لا تزال المفارغ العشوائية الكبرى، أو النقاط السوداء التي تظهر بين الفينة والأخرى، تشوه البيئة وتشكل مصدر إزعاج للمناطق القريبة منها، خاصة خلال الفترة الصيفية، التي تشب فيها الحرائق الخطيرة، بسبب الغازات سريعة الالتهاب الموجودة في تلك المفارغ، والزجاج الذي يرمى بطرق عشوائية، فضلا عن انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة، نتيجة الرمي العشوائي وعدم تنفيذ قرارات غلق المفارغ العشوائية، ورمي المزيد من النفايات من قبل المواطنين أو أصحاب المؤسسات والمصانع، حيث اتخذت السلطات عدة إجراءات للقضاء على هذه البؤر، واستبدالها بتقنية الرسكلة والتدوير والردم، مع تحويل النفايات الخضراء إلى أسمدة، وتدابير أخرى كثيرة، تقوم بتنفيذها الوكالة الوطنية للنفايات، التي أطلقت عدة مشاريع في هذا الصدد، في إطار خريطة وطنية متكاملة. شهد قطاع البيئة في الجزائر، إصدار عدة قوانين ومراسيم تنظيمية، وتوفير مختلف التقنيات والتجهيزات الحديثة، واستحداث عدة منشآت لتنظيم وتسيير النفايات، بالإضافة إلى إصدار أول تقرير وطني لتسيير النفايات، الذي يشكل خريطة طريق، ومرجعا من حيث المعطيات والمعلومات التي يمكن الاعتماد عليها في جوانب عديدة، منها القضاء على المفارغ العشوائية التي انتشرت بفعل تمادي بعض المواطنين وأصحاب الورشات والمصانع، في رمي نفاياتهم بشكل عشوائي على حواف الطرقات وفي الغابات والأماكن المعزولة المجاورة للتجمعات السكانية، دون الأخذ بعين الاعتبار، الانعكاسات السلبية لهذه المفارغ التي تهدد السكان والنظام البيئي، حيث تكمن خطورة هذه الأخيرة، في الرواسب السائلة والغازية الناتجة عن تفكك النفايات التي تتكون منها هذه المكبات، والتي يتم تصريفها مباشرة وبدون حماية في الطبيعة. 900 مفرغة عشوائية عبر 17 ولاية في هذا الصدد، أوضح روابح شكيب، رئيس قسم القضاء على المفارغ العشوائية، بالوكالة الوطنية للنفايات ل"المساء"، أن وزارة البيئة أطلقت استراتيجية لإغلاق وإعادة تأهيل جميع المواقع المحتوية على مكبات غير قانونية، بحلول عام 2024، وقد شرعت الوكالة الوطنية للنفايات بتنفيذها، من خلال إطلاق برنامج لتحديد الموقع الجغرافي لجميع المكبات غير القانونية على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن هذا البرنامج، سيمكن من إظهار جميع البيانات التقنية (الإحداثيات الجغرافية، ومساحة السطح، وحجم النفايات المحتواة، بالإضافة إلى التأثير المباشر لمدافن النفايات على البيئة والصحة العمومية). كشف في هذا الصدد، أن برنامج إحصاء المفارغ العشوائية، سيتم استخدامه لتطوير خريطة وطنية للمفارغ العشوائية في الجزائر، بعد الحصول على المعلومات الخاصة بكل ولاية، حيث تم إلى حد الآن، إجراء إحصاء ل17 ولاية، كشفت عن وجود 874 مفرغة عشوائية. مفرغة الكرمة بوهران تستحوذ على 85 هكتارا حسب المتحدث، فإن العملية انطلقت في المرحلة الأولى بالولايات الساحلية، التي مكنت من تحديد هذا الكم الكبير من المفارغ عبر 17 ولاية، أكبرهم تلك الواقعة بمنطقة الكرمة في ولاية وهران، تتربع على مساحة 85 هكتارا، وكانت تحتوي على 6 ملايين متر مكعب من النفايات، قبل الشروع في إعادة تهيئتها والقضاء عليها، وتحويلها إلى منتزه لفائدة سكان المنطقة، حيث تم الانتهاء من الشطر الأول من الأشغال، في انتظار استلامها نهاية السنة المقبلة، مشيرا إلى أن تكلفة القضاء على مفرغة عشوائية تفوق بكثير تكلفة إنجاز مركز ردم تقني، وخير دليل على ذلك، مفرغة وادي السمار، فضلا عن مفارغ أخرى ومشاريع في إطار الصندوق الوطني للبيئة والساحل، وأخرى تجري الأشغال للقضاء عليها، منها اثنتين بالمدية، واحدة ببرج بوعريريج، سطيف، مستغانم، و2 بولاية ميلة تم القضاء عليهما، وكذا في بجاية، فضلا عن مشاريع أخرى مبرمجة بالشلف، عين تيموشنت، بلعباس، عين الدفلى، قالمة، باتنة، سكيكدة وقسنطينة، وبالجنوب؛ منها أدرار وبشار. تمر مرحلة القضاء على مفرغة عشوائية بعدة مراحل، حيث قبل الشروع في دراسة إعادة تأهيل الموقع، يتم التعرف على التأثير والخطر الذي يمثله هذا المكان، فيما يتعلق بالبيئة المحيطة، من خلال إجراء تحقيق في الموقع، من قبل إطارات الوكالة الوطنية للنفايات، من أجل تحديد الأماكن الحساسة التي قد تتأثر بمكب النفايات، على غرار المنازل، المياه السطحية والجوفية، الحقول الزراعية، البحر والغابات، وتحديد كمية النفايات السائلة، من أجل دراسة معمقة لمعالجتها والتخلص منها، حيث هناك العديد من مشاريع إعادة التأهيل لمواقع المفارغ العشوائية في جميع أنحاء التراب الوطني، بما في ذلك وادي السمار بالعاصمة، والكرمة بوهران، وعنابة، وتيارت، وسكيكدة والعديد من المشاريع الأخرى الجارية والمكتملة. 410 طن من النفايات الخطيرة تلقى في المفارغ أكد روابح شكيب، رئيس قسم المفارغ العشوائية، على خطر النفايات، في حالة عدم إزالتها والقضاء عليها، خاصة أن الأرقام التي كشفت عنها عملية الإحصاء كبيرة، حيث بلغت النفايات الخطيرة وحدها 410 طن سنويا، مما يستدعي إزالتها والتخلص منها ومعالجتها بعدة طرق تقنية. صنفت الوكالة الوطنية للنفايات إلى ثلاثة أنواع، تتمثل في النفايات الخطيرة، المنزلية والهامدة، وتشكل خطرا على البيئة والصحة العمومية، من خلال التأثير على المياه السطحية والجوفية، فضلا عن التأثير البصري، خاصة تلك الواقعة بالقرب من التجمعات السكنية، وإمكانية إحداث انجراف للتربة، والحرائق التي تسببها الغازات المنبعثة من النفايات، حيث يتم رمي كل أنواع النفايات، بما فيها النفايات الخطيرة، كنفايات المستشفيات والمذابح التي تشكل خطرا على الإنسان، الحيوان والبيئة، بعد اختلاطها مع عوامل خارجية، والتي تنتج غازات حيوية وعصارات النفايات. بلغة الأقام، كشف أول تقرير وطني حول تسيير النفايات لسنة 2020، الذي تسلمت "المساء" نسخة منه، أن تركيبة النفايات تتمثل في النفايات الخاصة التي بلغت 295 طن سنويا، مقابل 410 طن سنويا من النفايات الخطيرة، في حين تختلف تركيبة النفايات المنزلية التي تم جمعها، حسب نفس المصدر، حيث تتكون من 53.61 بالمئة من المواد العضوية، 15.31 بالمئة بلاستيك، 11.76 بالمئة حفاظات، 6.76 بالمئة ورق وكرتون، 4.52 بالمئة قماش، 1.72 بالمئة معادن، 1.5 بالمئة مواد معقدة ومركبة و1.7 مواد خطيرة، كما تم في هذا الصدد، إحصاء 30 مفرغة للنفايات الهامدة، مقابل وجود 27 مركز مفرغة للنفايات الهامدة في طور التشغيل، ومركزين جاهزين وغير مشغلين، وواحد مغلق. يتم تصنيف النفايات، حسب درجة خطورتها، على غرار مفرغة وادي السمار التي صنفت في النوع الأول وهو "ا" الخطير، والمفارغ متوسطة الخطورة الواقعة في مناطق بعيدة عن الأحياء، غير أن عملية القضاء على المفارغ تواجه عراقيل في الميدان، على غرار عدم تطبيق قرار الغلق والتوقيف عن كب النفايات، التفريغ المتواصل للمواطنين وعدم توقفهم على وضع المزيد من القمامة في المفرغة، رغم انطلاق أشغال إعادة تأهيلها والقضاء عليها وصعوبة الأرضية، خاصة عند سقوط الأمطار. حسب رئيس قسم المفارغ العشوائية، فإن التخلص من النفايات تتم بعدة طرق، منها معالجة المخلفات السائلة، أو عصارة النفايات، وهي العصارة ، أو عصير المفرغات المتمثلة في سائل سام جدا للبيئة وصحة الإنسان، والتي تخضع للمعالجة البيولوجية أو المعالجة الكيميائية، ويتم اختيار العلاج وفقًا للموقع الجغرافي والظروف المناخية والبيئة المستقبلة والمساحة المتوفرة في الموقع.. إلخ، أو العلاج بالتبخير، وهي أكثر طرق المعالجة انتشارا في الجزائر، حيث يوجد 336 حوضا على مستوى المراكز القائمة. غير أن الوكالة الوطنية للنفايات، وخلال إجرائها تقييما لحالة أكثر من 50 مرفقا لمعالجة النفايات، بين مراكز الردم التقني والمفارغ المراقبة، سجلت عدة نقائص تقنية وإدارية منها، مثلما أشار أول تقرير أعدته، التشبع المبكر للحفر الردم، تلوث التربة والمياه الجوفية بتدفق وتسرب عصارة النفايات خارج الخنادق وأحواض التخزين، تلوث الهواء بالغاز الحيوي الناتج عن التحلل اللاهوائي للمواد العضوية، استغلال غير موافق لمعايير إدارة مراكز الردم التقنية، وهي نقائص ناتجة، إما عن أخطاء في التصميم أو الإنجاز أو مرحلة الاستغلال. طالع أيضا/ * العملية تتوج بتقرير وطني.. انطلاق الحملة الصيفية للتقييم الكمي للنفايات * تحول إلى أسمدة عضوية ومواد طاقوية.. مشاريع استثمارية واعدة لتثمين النفايات