عجيب أمر الأمراض الفتاكة التي صارت تظهر في العالم بين الحين والآخر، فمن أنفلونزا الطيور إلى جنون البقر وأخيراً أنفلونزا الخنازير.. والقائمة مفتوحة.. وإذا استقرأنا التاريخ فإننا نجد إيطاليا الدولة الأولى التي اكتشف بها أولى حالات أنفلونزا الطيور منذ قرن من الزمن، ثم ظهور مرض جنون البقر في بلاد "العم سام" وبالتحديد في المملكة المتحدة خلال الثمانينيات.. وفي هذه الأيام طالعتنا مختلف وسائل الإعلام بأنفلونزا الخنازير التي أهلكت قرابة المائة شخص بالمكسيك في أول ظهور لها، ومَن يدري، فقد يأتي اليوم الذي يظهر فيه جنون القطط، وزكام الأحصنة وسعال البط.. وغيرها. عجيب أمر هذا العالم الذي كثرت فيه الأمراض الغريبة والطريفة والتي لم تكن معروفة في سالف الأجيال والعصور، فقد صارت هاجس من لا هاجس له، ومادة إعلامية خصبة، وصفقة مربحة لمخابر الدواء التي تعيش على مثل هذه التحديات الجديدة. إن المختصين الذين شخّصوا الوباء الجديد قالوا أنه خليط من الأمراض السابقة، وهو ما يجعل كبرى الشركات العالمية تتهيأ لصناعة المضادات - إن لم تكن أوجدتْ اللقاح منذ مدة- وتكون بذلك صفقة مربحة، تشبه إلى حد كبير تلك "الفيروسات المصنّعة" التي تهاجم أجهزة الحاسوب عبر الأنترنت، ومن ورائها تجار المضادات. وقد يتساءل أحدنا ما بال الخنازير المختبئة وسط الأحراش والأدغال تصاب بمرض أصبح مصدر خوف للإنسان أكثر من الحيوان، وقد يكون هذا الوباء سبب كساد تجارة لحوم الخنازير التي يكثر رواجها بالدول الغربية.