أكدت حياة بركوكي، مرشدة أسرية، مستشارة تدريب احترافي في التنمية الذكائية والتواصلية مع الطفل، باحثة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، في تصريح ل"المساء"، أن فترة "كورونا" استنزفت راحة وتركيز الأولياء، مما شكل إرهاقا شديدا وخوفا زاد مع الدخول الدراسي، بالنظر للتحديات التي قد تواجه التلميذ والأولياء على حد سواء، من أجل العودة إلى أجواء التعلم وتحقيق نتائج مرضية. في هذا السياق، قدمت الأخصائية جملة من التوجيهات، التي من شأنها المساهمة في تسهيل مشوار الصغار وتخفيف عبء الكبار، ومنها: تجنب نقل المشاعر السلبية للأبناء عرضت المختصة عبر "المساء"، جملة من النصائح القيمة التي يمكن اعتمادها، للمرور إلى بر الأمان، في ظل الوضع الراهن والصعب من كل النواحي، حيث أشارت في حديثها، إلى أنه في البداية، من المهم جدا أن يدرك الآباء أن مشاعر أبنائهم ستتكون انطلاقا منهم، لذلك لابد أن يكونوا جد حريصين في تجنب نقل المشاعر السلبية لهم، جراء وضع "كورونا"، خاصة خلال هذه الفترة، لعدم نقل شعور الإرهاق والخوف إلى الطفل، سواء بالأقوال أو السلوكيات، إذ يمكن تقديم الوعي والتوجيه والإرشاد دون تخويفهم، مع التقليل من الصراخ قدر المستطاع، وإكثار الكلمات الإيجابية المشجعة، مع خلق جو جديد، مثل "استعمال أدوات مدرسية في صنع أفكار جديدة، وترك المجال دوما للطفل كي يبدع ويساهم بأفكاره، مع الابتعاد عن تحسيس الطفل بأنه في دائرة محاصرة، وكثرة الأوامر، لأنه بناء عليه، يتعرض لضغط أكبر من حجمه ولا يستطيع استيعابه". أوضحت الاستشارية، أن الدخول في حديث متواصل مع الطفل، ومناقشته في أهدافه وأحلامه، يساعده على بناء مخيلته وتشغيلها، كما يجب تخصيص وقت للتحاور والمرح مع الأطفال، والتواصل الذكي معهم، حتى يكتسبوا ويشعروا بالأمان والاطمئنان، المساعدين على تثبيت روح النشاط فيه، والاستعداد بتفاؤل، ضرورة. أمور مساعدة على التخفيف والتشجيع عرضت المختصة بركوكي النقاط التالية، التي من شأنها المساهمة بقوة في تشجيع الأبناء، وهي على النحو الآتي: - مصاحبة الأطفال في تأدية واجباتهم الدينية، لأنها تسهل الواجبات الدنيوية، وبهذا يعتاد الطفل على تأدية الواجب، ونأخذ كمثال، جعل الطفل يصلي صلاة الفجر في وقتها، ويداوم عليها، مع قراءة القرآن بعد الصلاة. - إشغال الطفل بألعاب يدوية، ومن الأفضل أن تكون من صنعهم، بمشاركة الآباء، حتى ينشطوا ذكاءهم وينموا عندهم التفكير الإيجابي. - تغيير أسلوب التعامل معهم عند مراجعتهم للدروس، ويفضل لو تعتمد الطريقة على تبادل الأدوار بين الآباء والطفل، كأن يأخذ الطفل تارة دور المعلم، حتى يشعر أنه ينجز وأنه يملك ثقة في النفس، وهذا ينمي في داخله الرغبة في الوصول إلى مرتبة معلمه، ويزيد فيه حب التعلم والشغف. - حرمان الأطفال من جولاتهم المعتادة أو السفر أو البحر في الأيام العادية، يمكن أن يعوض، عن طريقة تحويل الفكرة لدى الطفل إلى تشجيعات، بأنه ستكون في المستقبل فرص كبيرة وجولات مضاعفة، كتحفيز وليس كوعود، مقابل النجاح، لأن على الطفل أن يشعر منذ الصغر بأن له مسؤولية إفراح نفسه بنفسه وإنجاحها، وبهذا سيدرك لاحقا أن الوالدين يساعدانه، ولا يقومان بعمله الدراسي، ويفهم من هذا أنه سينجح لنفسه، وليس لأنه تلقى وعودا أو تحذيرا أو مقابلا. - تنظيم أوقات الدراسة. - تقليل الحديث عن "كورونا" والإصابات والموتى، وخلق جو إيجابي يتماشى مع صحة الطفل وسلامته، حتى لا يبقى مركزا على الأحداث السلبية. - الإجابة على كل أسئلة الطفل بمرونة وتقبل ما يقوله، فهو أيضا لديه الكثير من التساؤلات، جراء هذه الجائحة، ولديه فضول للمعرفة. الحرص على إخراج الأبناء من دائرة المشاكل الزوجية نصحت المختصة بركوكي، الآباء، بمتابعة الأبناء في كل كبيرة وصغيرة، وعدم عزلهم في الغرف وعدم مراقبتهم مع عدم زجهم في المشاكل المتعلقة بعلاقة الآباء، وحلها بهدوء، حيث تقول: "على الآباء التحكم في ردات أفعالهم، خاصة أمام أبنائهم، عند معالجة المشاكل الزوجية والأسرية، بعيدا عن أذانهم، لتجنب أي إصابات نفسية قد تؤدي بالطفل لاحقا إلى ما لا يحمد عقباه، مع تعقيدات نفسية يطول علاجها، وقد يصعب. من الجيد إخراج الطفل بين فترة وأخرى للعب في الأماكن الخضراء"، التي تحتوي على غطاء نباتي وهواء نقي "ولابد من تنظيم توقيت الدراسة والمراجعة بالتحبيب والترغيب والجو المريح للطفل، حتى يشعر بالمتعة والاهتمام العائلي"، ونبهت إلى ضرورة أن لا "يمارس بعض الآباء سلوكا خاطئا دون وعي، وهو حجز الطفل في غرفة، ليبقى بعيدا عن الأحداث" مؤكدة أنه "بالعكس، مرافقة الطفل والشرح له وإفهامه وجعله يتفاعل مع الأحداث بواقعية، وهو ما يجعله يحسن السلوك ويقوم من تلقاء نفسه، بارتداء الكمامات وغسل اليدين والتنظيف الدائم، وهو بدوره سيكون عونا لأصدقائه خارج البيت". المال ليس حلا للمشاكل... اللطف هو ما يحتاجه الطفل أوضحت الاستشارية الأسرية، أن الطفل لا يحتاج إلى أن تعطيه الكثير من الماديات، ليتأقلم مع هذا الوضع الراهن، ويسترجع حماسه، بل يحتاج إلى اللطف والنصح باهتمام وحب ورعاية، وهو ما يساهم بشكل كبير في إنشاء بيئة الطفل، التي يحتاجها في إنجاح مساره الدراسي، كما أن مداومة التشجيع النفسي ضروري، نظرا لكل ما مر به خلال هذه الفترة. موضحة في السياق، أن دور الآباء مهم جدا في تغذية الطفل عاطفيا، كي يقلل هذا من المشاعر السلبية. في الختام، قالت المختصة "أود أن أهدي القراء دعاء عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يزرع الراحة داخل الأسرة والسكينة في البيت والأولاد المراهقين والزوج والأهل، وكل من هم حولك، وهذا يدعم الحالة البنائية والشعور للطفل، فكلما خرج من بيئة متزنة، كلما كان تحقيقه للنجاح بامتياز. هذا الدعاء هو: {اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام}، راجية من المولى التوفيق لكل أبنائنا المتمدرسين.