الرأي السائد هو أن هناك رضا عن واقع الإعلام في الجزائر، فلا تكاد تجد من لايحدثك عن إيجابيات الصحافة الجزائرية والحرية التي يتمتع بها ممارسوها إلا من أراد أن تكون المهنة مطيته ليرتفع فوق الناس وفوق القانون، فهذا لن يرضى حتى بالحياة في الجنة لو دخلها ..! ولأن التجربة الإعلامية التعددية الجزائرية شأنها شأن تجربة الديمقراطية فلا غضاضة أن تكون فيها هفوات وتجاوزات تحسب على قصر التجربة أكثر منها على الاستراتيجية الإعلامية التي يراد لها أن تحكم حرية التعبير بصفة عامة. فالإعلامي الجزائري أطلق العنان لرأيه ولقلمه ليخوض فيما كان يعتبره محظورا قبل التعددية السياسية والاعلامية ومايزال من أكثر المحظورات في محيطه العربي وفي عالمه الثالث كذلك حتى أصبحت تجربته الاعلامية محل إشادة من القاصي قبل الداني. غير أن الاعلام ليس حقوقا فحسب ولكنه واجبات كذلك تجاه المجتمع خاصة مادام لا يحيا إلا فيه باحترام قيمه وهويته واختياراته وتلكم أصعب الالتزامات التي يجب على أي إعلامي أن يحترمها وهو يؤدي مهمته النبيلة والخطيرة في نفس الوقت. فحرية الإعلام هي مدخل كل الحريات لأنه هو الصوت الذي تتجلى من خلاله هذه الحريات، وعليه تقع مسؤولية ألا يكبح أو يساهم في كبحها لأن ذلك ينتهي بخنق حريته هو، ومن أجل ذلك يقرن المشرع في هذا المجال بين حرية الإعلام والحق في الإعلام، فإذا كانت الأولى حقا للصحفي فإن الثانية حق لقارئه وعليه أن يطالب به بعيدا عن القراءات الموجهة والتوظيف السياسوي وخدمة المصالح الضيقة.