها معنية بالمحافظة على تراث الأسلاف. واقتحمت هذه العازفة الشابة، عالم الشعر من خلال كتابة ما لا يقل عن عشر قصائد بالتارقية في مجالات مختلفة، تعتمد عليها في إعداد وصلات الإمزاد، التي تُعزف بالتزامن مع إلقاء قصائد شعرية. وقالت بالمناسبة: "على المرأة أن تواصل مساهمتها في جهود المحافظة على الرصيد التراثي للمنطقة"، الذي اعتبرته بمثابة "صمام أمان" ليس للمجتمع المحلي فحسب، بل للثقافة الوطنية، عموما، بكافة تنوعاتها.