تبدو مهمة الجزائر في الدور الفاصل من التصفيات الإفريقية، المؤهلة إلى كأس العالم 2022 في قطر، صعبة للغاية، نظرا لنوعية المنافس المتمثل في المنتخب الكاميروني، صاحب الميدالية البرونزية في البطولة الإفريقية، التي اختتمت يوم الأحد الماضي، بتتويج السنغال، إذ تعد "الأسود غير المروضة" الشبح الأسود للمنتخب الوطني، الذي لم يسبق له أن فاز عليه في أي مباراة رسمية، بعد أن جمعتهما 7 مباريات سابقة، توزعت بين 5 انتصارات لمنتخب "الأسود غير المروضة" وتعادلين. إذا كان المنتخب الوطني قد مر بمرحلة فراغ مؤثرة، منذ نكسة نسخة هذا العام من "الكان"، حين خرج من الدور الأول مكتفيا بهدف وحيد ونقطة يتيمة، فإن عجز "الأسود غير المروضة" في الوصول إلى النهائي، يعد عاملا محفزا للعناصر الوطنية، حتى تستعيد معنوياتها مجددا، وتحضر بالجدية المطلوبة، تحسبا للدور الفاصل المنتظر نهاية شهر مارس المقبل، مما يجعل المدرب بلماضي في سباق ضد الزمن لضبط الكثير من الأمور، التي تصب في الشق الفني والنفسي بالخصوص، أملا في افتكاك تأشيرة التأهل إلى مونديال قطر، وبالمرة استعادة أفراح "الخضر" وبعث البسمة مجددا في نفوس الجماهير الجزائرية، التي جدد وقفتها مع العناصر الوطنية، رغم الوجه المخيب في "الكان"، من منطلق تحفيزهم على تجاوز هذه الكبوة، وضبط ساعتهم بشكل جاد مع فصالة مونديال قطر 2022، بغية ترويض "الأسود غير المروضة"، مثلما روضها "الفراعنة" في عقر ديارهم، وأزاحوهم من المربع الذهبي "الكان". كان أول لقاء جمع المنتخبين الوطني والكاميروني، في نصف نهائي كأس إفريقيا 1984 بكوت ديفوار، وانتهت بفوز الكاميرونيين بركلات الترجيح (5-4)، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي. التقى المنتخبان مجددا في الدور الأول لكأس إفريقيا 1986 في مصر، وانتهت النتيجة كذلك (3-2) للمنتخب الكاميروني، الذي كرر فوزه على المنتخب الوطني (2-1) في نسخة بوركينا فاسو عام 1998، وهي نفس النتيجة التي حسمت مباراة ربع نهائي كأس إفريقيا عام 2000، التي احتضنتها نيجيريا وغانا مناصفة. كان آخر لقاء جمع المنتخبين الوطني والكاميروني في أمم إفريقيا، قد احتضنته تونس عام 2004، وانتهى بنتيجة التعادل الإيجابي (1-1)، قبل أن يلتقي المنتخبان مجددا، وهذه المرة في تصفيات كأس العالم 2018، التي لعبت في روسيا. على "الخضر" التعلم من مصر والسنغال قبل الدور الفاصل كان المنتخب الوطني أمام فرص أخرى، لحفظ الدروس وأخذ العبرة من خبايا القارة السمراء، بناء على المسيرة التي حققها المنتخبان المصري والسنغالي، اللذان سارا بخطوات ثابتة نحو النهائي، مما جعل رهانهما التنافس على اللقب القاري، حيث أن "الفراعنة" و"أسود التيرانغا" وظفوا جميع إمكاناتهم للذهاب بعيدا، وهو الأمر الذي تجسد ميدانيا، رغم كل الظروف التي عرفتها نسخة هذا العام في الكاميرون، حيث عرف المنتخب المصري بقيادة محمد صلاح، كيف يتجاوز المتاعب التي واجهها في الدور الأول على الخصوص، بدليل تدشين المنافسة بخسارة أمام نيجيريا بهدف لصفر، قبل أن يتدارك في الجولة الموالية أمام غينيا، محققا فوزا بهدف يتيم، لكن حفزهم على التأكيد في المواجهة الثالثة من دور المجموعات أمام السدان (1-0)، وهو الأمر الذي فتح لهم باب التأهل نحو الدور ثمن النهائي، الذي تجاوزوه على حساب فيلة كوت ديفوار، بفضل ركلات الترجيح، بعد الافتراق على نتيجة التعادل الأبيض، وفي نفس الملعب الذي خسر فيه المنتخب الوطني الرهان، حين اكتفى رفقاء محرز بتعادل سلبي أمام سيراليون، وخسارتين أمام غينيا الاستوائية وكوت ديفوار على التوالي. شهية المصريين زادت أكثر، فأزاحوا المغرب في الدور ربع النهائي، بهدفين مقابل هدف واحد، بعد مباراة قوية استمرت 120 دقيقة، ليكون الموعد التاريخي مع منظم الدورة الذي تم الصمود أمامه في الشوطين الرسمي والإضافي على وقع التعادل الأبيض، لتبتسم ركلات الترجيح لملحة الفراعنة ب(3-1)، في الوقت الذي أصبح الرهان منصبا على التتويج باللقب أمام المنتخب السنغالي، الذي حقق هو الآخر مسارا متميزا بقيادة الورقة الرابحة ساديو ماني، الذي كان وراء أبرز التمريرات الحاسمة التي حولها زملاؤه إلى أهداف في هذه الدورة، حيث حققوا فوزا وتعادلين في الدور الأول، وأزاحوا الرأس الأخضر وغينيا الاستوائية، ثم بوركينافاسو في الأدوار ثمن وربع ونصف النهائي على التوالي، مسجلين حضورهم في النهائي لثاني دورة على التوالي، وكللت عزيمة السنغال بالتتويج القاري لأول مرة في تاريخه، على حساب مصر بنتيجة (4-2) بركلات الترجيح، بعد التعادل دون أهداف في النهائي الذي امتد ل120 دقيقة، سهرة الأحد الماضي، بملعب (أوليمبي) بياوندي الكاميرونية. الواضح أن مسيرة مصر والسنغال في نسخة هذا العام، تستحق أن تكون أفضل دروس إفريقية للمنتخب الوطني الذي خرج من الدور الأول بطريقة مخيبة، مما يتطلب استعادة الروح القتالية، مع مراجعة الخيارات الفنية من طرف المدرب بلماضي، ناهيك عن الاستثمار في العناصر القادرة ،على منح الإضافة، قبل أسابيع قليلة عن موعد فاصلة المونديال أمام منتخب الكاميرون. في السياق ذاته، يجمع الكثير من المتتبعين على أهمية الاستفادة من تجربة المنتخب المصري، الذي بدا قويا من ناحية اللعب الجماعي، وهو الذي يبقى أغلب تعداده من خريجي البطولة المحلية، ناهيك عن حنكة المدرب كيروش، وتدعيم طاقمه بمساعدين كانوا من صانعي أفراح منتخب "الفراعنة" لعدة سنوات، مما يعكس -حسبهم- أهمية الخبرة والاستقرار ومزج المحترفين بالمواهب المحلية، لإحداث ثورة كروية نوعية ودائمة. فرصة بلماضي لضخ دماء جديدة يأمل المحيط الكروي في مستجدات جديدة تخدم المنتخب الوطني، تحسبا للدور الفاصل أمام المنتخب الكاميروني، حيث يرتقب الكثير حركية إيجابية بعد مخلفات الميركاتو الشتوي، الذي عرف تسوية وضعية بعض الأسماء المعول عليها، وفي مقدمة ذلك؛ يوسف بلايلي، الذي حط الرحال بنادي برست الفرنسي، والهداف إسلام سليماني الذي غادر ليون، مفضلا العودة إلى سبورتينغ ليشوبة، والكلام ينطبق على عناصر جزائرية أخرى قامت بتنقلات في بطولات أوروبية وخليجية. لم يخف المحيط الكروي الجزائري، اهتمامه بمخلفات الميركاتو الشتوي، في ظل التركيز على مستجدات عديد الأسماء الناشطة في المنتخب الوطني، وسط تفاؤل بإمكانية استقرارها، حتى تكون جاهزة لرهان الدور الفاصل، الذي ينتظر تشكيلة المدرب بلماضي أمام المنتصر الكاميروني، نهاية الشهر المقبل. يبدو أن العنصر البارز يوسف بلايلي، يعد من الأسماء التي صنعت الحدث في هذا الميركاتو، بعدما قرر إنهاء فترة البطالة المؤقتة، حين التحق بنادي برست الفرنسي، ورهانه منصب على إبراز إمكاناته في البطولة الفرنسية، وبالمرة ضمان جاهزيته التنافسية، تحسبا لموعدي الكاميرون، خاصة أن الناخب الوطني اشترط في وقت سابق، أن يكون ل"ابن الباهية وهران"، فريق حتى يعتمد عليه في المحطتين المقبلتين. يبدو أن هذه الخطوة من شأنها أن تصب في خدمة "محاربي الصحراء"، خصوصا أن بلايلي من الأوراق الرابحة القادرة على صنع الفارق وقلب الموازين، بدليل مساهمته الفعالة في التتويج بكأس العرب، كما أنه يعد العنصر الأقل سوء في كأس أمم إفريقيا، التي عرفت خيبة كبيرة بعد خروج "الخضر"، من الدور الأول. في ذات السياق، فضل الهداف إسلام سليماني مغادرة فريق ليون الفرنسي، وعاد مجددا إلى البطولة البرتغالية من بوابة فريقه السابق، سبورتينغ ليشبونة، تجربة يعول عليها سليماني لمنح الإضافة، واستعادة نشوة التهديف التي حرم منها في العرس القاري بالكاميرون. تجهيز وسط الميدان ودعم الهجوم لمجابهة "الأسود غير المروضة" من جانب آخر، اختار الظهير الأيسر مهدي زفان التعاقد مع فريق الانيا سبور التركي، وهي تجربة من شأنها أن تصب في خدمة أحد عناصر "الخضر"، حتى يكون في مستوى تطلعات الناخب الوطني الذي سيكون أمام فرصة مهمة، للوقوف على الأسماء التي من شأنها أن تمنح دما جديدة لتشكيلة "الخضر"، تحسبا للموعد الفاصل المؤهل إلى المونديال، مما يفرض ضخ دماء جديدة، في ظل الإفلاس الحاصل في خط الوسط والعقم الهجومي، الذي أفقد المنتخب الوطني طموحاته في الدفاع عن لقبه، خلال العرس القاري بالكاميرون، ناهيك عن الانهيار الذي ساد الخط الخلفي بعد تلقيه ثلاثية كاملة أمم كوت ديفوار، وهدف قاتل في الجولة الثانية أمام غينيا الاستوائية، وهو ما تسبب في خسارة صادمة، أخلطت جميع الحسابات ورهنت نفسيا حظوظ "الخضر" في المرور إلى الدور الثاني. يذهب الكثير من المتتبعين إلى التأكيد، بأن المدرب جمال بلماضي سيكون لزاما عليه معاينة الكثير من الأسماء التي الناشطة في البطولات الأوروبية والخليجية، بغية إعادة النظر في بعض خياراته الفنية، وبالمرة ضرورة إحداث ثورة حقيقية لضخ دماء جديدة في بعض المناصب الحساسة، على ضوء الإقصاء المخيب من الدور الأول خلال نهائيات "الكان"، حيث يجمع الكثير على أهمية منح الفرصة لبعض الأسماء التي بمقدورها صنع الفارق، بناء على الوجه الذي تقدمه مع أنديتها، وعلى مخلفات الميركاتو الشتوي الذي عرف عدة تنقلات، من بينها لاعب المنتخب المحلي الطيب مزياني، الذي انضم إلى نادي أبها السعودي، والمهاجم أسامة درفلو الذي اختار نادي زفولة على سبيل الإعارة، وإعادة النظر في المهاجم بن يطو، وإمكانية وضع الثقة في عمورة، مقابل وضع عدة أسماء في الصورة، خاصة تلك التي خيبت الظن في دوالا الكاميرونية، من خلال دعوتها إلى مراجعة حساباتها، في صورة القائد رياض محرز والمهاجم بونجاح، وأسماء أخرى لم تكن في مستوى تطلعات الجماهير الجزائرية. رغم سقوطهم .. الكاميرونيون يخططون للإطاحة بالجزائر رغم نكستهم ورغم فشلهم بالاحتفاظ بكأس أمم إفريقيا على قواعدهم، وهم الذين قاموا بكل شيء من أجل هذا، إلا أن الكاميرونيين يُخططون للفوز على المنتخب الوطني، ونيل بطاقة التأهل لِكأس العالم 2022 بِقطر، بعد بعد تبخر حلم التتويج بالنجمة القارية السادسة في عقر دارهم، وعليه دعا رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم مجدجا، صامويل إيتو، لاعبي منتخب بلاده إلى ضرورة التركيز في الفترة القادمة ومضاعفة الجهود، تحسبا لمواجهة المنتخب الجزائري نهاية شهر مارس القادم. قال المسؤول الأول عن الاتحاد الكاميروني لكرة القدم للاعبيه، إنه ينتظر منهم رد فعل إيجابي في مواجهة المنتخب الجزائري يومي 24 مارس و29 من الشهر ذاته، مؤكدا لهم أن الأمر يتعلق بتأشيرة المونديال أمام أفضل منتخب إفريقي، وبطل القارة السمراء، قبل أن يرفع من شأن زملاء أبوبكر ويؤكد لهم أنهم لا يقلون شأنا عن نظرائهم من المنتخب الجزائري. علق إيتو في هذا الصدد: "اعلموا أنه تنتظركم مباراتان مهمتان نهاية شهر مارس المقبل أمام المنتخب الجزائري، تحسبا لبلوغ نهائيات كأس العالم، الموعد سيكون أمام بطل إفريقيا، وأنتم أيضا أثبتم أنكم أقوياء، من خلال المستويات التي قدمتموها في كأس أمم إفريقيا". الجدير بالذكر، أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها إيتو مع اللاعبين الكاميرونيين عن مباراة الجزائر الفاصلة، المؤهلة إلى كأس العالم، حيث سبق له ذلك عقب إقصاء "الأسود غير المروضة" أمام مصر، من بلوغ النهائي الإفريقي، وهو الأمر الذي جعل المهاجم الأسبق لبرشلونة الإسباني ينتهج خيار تذكير المجموعة بالمونديال، للرفع من معنوياتها عقب توديع العرس الكروي القاري على أرضهم، وأمام الجزائروالكاميرون، في تصفيات المونديال وقصة "الشبح الأسود". من جهته، قال متوسط الميدان أندري أنغيسا في تصريحات للإعلاميين، عقب مواجهة مصر: "علينا طي صفحة كأس أمم إفريقيا وتناسي هذه المنافسة، والتفكير بجد في مواجهتي الجزائر". مضيفا أن العزيمة موجودة، مع طموح مشروع لتحقيق المبتغى. أما اللاعب الدولي الكاميروني السابق والمعتزل سيباستيان باسونغ، فقال: "لاعبونا بِحاجة إلى تحليل الخطأ الذي حدث وتحمل المسؤولية، لا ألم يدوم إلى الأبد، وسيعودون إلى الخلف من أجل تحقيق وثبة أفضل"، في إشارة إلى محاولة التدارك وتصحيح المسار أمام "محاربي الصحراء".