يحيي اللبنانيون غدا، الذكرى الأولى لواحدة من أفظع الحوادث الدامية والمدمرة التي عصفت ببلادهم يوم الرابع أوت من العام الماضي، على اثر الانفجار الذي هز مرفأ بيروت مخلّفا مقتل 214 شخص واصابة الآلاف الاخرين، وخسائر مادية لا تزال تداعياتها قائمة وزادت في تفاقم وضع كارثي بلغ حد الانهيار على جميع المستويات. فبعد مرور عام لم يضمد اللبنانيون جراحهم منتظرين نتائج التحقيق الذي بادرت به السلطات اللبنانية لمعرفة أسباب الانفجار والمسؤولين عنه لمحاكمتهم. ولا يزال الغموض سيد الموقف حول بقاء 2750 طن من مادة "نترات الأمونيوم" السريعة الانفجار مخزنة في الميناء دون أدنى مراعاة لإجراءات السلامة مما تسبب في انفجارها. وهو ما جعل الرأي العام اللبناني يندد بتعطيل مجرى التحقيق لمعرفة من المتسبب في الانفجار، ولماذا تركت هذه المادة الخطيرة مخزنة في المرفأ طيلة سنوات رغم ما تشكله من مخاطر ورغم علم السلطات الأمنية والسياسية بخطرها المحدق. وكلها أسئلة لا تزال دون اجابة الى درجة دفعت البعض الى التشكيك في أن العدالة لن تتحقق أبدا في هذه القضية، في ظل اصطدام قاضي التحقيق طارق بيطار الذي يسعى إلى توجيه الاتهام إلى عدد من الوزراء السابقين وكبار المسؤولين، بورقة الحصانة التي يتمتع بها هؤلاء الذين لا يزالون يتولون مسؤوليات عليا على المستويين السياسي والأمني. ورغم ذلك يواصل القاضي بيطار، مساعيه على أمل معرفة الذي حدث بالتحديد في ذلك اليوم الأسود، الى درجة أنه طلب المساعدة من بعض القوى الغربية على غرار فرنسا لمنحه مسحا للصور عبر الأقمار الصناعية. وحسب خبراء فإن غياب مثل هذه الصور يمنع أيضا من معرفة ما إذا كانت كميات محددة من "نترات الأمونيوم" قد سرقت سرا من المستودع الذي كانت مخزنة فيه خلال السنوات الأخيرة، خاصة وأن هؤلاء يقولون إنه وبالنظر لحجم الانفجار، فإن كمية نترات الأمونيوم المخزنة في الميناء يجب أن تنحصر على بضع مئات من الأطنان وليس 2750 طن كما تم الإعلان عنه في البداية. ويبدو أن متاعب لبنان مستمرة في ظل فشل الطبقة السياسية طيلة عام كامل، أيضا من تشكيل حكومة تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني الذي أكدت عدة تقارير مؤخرا أن أكثر من نصفه أصبحوا يعيشون تحت عتبة الفقر في ظل السقوط الحر لقيمة الليرة أمام الدولار والارتفاع الجنوني للأسعار وغلاء المعيشة، ناهيك عن أزمات انقطاع التيار الكهربائي وندرة المواد واسعة الاستهلاك وتفشي البطالة وغيرها من المشاكل. فعشية هذه الذكرى خرج رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ليعلن للبنانيين بأنه لا يمكن تشكيل حكومة قبل حلول الرابع أوت، كما كان يأمل في ذلك وكما سبق ووعد لدى تعيينه من قبل الرئيس ميشال عون، خلفا لسعد الحريري، الذي رمى المنشفة بعد فشله في هذه المهمة ومن قبله مصطفى أديب. ولكن ميقاتي، الذي يكون هو الآخر قد وقع في فخ التجاذبات والصراعات السياسية، أبدى إرادة قوية في تشكيل حكومة في وقت محدود، بما يجعله في مواجهة تحدي كبير حظوظ نجاحه تبقى قليلة في ظل استمرار نفس المؤشرات والمعطيات.